صالة لواحد

داستين هوفمان وراء الكاميرا خلال تصوير رباعي
TT

إخراج: داستين هوفمان دراما/ بريطاني 2013 تقييم: (3*)(من خمسة) الخبرة الكبيرة التي يكتنزها الممثل داستين هوفمان تلتقي والخبرة الأكبر لدى عدد من الممثلين البريطانيين الذين يرصعون واجهة هذا الفيلم.. هنا لدينا ماغي سميث، توم كورتني، بيلي كونولي، بولين كولينز ومايكل غامبون الذين عملوا في السينما والمسرح منذ عقود، يلتهمون النص الذي وضعه رونالد هاروود ويلوكونه مرات عدة من دون أن يبدو علي أي منهم حركة خاطئة واحدة. يمسك كل منهم بشخصيته مبرهنا على أن فن التمثيل البريطاني ما زال مختلفا عن سواه بذلك القدر من المزج بين الفهم الكامل للشخصية والفهم السليم لمعالجتها. صحيح أن المادة المسرحية التي تشكل أرضية هذا الفيلم ليست مبهرة ولا هي شاسعة الأحداث أيضا، لكن الممثلين المذكورين يصوغون ظهورا يقوى على المادة المكتوبة بلا ريب.

تقع الأحداث في قصر اسمه «بيتشام هاوس» تعيش فيه مجموعة من الفنانين الموسيقيين المسنين الذين شهدوا نجاحاتهم في سنوات الأمس. تحديدا هناك ثلاثة من مغني الأوبرا السابقين يقدمهم الفيلم منذ البداية محددا المكان والزمان سريعا وهم ريغي (توم كورتني) وولفرد (بيلي كونولي) وسيسي (بولين كولينز).. وستنضم إليهم جين (ماغي سميث) ووجودها يثير اضطرابا كونها الزوجة السابقة لريغي منذ سنوات بعيدة.. ذلك الزواج الذي دام «تسع ساعات» كاملة قبل أن تتركه لرجل آخر. ريغي لا يزال يحبها، لكنه يخفي ذلك منتظرا منها أن تتركه وشأنه أو أن تعتذر عن الجرح العاطفي العميق الذي تسببت فيه، وهي تفعل ذلك، وعندما يتلاءمان من جديد كصديقين قديمين يكون ذلك بداية انزلاق الفيلم صوب مشاهد لا تحوي نبضا خالصا ولا طرحا جديدا.

لكن الفيلم يبدأ وينتهي على نحو أفضل من تلك الفترة المتوسطة التي تكشف عن نحافة الخط العمودي للأحداث وللنص بأسره. ربما المسرح أفضل تكثيفا وملاءمة لهذه المادة، لكن المخرج لأول مرة (الممثل) داستين هوفمان لا يدع ذلك يثنيه عن قراره بالاحتفاء لا بالمادة وكاتبها بقدر الاحتفاء بالممثلين وإدارته لهم على نحو ليس بعيدا - في مشاهد معينة - عن التقنيات التي يمارسها بنفسه.

هوفمان ليس روبرت ألتمان، وما استطاع ألتمان فعله في أفلامه التي اعتمدت على مناسبة تجتمع فيها شخصيات متنافرة في مكان واحد (خذ مثلا «عرس» و«خماسي» و«ثلاث نساء»، وكلها وردت في السبعينات) غائب هنا، وهي المعالجة الساخرة لكل القضايا الجادة التي يثيرها. نعم في «رباعي» هوفمان ذلك المرح والكوميديا، لكن السخرية هي الغائبة، وكان يمكن لوجودها فعل الكثير لصالح الفيلم.

* بداية جديدة لهوفمان؟

* ربما يكون الفيلم الأول والأخير للممثل داستين هوفمان، وربما هو بداية لبضعة أفلام ينشد تحقيقها. لكن هوفمان بدأ هذا التغيير، بصرف النظر عن استمراريته أو عداها، متأخرا بعض الشيء. هوفمان (75 سنة) عُرف بصفته ممثلا بارعا ومتنوعا منذ منتصف الستينات، وحقق نجاحه مراهقا يدخل تجربة الرجولة لأول مرة في «الخريج» لمايك نيكولز (1967)، وكرر نجاحه ذاك في «رجل كبير صغير» لآرثر بن سنة 1970، ثم شق طريقه بنجاح واحدا من أهم وجوه السبعينات والثمانينات، قبل أن ينحسر وسواه من جيله عن الشهرة ولو بقي في الأضواء إلى اليوم.