صالة لواحد

ثلاث أخوات في الصين البعيدة

لقطة من «ثلاث شقيقات»
TT

(Three Sisters) إخراج: وانغ بينغ تسجيلي | الصين 2012 تقييم: (3*) (من خمسة).

هناك صين بعيدة لا تجد طريقها إلى الأخبار، ولا تجد فيها وكالات الأنباء ما يـثير. لا تظهر على شاشات التلفزيون ولا تتخاطفها العناوين الصحافية. عند هذه الصين ذاتها يتوقـف المخرج وانغ بينغ لينقل صورة حقيقية، ولذلك داكنة، عن حياة قاسية بعيدة عن العين.

إنها السينما مرة أخرى التي تتجاوز المتهافت عليه من واجهات وأحداث، وبينغ، مرة ثانية، هو من يكترث للبحث عن حقائق غير معلنة ولا حتى معروفة، إذ سبق له أن قدم «الخندق» سنة 2010: جمع غير موفـق تماما، حاول فيه إعادة تسجيل أحداث وقعت خلال «الثورة الثقافية» في الستينات عندما تم إرسال متـهمين سياسيين إلى منطقة وعرة ونائية عقابا لهم فأدمنوا أكل الجرذان و- لاحقا - لحم الآدميين. مشكلة الفيلم كانت استطراده بعدما أسس الواقع، ثم انتقاله من إعادة التسجيل إلى التأليف من دون وحدة عمل، وبكثير من المغالاة في إدارة ممثليه في نصف الساعة الأخيرة من الفيلم.

في فيلمه الجديد، هناك استطراد بلا ريب. الفيلم يقع في نحو ثلاث ساعات وليست كلـها ضرورية. لكن «ثلاث شقيقات» (الذي خرج مؤخرا بالجائزة الأولى من مهرجان فريبورغ السويسري) تسجيلي محض، إذ ليس هناك من داع لأن يقوم المخرج الصيني (الذي تموله شركات فرنسية) بإعادة تركيب مرحلة فائتة بشخصيات من ممثلين، سواء أكانوا محترفين أم لا.

إنه عن ثلاث شقيقات، (كبراهن اسمها سون في العاشرة من العمر وهي من يمنحها الفيلم وقته الأطول)، يعشن في مقاطعة يونان (Yunnan) قريبا من الحدود مع بورما. الأم هجرت العائلة، والأب يعمل بعيدا في بلدة أخرى، وهؤلاء الفتيات الصغيرات متروكات وحدهن. سون، كونها الأكبر، عليها أن تعمل في المزرعة وتعنى بحيواناتها وترعى شقيقتيها. التعليم متوافـر، لكن سون لا تستطيع أن تؤمـه بشكل منتظم. والسائد هو أن تجدها تجهد في العمل في المزرعة من دون أن تعرف شكلا آخر للحياة. ولا تسل عن أحلام أو تفاؤلات… كل شيء في هذا الركن من العالم مهمل كما حال الفتيات الصغيرات.

وانغ، لا يخشى الإشارة إلى أن النجاح الاقتصادي الصيني الذي يتحدث عنه الجميع لا يتجاوز حدود المدن وضواحيها، وكلـما توغـل المرء في المناطق البعيدة اكتشف المسافة الواسعة بين القمـة والقاع. مشكلة وانغ بينغ ما زالت واحدة: لا يكتفي من التصوير. ليس لديه حس بالزمن حتى ولو تكرر المشهد الذي أمامه ونضج باكرا بحيث صار من الضروري الانصراف إلى ما سواه.

* جولات وجوائز

* شهد «الشقيقات الثلاث» افتتاحه العالمي في مهرجان «فينيسيا»، حيث نال جائزة قسم «آفاق»، ثم انتقل إلى مهرجان تورونتو (بلا مسابقة)، وحط في مهرجان دبي في مسابقة المهر لأفضل فيلم آسيوي - أفريقي وخرج بجائزة أفضل فيلم تسجيلي. وجال بعد ذلك على مهرجانات صغيرة ومتوسطة، بينها «مهرجان القارات الثلاث» في مدينة نانت الفرنسية.