وراء كل دور شرير نجمة جميلة

روبرتس كيدمان وتشارليز ثيرون وأخريات

تشارليز ثيرون كما بدت في «سنو وايت والصياد» و أنجلينا جولي
TT

أنهت الممثلة تشارليز ثيرون تصوير دورها في فيلم جديد مأخوذ عن مسلسل قديم هو «ماد ماكس». الفيلم بعنوان «ماد ماكس: طريق الهيجان» وبطولته الرجالية لتوم هاردي ونيكولاس هولت، بينما تنفرد ثيرون بالبطولة النسائية.

والحكاية ملفوفة برداء من السرية حتى الآن، لكن بعض المتسرب من صحراء ناميبيا الأفريقية، هو أن الممثلة التي ربحت الأوسكار والغولدن غلوب سنة 2004 عن دورها في «وحوش»، تلعب شخصية مقاتلة عنيفة في عالم مستقبلي لن يعرف سوى العنف وسيلة حياة.

هذا بالطبع ليست المرة الأولى التي تؤدي ثيرون دورا من هذا النوع، أو - بالهامش العريض للكلمة - دورا شريرا. لقد رأيناها تفعل ذلك، وعلى التوالي، منذ دورها ذاك في «وحوش» حين لعبت دور امرأة قاتلة مسلسلة تنتقل من مهنة البغاء لمهنة سرقة وقتل من يقع في فخها. بعده، سنة 2009، مثلت دورا صغيرا في فيلم عنوانه «الطريق» (يقع في مستقبل غير واعد كحال «ماد ماكس») حيث ظهرت كامرأة مستعدة لقتل أيا كان دفاعا عن حياتها. طبعا بدا ذلك مبررا بعض الشيء وذلك على عكس دورها في «سنو وايت والصياد» حيث الشر شامل والطبيعة البشرية القاسية من بين مزايا شخصيتها. الحال تقريبا نفسه في فيلمها اللاحق «برومثيوس» (كلاهما من إنتاج 2012)، الفيلم الخيالي - العلمي للمخرج ريدلي سكوت الذي مثلت فيه شخصية مديرة الطاقم الفضائي المهدد بالخطر حال حطت سفينته على ظهر كوكب بعيد.

* امرأة ذات أطماع

* إنها ممثلة بارعة والتعابير التي ترسمها الممثلة تشارليز ثيرون على محياها وهي توزع الأوامر على طاقم السفينة في فيلم ريدلي سكوت «برومثيوس» هي ذاتها التي تستخدمها في تأدية دور الملكة الشريرة في «سنو وايت والصياد» وذلك لأن الشخصيتين محدودتا المعالم وأهم تلك المعالم هي جنوحهما إلى المصلحة الذاتية وحدها. ففي نهاية الأمر هي مالكة قرارها، أو كما تقول في «برومثيوس»: «هذه سفينتي» وغايتها في «سنو وايت» قتل الفتاة التي تهدد عرشها وفي «برومثيوس» البقاء حية حتى ولو ضحت بالجميع.

في سينما اليوم، ثيرون ليست استثناء، بل شهدنا في السنوات القليلة الماضية المزيد من الممثلات الرئيسيات يؤدين الأدوار الشريرة على عكس ما كان الحال من قبل. وكما لعبت تشارليز ثيرون دور المرأة ذات الأطماع المميتة في «سنو وايت والصياد»، رأينا جولي روبرتس تؤدي الدور نفسه في نسخة أخرى تم إطلاقها في ذلك العام (2012) من الحكاية ذاتها بعنوان «مرآة مرآة». روبرتس هي أيضا الملكة الشريرة التي تود القضاء على الفتاة البريئة لأنها لا تريد أن تخسر مكانتها لا كأجمل امرأة في العالم ولا كملكة حاكمة بأمرها.

ولو كان الأمر وقفا على ثيرون وروبرتس لما شكل ذلك إلا أهمية محدودة، لكن بمراجعة الأفلام الفانتازية والتاريخية في السنوات الأخيرة، فإن المرأة الأقوى في غالبية هذه الأفلام كانت ملكة أو أميرة أو وصية عهد أو أم لملك شريرة.

في «ألكسندر» (2004) أنجلينا جولي قبضت على قرارات ابنها الإسكندر العظيم (كولين فارل) بإحكام وطوعته كشرط لتوريثه الحكم والبقاء في مكانتها كأم القائد الإغريقي المهيب. في سبيل ذلك، قامت بحياكة مؤامرات انشغل بها النصف الأول في هذا الفيلم الذي تعثرت فيه خطوات المخرج أولير ستون.

ومثلها في عالم أكثر فانتازية هيلينا بونام كارتر، حينما منحها زوجها المخرج تيم بيرتون دورا رئيسا في فيلم «أليس في أرض العجائب» هو دور «الملكة الحمراء» القاسية والتي يخشى بطشها الجميع. كذلك كانت الشريرة في فيلم زوجها الآخر «سويني تود» (2007) وفي الأفلام الأخيرة من سلسلة «هاري بوتر» التي انتهت آخر حلقاتها في العام الماضي أيضا. كذلك الحال مع راتشل فايز (كما تفضل أن ينطق الجميع اسمها) التي ظهرت قبل أشهر ليست بالبعيدة في دور الساحرة الخبيثة في فيلم «أوز العظيم والقوي».

* الشريرة في المقدمة

* والمستقبل لا يختلف كثيرا في هذا الاتجاه. فإلى جانب فيلم تشارليز ثيرون المغامراتي المقبل، هناك أنجلينا جولي التي انتهت من تمثيل «ماليفسنت» المأخوذ أيضا عن فانتازيا أسطورية ظهرت كتبا للصغار مقتبس عن الرواية الفانتازية (التي كانت يوما ما بريئة) «جمال نائم». وإذا ما كانت الأفلام التي تم تحقيقها عن رواية الفرنسي شارل بيرو الشهيرة تلك، وضعت تلك الفتاة الصغيرة في قلب الحدث (تؤديها في الفيلم الجديد الصبية إيلي فانينغ) إلا أن النية في الفيلم الجديد هو جعل عدوة الجميلة النائمة، واسمها ماليفيسنت، تستحوذ على الموضوع والفيلم، في حين ستتحول الأميرة أورورا، التي حكم عليها بالنوم تخلصا منها والتي ستقوم بدورها إيلي فانينغ، إلى الصف المساند في الموضوع.

ثمة سبب جوهري يغفل عنه معظم المراقبين يقف وراء انتشار هذه الظاهرة: لقد تم اختزال الحاجة إلى ممثلات أدوار الشر المتخصصات في مقابل منح هذه الأدوار إلى نجمات السينما لأجل زيادة احتمالات الجذب الجماهيري. ففي السنوات الممتدة من عمق تاريخ السينما إلى الثمانينات والتسعينات، كانت هناك ممثلات معينات تعهد إليهن مثل هذه الأدوار (مرسيدس مكبريدج، مرغريت هاملتون، آن سافاج، جان غرير وسواهن) لكن هوليوود وجدت أنها تستطيع استثمار شهرة ممثلاتها في إطار آخر، خصوصا بعد النجاح الذي حصدته ميشيل فايفر في دورين من هذا النوع: «علاقات خطرة» (1988) و«عودة باتمان» (1992).

* شريرات الفيلم نوار

* المرأة في الأفلام كانت دوما تعمل على جبهتي القانون. هي الخير في مقابل الشر وسنيدة البطل في مهامه التي من بينها إنقاذها من الموت بعدما تم خطفها أو ربطها إلى سكة حديد بانتظار قطار قادم. لكن في الأربعينات برزت المرأة بوصفها شريرة وإن كانت الأدوار منحت (بالتساوي) بين ممثلات معروفات وغير معروفات، وذلك في السينما المعروفة بـ«الفيلم نوار» وهي أفلام بوليسية داكنة مع شخصيات على حافة نفسية وعاطفية غير مستقرة. من بين هؤلاء الممثلات جين غرير في «من الماضي» وباربرا ستانويك في «تأمين مزدوج» كما ريتا هايوورث في «غيلدا».