شاشة الناقد

ثرثرة شكسبيرية

من «لغط كثير حول لا شيء» المصور بالأبيض والأسود
TT

إخراج: جوس ويدون تمثيل: آمي أكر، أليكس دنيسوف، ناتان فيليون، كلارك غريغ.

دراما: اقتباس عن مسرحية شكسبير | الولايات المتحدة (2013).

تقييم الناقد: (*3)(من خمسة).

هناك قرابة 150 فيلما مقتبسة عن مسرحية وليام شكسبير «لغط كثير حول لا شيء» أولها سنة 1913 لكن ليس من بينها ما يشبه هذا الفيلم الجديد لجوس ويدون.

مصدر التميّز هو أن المخرج لم يبد في مجمل أعماله السابقة ما يوعز أنه في يوم ما سيحقق فيلما شكسبيريا.. ليس من بعد إخراجه حلقات من مسلسل «بافي مصاصة الدماء» وليس من بعد انكبابه على جملة من أفلام الأكشن الكبيرة مثل Thor و«المنتقمون». وكما بات منتشرا ومعروفا، أنجز هذا المخرج فيلمه الجديد هذا قبل عام بينما كان لا يزال يعمل على فيلم الكوميكس «المنتقمون» بميزانية لا تزيد على تكلفة شراء سيارة قديمة هذه الأيام. صوّره دجيتال بالأبيض والأسود (وظلال من الرمادي) ومع ممثلين غير معروفين. ولم يضطر لاستئجار مكان تصوير بل فتح منزله الكبير في إحدى ضواحي لوس أنجليس للغاية.

الحكاية التي أوردها وليام شكسبير (والتي نقلها المخرج والممثل كينيث براناه إلى فيلم ممتاز في عام 1993) كوميدية النبرة تتناول مفهوم الحب حيال التقاليد والأخلاقيات. ولديه، كما يتمحور فيلم ويدون هذا، نموذجين حول الموضوع: بياتريس (آمي آكر) وبنيدك (أليكسس دنيسوف) كانا على علاقة سابقة وهما الآن ينشبان أظافرهما كل في الآخر متسابقين في إظهار عداء غير محسوب، وكلاوديو (فران كرانتز) وهيرو (جيليان مورغيز) اللذان أصغر سنا وأكثر براءة ودفئا. وكالعنوان، هناك الكثير من اللغط حول العلاقات العاطفية وآراء الشخصيات الكثيرة التي تمر بتلك العلاقات أو توازيها وذلك قبل الوصول إلى امتحانين أخيرين: هل يكتشف الثنائي الأول أنهما لا يزالان يستطيعان التعايش معا وهل يتجاوز الثنائي الثاني سوء التفاهم الذي تم تبعا لوشاية غير صحيحة وإتمام مشروع الزواج الذي كاد أن يقع لولا تلك الشائعة.

الزمن الذي ينقل ويدون الأحداث إليه هو الزمن الحالي. واللكنة أميركية. لكن الحوار ما زال في لغته الشكسبيرية والأدبية ونطقه وتمثيل المواقف طبيعي كما لو أن الماثل أمامنا هو واحد من تلك الكوميديات الاجتماعية التي توفرها هوليوود من حين لآخر. مع هذا العدد من الممثلين الجدد يميل الناقد للبحث عن «الحلقة الأضعف»، عن ذلك الممثل (أو الممثلة) الذي يكشف قصوره في دور هو في النهاية مسرحي من كتابة أكثر المسرحيين صرامة في مهنته. لكن الجيد هو التمثيل الجيد الذي يمتد مثل خط الاستواء بين الجميع على قدر كبير من الحرفة. وحقيقة أن المسرحية (والفيلم من بعدها) مصوغان لتقديم عدد كبير من هذه الشخصيات يجعل الأداء الجماعي متلاحما بقدر ما يبقي الحكاية خفيفة ومرحة.

ويدون يشتغل على الحركة داخل المشهد، لكنه يتجاهل بعض التزامات الكاتب. مثلا المشكلة الأساسية بالنسبة لهيرو هي أن عليها الدفاع عن كونها أهدرت عذريتها قبل الزواج (وهي لم تفعل) لكن الفيلم إذ يبرز هذه الناحية يمهد لكل شيء بمشهد لبنديك يغادر سريرا كان يجمعه ببياتريس. مفارقة تتناقض والمفاد الكلي للموضوع. «كل ذلك اللغط» ليس فيلما كاملا، لكنه عمل جريء من حيث قدرة المخرج على تحقيق ما هو مختلف عن ماضيه.