شاشة الناقد

ذعر بعدد نبضات القلب

براد بيت كما يبدو في «الحرب العالمية ز»
TT

إخراج: مارك فورستر تمثيل: براد بيت، ميراي إينوس، دانييلا كرتيز، فانا موكويينا.

رعب (مأخوذ عن رواية ماكس بروكس) - الولايات المتحدة (2013).

تقييم الناقد: (*4)(من خمسة).

هناك القليل جدا من أفلام الرعب التي تدور حول الزومبيز والموتى - الأحياء التي تخرج منها، وأنت تنظر حولك مترقبا. آخرها، قبل هذا الفيلم، كان فيلم داني بويل «بعد 28 يوما» الذي أنجزه سنة 2002 أثار الإحساس نفسه. هذا الناقد خرج من صالة العرض في منطقة سانتا مونيكا في مدينة لوس أنجليس ينظر حوله ويفكـر فيما إذا كان المستقبل ينضوي على مثل هذه النهاية المفجعة: سقوط العالم في قبضة ناهشي الأجساد. «الحرب العالمية ز» ينقل المرء إلى ما بعد هذه النقطة: المستقبل - يعتقد المشاهد - بدأ الآن.

مهما قيل في ملابسات وظروف الاستعانة بالمخرج مارك فوستر، وعن المصاعب الإنتاجية التي حصدها هذا الفيلم في طريق إنجازه، فإن فوستر وضع على الشاشة عملا يتميـز بمعالجة واقعية. حتى وإن اعتبرنا أن ما نراه خيالا، بل حتى إذا كان من المستبعد كثيرا حدوثه، إلا أن معالجته لم تقصد أن تخرق المستحيل، بل تطويعه ليصبح أقرب احتمالا. فجأة سيجد المشاهد نفسه شريكا فيما يدور من زاوية أن الفيلم لا يسخر ولا يمزح ولا يفضي إلى درب من البطولات، وليس هدفه تقديم فرضياته كخيال، بل ينقلها إلى حيز واقعي يجعل المشاهد غير مرتاح لما يراه.

من اللقطات الأولى، براد بيت (في دور خبير سابق عمل لصالح الأمم المتحدة) يتابع ما يدور على شاشة التلفزيون. لا نسمع تفاصيل الخبر الوارد، لكنه ونحن ندرك أن هناك شيئا غير عادي يحدث. يحاول جيري (بيت) الإنصات لما يدور، لكن زوجته والأولاد يمنعونه من ذلك عن دون قصد. إنهم يحضرون أنفسهم لرحلة بسيارة العائلة التي - في المشهد التالي - نراها وسط زحمة سير لا تبدو عادية. فجأة. الجموع تركض. انفجار بعيد. شاحنة تسحق في اندفاعها الهارب السيارات الصغيرة، ثم ها هم الزومبيز يظهرون بين الناس يتسابقون على نهش الموتى.

بعد أحداث مشوقة أخرى، يترك جيري زوجته وأولاده بعهدة مسؤول عسكري (موكويينا) على ظهر بارجة (من غير المحتمل وصول الزومبيز إليها) وينطلق إلى كوريا للبحث عن بعض الدلائل. الفصل الذي يقع في الثكنة العسكرية الأميركية يضيف إلى الكابوس الذي ظلل الفيلم في بدايته: ها هم الزومبيز يهاجمون العسكر تحت مطر شديد وظلمة ليل أشد. معالجة المخرج وفناني المونتاج روجر بارتون ومات تشيس هي سير على نصل حاد. عيناك لا تستطيعان ترك لحظة تمر من دون أن تشترك في استيعاب ما يدور. الوقع مفاجئ والتوقيت الزمني لكل لقطة يشبه نبضات القلب كلا في مكانها.

بعد ذلك ها هو الفصل المهم الذي تقع أحداثه في القدس. السلطات الإسرائيلية بنت جدارا عاليا (ولها أسبقيات في ذلك) ولو أنه من غير المبرر متى استطاعت فعل ذلك. إلى المدينة المقدسة يفد فلسطينيون ويهود هاربون من احتمال وصول الزومبيز. تشعر بأن مدينة القدس قد تصبح ملاذا مثاليا، لكن في ومضة واحدة يكتسح الزومبيز الجدار (يبنون جسدا بشريا ويصعدونه ثم يقفزون الجدار) والباقي متروك للخيال.