المشهد الأول

قبل الغروب والشروق ومنتصف الليل

«قبل منتصف الليل» مع هوك ودلبي
TT

* الثلاثي رتشارد لينكلتر وإيثان هوك وجولي دلبي يعاودون اللقاء في فيلم ثالث من سلسلة سينمائية تختلف عن مسلسلات «سوبرمان» و«ستار ترك» و«روكي» من حيث إنها ليست أفلاما استهلاكية شعبية وترفيهية على الإطلاق. بل هي في صميم السينما المستقلة التي ارتكبها المخرج لينكلتر منذ عقود ونجح فيها في نطاقها المحدود إنتاجيا وجماهيريا. ففي البداية كان هناك «قبل الشروق» سنة 1995: دراما صغيرة آسرة حول مؤلّـف أميركي في باريس (إيثان هوك) يلتقي بامرأة فرنسية ويمضي بعد الظهر في صحبتها بين المقاهي والحدائق والحوارات الوجدانية المختلفة. انتهى الفيلم.

* كان الإقبال عليه جيّدا (وكلفته تقترب من كلفة تصوير يوم واحد من «آيرون مان») ما دفع الفريق الثلاثي إلى فيلم آخر سُـمّي بـ«قبل الغروب» الذي سار على وتيرة المثل الإنجليزي الذي يقول: «إذا لم يكن مكسورا فلا تصلحه». والتوليفة لم تكن مكسورة بل صالحة للاستخدام مرّة ثانية. هذه المرّة يعود المؤلّف إلى باريس ويلتقي بالمرأة ذاتها ويتناول كل منهما سرد حياته خلال السنوات التسع التي فرّقت بينهما.

* وها هو الجزء الثالث تحت عنوان «قبل منتصف الليل» وهذه المرّة يلتقي بطلا الفيلم في اليونان بعد تسع سنوات أخرى على اللقاء الثاني وثمانية عشر عاما على اللقاء الأول. إلى متى ستستمر هذه السلسلة؟ ربما لحين قريب. ربما بعد تسع سنوات أخرى سيطلق لينكلتر فيلما بعنوان «قبل فوات الأوان» وفيه يسترجع بطلا السلسلة حياتهما طوال الفترة الزمنية السابقة وقد بلغا من العمر عتيّا.

* أسوأ ما قد يصيب فيلما هو أن يعمل المخرج على نحو معيّن فيجد أن الجمهور فهم فيلمه على نحو آخر. والمخرج الدنماركي نيكولاس وندينغ رفن تعرّض لمثل هذه التجربة حين عرض قبل أيام فيلمه الجديد «الله وحده يغفر» فإذا بجمهور مهرجان «كان»، حيث تم ذلك العرض، يطلق ضحكات هنا وهناك كلّما سنحت الفرصة. الضحكات مناوئة تماما للطرح الجاد الذي قصده رفن، فالفيلم ليس كوميديا بل أريد له أن يلعب على عقدة أوديب ويستحضر ماكبث ويقدّم عالما مضرّجا بالدماء… ما الغريب في ذلك؟ الغريب هو كيفية التنفيذ التي دفعت كثيرين، بعد الضحكات الأولى، لمغادرة القاعة وفي بالهم أنهم إذا ما أرادوا ضحكا أفضل وجدوه في أفلام لوريل وهاردي.