جورج خباز: المسرح الخليجي لا يشبه مسرحنا وأنا معجب بداود حسين وعبد الحسين عبد الرضا

يحضر لمسرحية «مش مختلفين» التي تتناول الزواج المختلط

جورج خباز
TT

قال الممثل اللبناني جورج خباز إن المسرح الخليجي هو أحد أهم المسارح على الساحة الفنية العربية وأعرقها وإنه شخصيا معجب بالممثلين الكويتيين داود حسين وعبد الحسين عبد الرضا مشيرا إلى أنه قليلا ما يتابعه لصعوبة فهمه لبعض العبارات الخليجية (بسبب اللهجة) وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «ليست اللهجة فقط التي تشكل الحاجز بيننا بل أيضا عدم تشابه مجتمعاتنا لأن الهموم التي ينقلها المسرح الخليجي لمشاهديه تختلف عن همومنا وهواجسنا نحن كلبنانيين فالمسرح هو مرآة أي مجتمع إلا إذا بحث في العمق الإنساني كمسرح شكسبير عندها تصبح مواضيعه عامة بإمكانها أن تصل إلى جميع الشرائح».

واعتبر أن مسرحياته تعتمد على أربعة عناصر الحركة والكلمة والموقف والنقد وأن الضحك يكون في معظم الأحيان من نوع الكوميديا السوداء أي المضحك المبكي موضحا أن كل ما يقدّمه يشبه مجتمعنا اللبناني وما نعانيه من هواجس ويقول: «عندما أكتب أستحضر نماذج عدة من الحياة لا سيما تلك التي تنبع من داخلي فيكون فيها بعض من جورج خباز الطفل والجاهل والمثقف والجدّي وكل ما خزنته ذاكرتي في حياتي مع والدي اللذين هما أيضا كانا يعملان في مجال الفن وكانا يصطحباني وإخوتي إلى أعمال مسرحية عدة لشوشو مثلا أو نبيه أبو الحسن ودريد لحام وغيرهم وأكون بذلك أنقل أحاسيس الناس التي لا يعرفون ترجمتها».

ويشرح جورج خباز سبب الضجيج والعجقة في مسرحه فيقول: «اللبناني يتكلم كثيرا ويستعمل كثيرا يديه عندما ينتابه الحماس ويتنقل كثيرا بمواقفه ويضحك ويبكي على حاله وكل ذلك مجتمعا يشكل هذه الخلطة على المسرح وهذا ما اتبعه الكاتب الفرنسي موليير إذ كان يقتبس نصوصه المسرحية من مواقف الناس وقد تجلى ذلك بوضوح في روايته الشهيرة (البخيل) والتي برع فيها إلى حد ارتباط اسمه بها لأنه كان بحد ذاته شخصا بخيلا».

وعن سبب تأثره بأسلوب شارلي شابلن التمثيلي يردّ خباز في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أبهرني ببساطة أدائه ذات المضمون القوي هذه اللغة الانسيابية التي يفهمها كل الناس دون استثناء الطبيب والقاضي والولد والفلاح فيقهقه كما يبكي وبالنهاية يضحك.. إنه فنان عميق وعظيم يملك مستوى عاليا في الإحساس». ويضيف: «لقد تعلمت منه الكثير في معالجاته الكوميدية ذات القالب المأساوي المضحك على الرغم من أنها صامتة والتي تدرّس في الجامعات فهذا الفنان لديه إمكانات هائلة».

ويرى الفنان اللبناني الذي يدرّس مادة المسرح في إحدى الجامعات في لبنان أن مسرح دريد لحام هو امتداد لفن تشارلي شابلن في العالم العربي وأن البعض يشبّه مسرحه به أو بزياد الرحباني أو بشوشو ووودي آلن وأنه يفتخر بذلك على الرغم من أنه كما يقول لا يشكل ولو نقطة في بحرهم إلا أن ما يجمعه بهم هو تقديمه كوميديا القضية كما أنه لا يستخف بعقل الناس وهذا هو الأهم.

ويصف مسرحيته الجديدة «مش مختلفين) بالقول: «إنها مسرحية تتناول مشكلة أساسية في مجتمعنا اللبناني وهي عدم تقبّلنا الآخر وقد طرحت الموضوع من خلال الزواج المختلط وسيعي المشاهد أن الإنسان هو إنسان بصرف النظر عمن يكون لأن أحدا منا لم يختر مكانه وزمانه».

وعن سبب تفرّده الدائم بالكتابة والإخراج والإنتاج لمسرحياته إضافة لمشاركته دائما في ادوار البطولة فيها ردّ قائلا: «نحن في الشرق لا نعرف أن نتقاسم لا النجاح ولا الفشل فإذا حقق أحدهم الهدف الأول نسبه لنفسه فيما لو حقق الثاني رماه على الآخر من هذا المنطلق أتحمل مسؤولياتي كاملة أن فشل العمل أو نجح».

ورأى جورج خباز أن الهدف الأهم الذي يجب العمل عليه حاليا هو مصالحة الناس مع المسرح إذ إننا نشهد حاليا تراجعا في نسبة رواده، مشيرا إلى أن العقدة تكمن في اللغة المسرحية المتبعة من قبل البعض في أعمالهم والتي لا تخاطب الجمهور المتعطّش لما يحاكي أفكاره وأحاسيسه.

والمعروف أن الفنان جورج خباز شارك في عدد من المسلسلات التلفزيونية وأحدثها «القناع» الذي تقاسم فيه دور البطولة إلى جانب كل من الممثلين جورج شلهوب وكارمن لبس فبرع إلى حدّ جعل المشاهد يتساءل عما إذا كان اتخذ قرارا في التخلي عن أدواره الكوميدية والانخراط في العمل الدرامي جدّيا فردّ موضحا: «هذا الدور أحرز جدلية لدى المشاهد إذ إن البعض لم يتقبل جورج خباز الممثل الجدّي فيما آخرون صدّقوني ورأوا أني أجدت التمثيل. فالدور هو مجموعة تناقضات موجودة في شخصية واحدة البعض لم يستوعبه لأنه اعتاد على تسطيح الشخصيات والكليشيهات في هذا الإطار ولكني فخور جدا بما حققته في هذا المسلسل وهو برأي من أجمل الأدوار التي قمت بها وقد تطلّب مني الأمر أبحاث عدة لأتعرّف حقيقة على كيفية تصرّفات الشخص المهووس بحب يعتبره محور حياته أن من خلال تقنية الصوت أو تعابير الوجه فكان عملا تلفزيونيا قريبا إلى العمل السينمائي ولكني بالتأكيد لن أنخرط في العمل الدرامي لأنني شغوف بالمسرح الذي اعتبره مكاني الحقيقي».

وكان الفنان جورج خباز قد انتهى مؤخرا من مشاركته في فيلم سينمائي من كتابته بعنوان «غدي» ويتناول قصة ولد مختلف من أصحاب الحاجات الخاصة الذي يعتبره أولاد الحي الذي يسكن فيه أنه يشكل مصدر إزعاج لهم فيطالبون بإرساله إلى مؤسسة خاصة تعتني به إلا أن والده (جورج خباز) يرفض سلخه عن مجتمعه ويقرر وبأسلوب ذكي فيه الكثير من الفانتازيا أن يقلب هذا الواقع بحيث يتحول من هم ضد ولده إلى الدفاع عنه. مخرج الفيلم هو اللبناني أمين درّة ويشارك فيه مجموعة من الممثلين اللبنانيين أمثال أنطوان ملتقى ومنى طايع وكميل سليمان وغيرهم وعلّق خباز على الفيلم قائلا: «أنا أكيد من أن هذا الفيلم سيشكل علامة فارقة في السينما اللبنانية لأنه يتضمن خلطة لم يسبق أن شاهدناها في هذا الإطار انطلاقا من الحس الكوميدي والسريالية بعيدا عن العبثية لأن كل شيء يدور ضمن المنطق كما أن تقنية التصوير المتبعة في الفيلم إضافة إلى الحوار والحبكة المعتمدين فيه لا شك سيحدث محطة فريدة من نوعها في هذا المجال».