المشهد

في الفعل ورد الفعل

TT

* عندما قرر جيم كاري، قبل أقل من أسبوع «بق البحصة» والإعلان عن أنه لن يقوم بحملته الترويجية لصالح فيلم «Kick Ass 2» كان لا بد للشركة المنتجة «يونيفرسال بيكتشرز» أن تتصرف سريعا. فالممثل المعروف لم يمتنع في السر، بل علانية، وهو كشف عن السبب أيضا مثيرا محاذير قد تضر باحتمالات نجاح الفيلم؛ إذ قال: «لست خجلا من الفيلم، لكن الأحداث الأخيرة غيرت رأيي به، ووجدت أنني لا أستطيع أن أروج لفيلم بالغ العنف مثل هذا الفيلم». وما قامت به الشركة، على لسان متحدث لها، هو عكس المتوقـع وأذكى منه أيضا، عوض أن تهاجم كاري على موقفه، تحدثت عن سعادتها وثقتها بالفيلم، وأنها لا تعتبر العنف الوارد في الفيلم جادا؛ لذا لا تراه مضرا. في حين عبر الكاتب مارك ميلار عن تعجبه لتصريح كاري قائلا: «أحترمه كممثل وأعلم أنه من المدافعين عن إصدار قانون الحد من السلاح، لكني لا أفهم سبب ما قاله؛ لأن الفيلم هو تنفيذ للسيناريو، وهو قرأ السيناريو ووافق عليه».

* هذا صحيح لولا أن كاري قال في إعلانه إنه حينما قبل الدور لم تكن بعض حوادث العنف الأخيرة وقعت. كذلك هي ليست المرة الأولى التي ينتقد فيها ممثل فيلما له. هالي بيري كانت هاجمت بضراوة فيلمها «كاتوومان» (2004). شون بن لم يعجبه ما رآه من فيلم «شجرة الحياة» لترنس مالك، لكنه انتظر إلى أن تنتهي عروض الفيلم حتى لا يحرج الإنتاج. والممثل شايا لابوف انتقد أحد أجزاء سلسلة «ترانسفورمرز» التي يمثـلها بمعدل مرة كل عامين إلى ثلاثة، ولو أن انتقاده لم يوقفه عن العودة إليها.

* المخرج زياد الدويري، في المقابل، لا يزال يتحدث عن فيلمه الجديد «الهجوم» بإسهاب. الحديث إيجابي وليس سلبيا، وليست لدى المخرج أي مشكلة مع مستوى العنف الذي في الفيلم؛ لأن الفيلم يخلو من العنف أساسا، وهو ليس من النوع الذي يحتاجه. هو، كما سبق وورد هنا وفي أماكن أخرى، فيلم جاد عن ذلك الجراح الفلسطيني الذي يعمل ويعيش في تل أبيب بنجاح، إلى أن يكتشف أن زوجته «إرهابية». يقول لجون هورن من صحيفة «لوس أنجليس تايمز» بأن ممولا مصريا وآخر من قطر طلبا منه سحب اسميهما من الفيلم تبعا لما أحدثه العمل من ردود فعل سلبية عربيا؛ كونه صـور في إسرائيل. مع تفهم وجهة نظر المخرج في هذا الموضوع، ومع الشك في أن مقاطعة عرض الفيلم في صالات السينما في بعض الدول المانعة، سيفيد قضية ما أو سيضر بها، إلا أن الشكوى التي يتولى المخرج تكرارها لم تعد تثير الاهتمام، خصوصا أن عروض الفيلم الأميركية محدودة أساسا.

* ما هو أكثر ضراوة من كل ما سبق ردود الفعل على كل ذلك الدمار الذي أصاب مانهاتن في نيويورك تبعا لأحداث فيلم زاك سنايدر «رجل من فولاذ». تشارلز واطسون، من مؤسسة «واطسون للاستشارات التقنية»، قدر أن الخسائر في الأرواح والممتلكات في ذلك الفيلم (لو أنه كان حقيقة) تتجاوز تريليوني دولار، وأن قيمة المباني التي تم تسويتها بالأرض في ذلك الفيلم وحدها تصل إلى نحو 700 مليار دولار، أي أن هذا أعلى بنحو 640 مليار دولار من الخسائر الناجمة عن الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له المدينة سنة 2001.

* أن لا يعترف زاك سنايدر بأنه أخطأ في ارتكاب مجزرة من المباني المهدمة في هذا الفيلم هو شيء، لكن أن يهاجم المنتقدين أيضا مستندا إلى أن نجاح الفيلم دليل على قيمته، فهذا مرفوض. المشكلة هنا هي أن بعض أفلام اليوم تبدو كما لو كانت تؤيد الإبادة الجماعية، و«رجل من فولاذ» الذي يسرد حكاية كانت ذات مرة أكثر براءة، هو من أشدها تدميرا.

م . ر