الموهبة وحدها ليست كافية في هذه اللعبة

في سباق الممثلات والمخرجين

ميشال هنيكه مع ممثليه و جسيكا شستين
TT

عندما لعبت جنيفر لورانس دورها الرئيسي الأول في فيلم «عظام شتوية» Winter Bone سنة 2010 فوجئت بنفسها في عداد مرشحات الأوسكار في العام التالي. حينها نافستها أربع ممثلات لعبن أدوارا مميزة أيضا هن ميشيل ويليامز عن «بلو فالانتاين» ونيكول كيدمان عن «جحر الأرنب» وأنيت بَنينغ عن «الأولاد بخير» ونتالي بورتمان عن «البجعة السوداء». ومع أن تمثيل لورانس أقل بهرجة في فيلم أفضل صنعا، إلا أن الأوسكار في هذه المسابقة ذهب إلى بورتمان. ليس لأن بورتمان لم تكن جيدة فيما قامت به، لكن الاكتشاف الحقيقي بين كل هؤلاء الممثلات كانت لورانس.

عامان فقط وجنيفر لورانس ليست جديدة على الإطلاق. لقد لعبت بنجاح جماهيري مذهل بطولة «لعبة الجوع» وتبعته بدور يبرز موهبتها الجيدة مرة أخرى هو «كتاب مخطط بالفضة» وهو ما جعلها تعود إلى حلبة المنافسة مع متسابقات جديدات عليها.

كونها تتقدم ثانية لن يرفع من فرصها على الإطلاق، خصوصا وهي تواجه احتمالات، ثلاثة منها متساوية الحظ جدا هي: لجسيكا شستين عن دورها في «زيرو دارك ثيرتي» وناوومي ووتس عن «المستحيل»، والفرنسية إيمانويل ريفا عن دورها في «حب». المرشحة الخامسة هي كوفنزانه ووليس وهي صاحبة الحظ الأضعف ليس لأنها لم تمثل جيدا في «وحوش البراري الجنوبية»، بل لأن تبرير منح الممثلة ذات الأعوام الـ12 الجائزة عنوة دون منافساتها سيطرح علامة تعجب ليست في مصلحة الأكاديمية، مما يجعل مبرراتها ضعيفة حيال الممثلات الناضجات وذوات الخبرات الأبعد منالا بكل تأكيد.

معنى هذا الكلام أن المنافسة المحسوبة هي بين لورانس وشستين وووتس ثم ريفا. والسبب في حدتها أن أيا منهن لا تكتنز علامات إجادة فارقة للغاية. صحيح أن الممثلة الفرنسية المخضرمة (85 سنة) لديها خبرة التمثيل تحت إدارة كبار المخرجين الأوروبيين من جيلو بونتيكورفو إلى جان - بيير موكي، ومن جورج فارانجو إلى ماركو بيلوكيو وصولا إلى مخرج فيلم «حب» ميشال هنيكه، إلا أن معظم أعضاء الأكاديمية لا يعرفون عنها ولا عن أفلامها الخمسين أو نحوها إلا النزر القليل جدا. على عكس جولييت بينوش وماريون كوتيار أو إيزابيل أوبيرت وكاثرين دينوف، بقيت ريفا في الظل حين كانت ممثلة شابة وحين كانت ممثلة ناضجة وحتى أعاد هنيكه تصديرها وهي في سن متقدم. إلى ذلك كله، لم تمثل ريفا في حفنة أفلام ناطقة بالإنجليزية كما فعلت زميلاتها المذكورات، ولم يسبق ترشيحها للأوسكار أو لـ«غولدن غلوب» أيضا.

ستفوز ريفا في حالة واحدة فقط: اقتناع كل أعضاء لجنة التحكيم أن تمثيلها يعلو مسافات عن تمثيل زميلاتها، وهذا لن يحدث.

ما سيحدث هو أن أعضاء الأكاديمية سيفكرون أميركيا هذه المرة وفي هذه الحالة، وبعد استثناء أصغر المرشحات (ووليس) أسوة بأكبرهن (ريفا) سيحصرون التفكير في الثلاث الباقيات ناوومي ووتس وجنيفر لورانس وجسيكا شستين.

التفكير، حسب هذه القراءة التي تحاول أن تفكر منطقيا إذا كان هذا ممكنا، أن الصراع إذ سينحسر بين هؤلاء الأميركيات الثلاث، فإن بعضهن ربما سيؤلن إلى الخروج من الاعتبار أسرع من سواهن.

ناوومي ووتس أضعف الاحتمالات هنا بالنظر إلى أن دورها ملقاة على سرير المرض لنصف وقتها في فيلم «المستحيل» لا يستطيع أن يفرض نفسه على الأدوار الأخرى كثيرا. نعم أداء ووتس في النصف الأول كان جهدا بدنيا ملحوظا والممثلة جيدة في التعبير عن خلجاته كما يتطلب الأمر، لكن ليس هناك دراما عميقة أو فعلية خاصة بها. إنها في هذا الإطار جزء من معاناة العائلة كلها وليست من تقود أو تنبري لها عنوة دون الجميع.

هذا ما يبقينا أمام حالتين فقط: جسيكا شستين وجنيفر لورانس: الأولى تقدم دورا هو – فعليا - أقوى من ذلك الذي تؤديه جنيفر: شستين في «زيرو دارك ثيرتي» تجبرك على التفكير معها على نحو جاد وتقدم شخصية عليها أن تبقى طوال الوقت محبوبة - مكروهة لا حسب موقع المشاهد مما يدور الفيلم حوله، بل تبعا لما تجسده من دور يحتم عليها أن تكون مُدانة ومدينة في الوقت ذاته.

أما جنيفر لورانس فهي في الدور المرح غصبا عن شخصيتها المفترض بها أن تكون جادة، في فيلم خفيف على الرغم عنه أيضا.

على صعيد قائمة أفضل الممثلات المساندات، هناك «أوسكار» ينتظر آن هاثاواي، وهي الأعلى توقعا. ليس فقط أن فوزها في مسابقة البافتا عن دورها المساند في «البائسون» منحها فيتامين أمل لفوز جديد فقط، بل هي أكثر الممثلات اللاتي تمتعن بفرصة مزج التمثيل والغناء معا، والأكاديمية عادة ما تحب ذلك.

الأخريات جيدات بدورهن: هيلين هَنت عن «الفصول» وآمي أدامز عن «السيد» وسالي فيلد عن «لينكولن» ثم جاكي ويفر عن «كتاب مسطر بالفضة». أبرزهن ستكون سالي فيلد على أساس أنها قديمة العهد أكثر من سواها. وهي سبق لها أن فازت بأوسكار مرتين من قبل الأولى عن دورها في «نورما راي» سنة 1979 والثانية عن «أماكن في القلب» سنة 1984. المختلف هو أنها في «لينكولن» لديها هامش صغير لكي تُجيد فيه. الفيلم يدور عن (ابنها) لينكولن (دانيال داي - لويس) وهي في الظل أكثر بقليل مما يجب.

ما سبق توقعات مبنية على فنية الأداء ونوعية الإخراج وكيفية تعامله مع الممثلين مما ينقلنا إلى المخرجين أنفسهم ومن نراه يستحق الفوز ومن سيفوز بالفعل.

ميشال هنيكه يبزهم جميعا من حيث خبرته في إدارة الممثلين على نحو طبيعي. ليس فقط أن إيمانويل ريفا تقدم أداء ممعنا في التعبير الصلب بأقل قدر من الكلمات؛ بل هناك زميلها الممثل جان - لوي ترتنيان الذي سقط من حسابات أعضاء الأكاديمية على نحو غريب. فكل من ريفا وترتنيان متماثلان جدا في خواصهما الفنية وفي البذل الجامع بين السن والخبرة وقوة الأداء.

هذا بفضل مخرج يصر على استخراج ما هو طبيعي وغير مصطنع أو وهاج من كل من يعملون تحت إدارته، وهو في هذا على عكس كامل من ستيفن سبيلبيرغ الذي يتعامل والممثلين على الطريقة الأميركية الكلاسيكية.. يمنحهم الأدوار ويجعلهم يتحركون وسط عناصر الإنتاج ذاتها مما ينسكب على شخصياتهم. إنهم في وسط مخاطر أسماك القرش في «جوز»، ووسط الحرب اليابانية الصينية في «إمبراطورية الشمس»، وهو وضع توم كروز في عالم مستقبلي خطر في «تقرير الأقلية» وحتى حين أخرج «قائمة شيندلر» الذي خرج بسبع أوسكارات بينها واحدة لسبيلبيرغ أفضل مخرج وثانية له منتجا، عالج الممثل تبعا للمكان وعناصر الإنتاج. كل من ليام نيسون (في دور الألماني شيندلر) وراف فاينس (في دور الضابط النازي) كان من ضمن المرشحين لجائزتي أفضل ممثل وأفضل ممثل مساند لكنهما لم يحظيا بهما.

الغالب هنا هو أن سبيلبيرغ سيجد منافسة شديدة من قبل آنغ لي عن «حياة باي» أكثر مما سيجدها قادمة من ميشال هنيكه عن «حب» والسبب هو أن «حب» مرشح لأفضل فيلم أجنبي، مما يعني أنه من المستبعد أن يربح أوسكار أفضل فيلم (بالمطلق) أيضا.

المخرجان الآخران يدركان أنهما ليسا في وضع مريح: بن زيتلين عن «وحوش البرابري الجنوبية» وديفيد أو راسل عن «كتاب مسطر بالفضة» لا يقويان، على حسناتهما، على تجاوز فرسان هذا العام هنيكه وسبيبليرغ ولي.

* الممثلات الأكثر احتمالا للفوز بأوسكار أفضل تمثيل رئيسي:

* 1- جسيكا شستين 2- جنيفر لورانس 3- إيمانويل ريفا 4- كوفنزه ووليس 5- ناوومي ووتس الممثلات الأكثر استحقاقا للفوز 1- جسيكا شستين 2- إيمانويل ريفا 3- كوفنزه ووليس 4- جنيفر لورانس 5- ناوومي ووتس

* المخرجون الأكثر استحقاقا للفوز بالأوسكار

* 1- ميشيل هنيكه 2- آنغ لي 3- ستيفن سبيلبيرغ 4- بن زيتلين 5- ديفيد أو راسل