شاشة الناقد

«الضابط».. فيلم الجائزة الأولى في مهرجان شانغهاي

دينيس شفيدوف وإيرينا نيزينا في «الضابط»
TT

إخراج: يوري بيكوف.

تمثيل: دنيس شفيدوف، وإرينا نيزينا، وإليا إسايف، يوري بيكوف.

النوع: دراما بوليسية / روسيا - 2013.

تقييم: (*3)(من خمسة).

المشهد داكن من بدايته.. رمادي بأجواء ثقيلة. الحياة في زمن الرأسمالية تمنح القدرة على تحقيق فيلم انتقادي وتكشف عن الفساد كما لم يكن ذلك متاحا من قبل إلا سرا ومنعا.

لكن دكانة البداية حيث ننتقل إلى فجر يوم جديد لا تشرق فيه الشمس هو بعض الدكانة. البعض الآخر متأصل في دوافع الشخصيات وفي ما يراه الفيلم من تهاوي الأخلاقيات إلى الحضيض. لقطتان أو ثلاث لمبنى سكني من الخارج، ثم ننتقل إلى التحري سوبولوف (دينيس شفيدوف) وهو يستيقظ على رنين الهاتف: لقد ولدت زوجته طفلا في المستشفى البعيد. ينطلق بسيارته في يوم رمادي وفوق ثلج الطريق الريفي. ينجو من حادثة على الطريق لكنه يواصل سرعته القصوى. بعد قليل يفشل في تحاشي دهس طفل في السابعة. أم الضحية تقف هناك مذهولة. رفاق سوبولوف يتنادون وأول ما يخطر لهم هو لفلفة الأمر وتحويل دفة الاتهام إلى الأم.. لَيّ ذراع الحقيقة لكي يبدو الحق عليها.

تدرك باكرا ما سيقود الفيلم، الذي كتبه وقام بمونتاجه ووضع موسيقاه المخرج يوري بيكوف، بوصفه عملا، إليه. لكنك لن تتوقع أن يرتفع حد الفساد الإداري إلى درجة ضرب الأب والأم خلال التحقيق في مشاهد لاحقة.

سوبولوف ليس راضيا عما يراه. يريد أن يوضع بالسجن. لكن آمر المركز يمنعه لأنه لا يريد لنفسه ولقسم البوليس الذي يشرف عليه فضيحة إعلامية. والد الطفل يعود إلى قسم البوليس مسلحا ليقتل من ضربه فوق آلامه لكنه يسقط قتيلا. سوبولوف يدرك أن العناصر الفاسدة في هذا القسم ستقتل الزوجة أيضا فينطلق لحمايتها ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه. لكن هناك نهاية مخيبة للآمال من حيث إنها تنسف فكرة التمرد الذي دار الفيلم من حولها. ففي النهاية يذعن للقيادة، مما يخلق مشكلة في منطقية ما نراه، لأنه إذا ما كنا نتابع لساعة ونصف نضال فرد واحد لتحقيق العدالة، فإن انقلابه، وكما في كثير من الأفلام مؤخرا ومنها «الصيد» لتوماس فنتربيرغ، على عقبيه لا مبرر له وسقطة درامية لا معنى لها.

للفيلم تشكيل عام مثير للحكاية وأداء جيد من الجميع، لكن سبر غور الشخصيات ودوافع ما تقوم به ما زال أضعف مما يجب. السيناريو لا يأتي على ذكر المبررات وإذا ما فعل فهي عامة، لكنه يجيد رصف نتائجها. إخراج بيكوف مرصود بدقة ويمنح الفيلم تنفيذا يعتمد، بصريا، على المناخ الطبيعي العام وعلى ما يجود به المشهد الواحد من مواقف حادة. بعض هذه المواقف حبيسة جدران مركز البوليس (وواحد منها حبيس شقة أحد رجال البوليس) وكانت تحتاج، كالفيلم بأسره، إلى مساحات من البناء النفسي الذي لا يمكن توفيره إلا بزرع مضامين أخرى تثري الخط الرئيس للحدث الماثل. لكن بوصفه فيلما أول فإنه يعد بمخرج جيد يحتاج إلى توسيع بؤرة نظرته الاجتماعية، ولديه من الموهبة ما يمكنه من ذلك.