المشهد

أناقة كيم نوفاك وسلالم هيتشكوك

TT

* يوم أمس الخميس أقامت «أكاديمية فنون وعلوم السينما» بالمشاركة مع مهرجان لوس أنجليس السينمائي عرضا خاصا لفيلم ألفرد هيتشكوك «فرتيغو» الذي حققه سنة 1958 وشملت حفلة العرض استقبال خمسة مصممي أزياء هم جفري كيرلاند وإلين ميرونيك وكوليين أتوود ومارك بردجز ومايكل كابلان للحديث عن «اللحظات الأيقونية» في تاريخ تصميم الملابس السينمائية. من بينها لحظات فريدة كثيرة تظهر فيها كيم نوفاك، بطلة «فرتيغو» وقد ارتدت دائما الثوب المناسب لحالة نفسية أو عاطفية يمر جيمس ستيوارت بها. إنها بـ«روب دي شامبر» أحمر في المشهد الذي تجلس فيه مرتاحة بعدما أنقذها بطل الفيلم من الموت غرقا. ثم هي في معطف أبيض وجيمس ستيوارت في بدلة سوداء عند صخور الشاطئ تحت جسر «غولدن غيت» في سان فرانسيسكو، ثم هي برداء أسود مكشوف عند الصدر يعلوه عقد أحمر في المشاهد التي تلت انتحارها المزعوم. وليس فقط لبأسها هي الذي يتبدّل تبعا لما يمر به بطلا الفيلم من ظروف، بل هو أيضا.

* قامت إديث هَد بتصميم ملابس هذا الفيلم وهي عاشت ما بين 1897 و1981 وعملت على 502 فيلم ومشروع سينمائي من عام 1925 إلى حين وفاتها من بينها بضعة أفلام أخرى لهيتشكوك من بينها «النافذة الخلفية» (لقاء آخر لهيتشكوك مع جيمس ستيوارت) و«للقبض على لص» و«المشكلة مع هاري» وصولا إلى «توباز» وانتهاء بـ«حبكة عائلية» (1976) الذي كان خاتمة رحلة هيتشكوك في السينما.

* وفي الأسبوع المقبل يتم طرح ستة أفلام للمخرج العبقري سيد التشويق هيتشكوك على اسطوانات. وهي ليست مجرد مجموعة من بين أعماله، بل ستة من أفلامه الصامتة، ومجموعها تسعة، التي كان هيتشكوك حققها قبل الانتقال (بشيء من التمنع) للسينما الناطقة في مطلع الثلاثينات. من بين تلك الأفلام تحف (بمفهوم ذلك العصر على الأقل) مثل «المستأجر» سنة 1926 و«ابتزاز» (الذي لا يقل روعة) سنة 1929. في أفلام هيتشكوك الأولى عموما نجد تأسيسه لأركان أسلوبه ومعالجاته. عقدة الرجل - البريء والتحري الذي يجد خطيبته وقد جذبها قاتل محتمل. وهناك السلالم.. تلك التي حاول أكثر من ناقد غربي فيما مضى فهمها وتحديد قيمتها بالنسبة لسينما المخرج.

* هناك سلالم لولبية في «فرتيغو» لكن هيتشكوك تعامل مع السلالم اللولبية (تلك الضيقة التي تلتف حول نفسها) في «حديقة المتعة» سنة 1925 والفيلم ذاته يحتوي، في مطلعه، على مشهد لرجل يرقب آخرين بالمنظار من مكانه البعيد (بكلمة أخرى يتلصص) وهو ما عاد إليه - على نحو محدد - في «النافذة الخلفية» (1954).

* بعض نقادنا تبنى إعجاب عدد لا بأس به من نقاد اليوم الغربيين بفيلم «هيتشكوك» (الذي خرج في العام الماضي ليتحدّث عن الظروف الخاصة التي مرّ بها هيتشكوك عندما كان يصور، سنة 1960 رائعته «سايكو») من دون سؤال. أحدهم، على سبيل المثال، كشف عن مدى تأثره بما كتب في المصادر الفرنسية عندما وافق على أن زوجة هيتشكوك ألما هي التي أشرفت على تصوير ومونتاج مشاهد حاسمة في «سايكو»، وهو ما يدّعيه الفيلم الذي أخرجه ساشا جرفاسي عن كتاب وضعه ستيفن ربيللو. نعم كان لها وزنها، لكن تصوير هيتشكوك بكل إنجازاته بأنه كان معدوم الحنكة وضبط النفس خلال تصوير ذلك الفيلم (أو أي فيلم آخر) محض افتراء وسعي لكسب الشهرة عبر قلب المفاهيم. كيم نوفاك نفسها أشارت، خلال تقديمها لفيلم «فرتيغو» في «كان» إلى أنه لا شيء مما شاهدته في فيلم جرفاسي كان واقعيا «هيتشكوك كان من أنبغ وألطف الشخصيات التي وقفت وراء الكاميرا وليس صحيحا معظم ما ورد مؤخرا عنه».

م. ر