رجل من فولاذ يسعى لطرح جديد ومؤثرات غير مسبوقة

سوبرمان العائد ينفض غبار الأمس

هنري كافيل كما يبدو في «رجل الفولاذ».
TT

في افتتاحيات المسلسل التلفزيوني المأخوذ عن مجلات الكوميكس تحت عنوان «سوبرمان» هناك عبارة تقول: «أهذا طائر؟ أهذه طائرة… لا… هذا سوبرمان».

واللقطة الأولى هي لذلك الرجل مرتدي البزّة الزرقاء ذات المعطف الأحمر وعلى صدره حرف S كبير وهو يرتفع في السماء أو يسبح في عرضه…. هذا كان الحال آنذاك.

اليوم، لم يعد بالإمكان طرح ذلك السؤال التحفيزي فالجميع بات يطير… سوبرمان، آيرون مان، المنتقمون، ثور وسواهم من الشخصيات التي خرجت أيضا من معطف مجلات الكوميكس منذ أواخر الثلاثينات. وإذا كان لا بد من طرح السؤال فإن العبارة يجب أن تكون «لا… هذا سوبرمان.. أو ربما باتمان… لعله آيرون مان».

نعم على كثرة الشخصيات الكوميكية الطائرة، أصبح طيران سوبرمان خلال العقدين الأخيرين على الأقل، أقل من ميزة. في عام 2006 عندما حاول المخرج برايان سينجر إعادة التقدير لسوبرمان، كما قام ببطولته براندون راوث في «سوبرمان يعود»، اكتشف وشركة «وورنر» أن الناس لا تكترث لهذه العودة كما افترضا. الفيلم تكلّف حينها 209 ملايين دولار وأنجز حول العالم 390 مليون دولار، أي أنه خسر كون الفيلم بحاجة - كقاعدة عامّة - إلى ضعف كلفته لكي يبدأ بتحقيق الأرباح.

«سوبرمان يعود» كان فيلما رديء الصنعة وركيك الصياغة أراد تحريك سوبرمان من جمود تبع فشل فيلم سابق حمل رقم 4 في السلسلة الحديثة. ذلك الفيلم كان «سوبرمان 4: طلب السلام» وكان آخر جولة للممثل الراحل كريستوفر ريف قبل سنوات قليلة من إصابته بشلل في عموده الفقري إثر سقوطه عن حصان. مع فشله توقف الحديث عن سوبرمان ولو أن الاستوديو (أي وورنر) داوم التفكير في الوقت المناسب لإنجاز عودة أقوى ومختلفة.

الآن وبعد سبع سنوات على «سوبرمان يعود»… يعود سوبرمان مرّة جديدة تحت عنوان «رجل من فولاذ» تحت إدارة المخرج زاك سنايدر ومع هنري كافيل في الشخصية الرئيسية. والكلمة المتداولة في هذا الشأن هي أن سوبرمان الجديد سيطير كما لم يطر من قبل وسيكون بطلا حازما وقويّا كما لم يرد في أي من الأجزاء السابقة والشكر في ذلك لمؤثرات الديجيتال قابضة مصائر كل الأبطال المشابهين.

من شرير إلى سوبر هيرو الرحلة لم تكن سريعة. النيّة الفعلية وُلدت سنة 2008 بعد عامين من إعلان «وورنر» أنها في سبيل إطلاق فيلم جديد في السلسلة على الرغم مما ناله «سوبرمان يعود» من نفور. في عام 2010 تم تعيين كاتب السيناريو ديفيد غوير لمعاينة السيناريوهات المتعددة التي توفّرت من قبل مجموعة مختلفة من الكتّاب. في نهاية العام ذاته أعلن عن أن التصوير سيبدأ في ديسمبر (كانون الأول) سنة 2010 لكن البحث عن الكتابة المناسبة والمخرج الملائم والممثل الصحيح أخر كل ذلك حتى الشهر السابع من عام 2011. في مطلع العام الماضي دخل الفيلم مرحلة ما بعد التصوير وفي مطلع هذا العام انتهى العمل عليه وأصبح جاهزا.

خلال كل تلك السنوات تناوب المرشّحون لإخراج هذا الفيلم وكان من بينهم دارن أرونوفسكي («بجعة سوداء») والراحل توني سكوت وجوناثان ليبرمان. بن أفلك كان الوحيد الذي اعتذر من البداية، أما الباقون فمكثوا مع المشروع بعض الوقت قبل انسحابهم منه.

للبطولة في دور هذا الرجل الطائر تم عرض الشخصية على أرمي هامر ومات بومر وزاك أفرون وماثيو غود من بين آخرين قبل أن يفوز به هنري كافيل. والبطولة النسائية توجّهت إلى أكثر من اثنتي عشرة ممثلة من بينهن آن هاذاواي وكرستن ستيوارت وراتشل ماكادامز وكرستين أوليفيا وايلد وميلا كونيس ونتالي بورتمن، لكن الاختيار في نهاية المطاف رسا على آمي أدامز.

سوبرمان الشخصية لها باع طويل في «الميديا» المختلفة. ظهرت أوّل مرّة في الثامن عشر من أبريل (نيسان) سنة 1938 من قبل فنانين هما جيري سيغل وجو شوستر اللذان رسما شخصية سوبرمان كرجل أصلع وشرير ينوي السيطرة على مقدّرات العالم بأسره. لكن سيغل اختار للعدد الثاني بعد سنة نقل سوبرمان إلى شخصية أخرى بطولية تصارع الشر وتنتصر عليه في كل موقعة.

سنلاحظ، إذا ما جرّدنا الشخصية من المتغيّرات والخصائص التي ألصقت بها عبر التاريخ أن لديه مشكلة أبوية. فوالده الحقيقي من سكان كوكب بعيد وهو من أرسل طفله هذا إلى الأرض قبل أن يتم تدميره من قِبل أشرار ذلك الموكب. وصل سوبرمان طفلا صغيرا إلى الأرض فتبنّاه زوجان لم يرزقا بطفل ونشأ بينهما. المرجعية الأبوية مع مشاكل نفسية وعاطفية مماثلة في حدّتها نلحظها في الشخصيات البطولية الأخرى مثل باتمان وسبايدر مان والرجل العملاق (The Hulk) و«العفريت» Daredevil فالأب دائما غائب والبطل محروم من حنانه، كما في «باتمان» و«سبايدرمان».

التلفزيون احتضن نجاح الشخصية على الورق وأطلق سلاسل من «سوبرمان» من مطلع الخمسينات وصاعدا. لكن حتى قبل ذلك، حاولت السينما تقديم هذه الشخصية على الشاشة الكبيرة فكان «سوبرمان» من إخراج سبنسر بانِت الذي أدّى بطولته كيرك أيلين (1948) أما الحلقات التلفزيونية فقام ببطولتها جورج ريفز.

حين فكّرت «وورنر» بإطلاق سوبرمان سينمائي جديد في سنة 1978 دشّنت حلقات جديدة هي أفضل ما تم إنجازه من هذا المسلسل إلى اليوم. الفيلم الأول منها قام بإخراجه رتشارد دونر ليخلفه على الفور البريطاني رتشارد لستر مرّة سنة 1980 ومرّة أخرى سنة 1983 من قبل أن تشتري شركة «كانون» الشخصية لاستخدام وحيد بخلت عليه بالتكلفة حمل، كما ذكرنا، الرقم 4 في السلسلة وأخرجه سيدني ج. فيوري وكان الأردأ حتى من نسخة الأربعينات بالمقارنة.

المحاولة الجديدة ستسعى جاهدة لنفض سوبرمان من غبار فشل الجزأين الرابع والخامس في حكاية تعود إلى البدايات لكنها تفتح فيها نوافذ يُقال: إنها لم تُـفتح من قبل.

* لعنة سوبرمان

* كان الحادث المؤلم الذي أقعد كريستوفر ريف بعد أربع جولات مع الشخصية المذكورة بمثابة إحياء لما أطلق عليه «لعنة سوبرمان» لأن الكثير من الذين لعبوا هذا الدور لاقوا مصائر وخيمة. الأول كان جورج ريف (لا علاقة) الذي يُقال: إنه صدّق شخصيّته فقفز من علو لكنه سقط ميّتا عوض أن يطير. البعض الآخر يؤكد أنه انتحر. لي غويغلي لعب سوبرمان صوتا وهو صغير ومات في سن الرابعة عشرة من العمر. كير ألين الذي لعب مسلسلا سينمائيا في الأربعينات لم يجد عملا بعد ذلك وأصيب بالزهايمر.