هوليوود تحتل البيت الأبيض وتهدد الرئيس

العرب أبرياء هذه المرة

«سقوط البيت الأبيض»
TT

ألا يكترث الأميركيون إذا ما تم تدمير البيت الأبيض بمن فيه؟

إذا ما كان الجواب مرتبطا بإيرادات فيلم «سقوط البيت الأبيض» فإنه سلبي. لا يكترث الأميركيون لهذا الاحتمال. ربما لا يعتقدون أنه يمكن أن يحصل أو ربما لا يمانعون أن يحصل. من يدري؟ ما هو ثابت أمران: الأول أن الأفلام المبنية على الهجوم على بيت الرئيس الأميركي واعتقاله أو إهانته أو قتله تتكاثر منذ حين، والثاني أن هناك رغبة هوليوودية ذات أطوار غريبة للتدمير. كان الدمار يقع نتيجة حروب مختلفة، معظمها بين مخلوقات الفضاء ومخلوقات الأرض، الآن باتت تنتقل إلى المدن الأميركية الكبرى وواشنطن العاصمة في مقدمتها.

في فيلم رولاند إيميريش الجديد «سقوط البيت الأبيض» (كتابة جيمس فندربلت) تتمكن مجموعة من الإرهابيين المنظمين من احتلال البيت الأبيض بالكامل، وخلال ذلك قتل عشرات من رجال الأمن وبعض الأبرياء الذين كانوا يزورون البيت الأبيض كسياح. أحد هؤلاء هو الجندي السابق الذي أبلى بلاء جيدا في العراق وأفغانستان كال (شانينغ تاتوم)، وهو جلب ابنته الصغيرة معه. غاية الزيارة الأخرى هي التقدم بطلب تعيينه رجل أمن الرئيس. لكن فينيرتي (ماجي جيلنهال) المسؤولة عن رجال أمن الرئيس تعرف ماضيه ولا تطمئن إلى صلاحيته. من الصدفة بمكان أن هذا يحدث في الوقت ذاته الذي تسلل فيه عملاء العصبة الإرهابية وأخذوا ينتشرون كتمهيد للهجوم الضاري واحتلال البيت الأبيض. حالما يقع ذلك، يجد كال نفسه مطالبا بالدفاع عن حياة شخصين: ابنته الصغيرة (راتشل ليفيفر) والرئيس الأميركي نفسه (جيمي فوكس) الذي وجد نفسه وسط جثث أعوانه.

ابحث عن المجرم المخطط فتجده ووكر (جيمس وودز) الذي يريد الانتقام من الرئيس لأنه خسر ابنه في الحرب العراقية ومستاء من خطط الرئيس الانسحاب عسكريا من الشرق الأوسط تبعا لخطة سلام جديدة تشمل إنهاء النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبين الولايات المتحدة وإيران أيضا. ووكر الذي يشغل منصب رئيس الأمن الخاص، وهو ليس وحده، بل يعاونه خفاء حتى المشهد الأخير رافلسون (رتشارد جنكنز) الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض. أما الإرهابيون المستأجرون للمهمة فهم شراذم من العنصريين اليمينيين وهم في المهمة الخطرة لأجل الفوز بـ400 مليون دولار سيتم تحميل طائرة الهروب بها.

حين تبدأ عملية احتلال البيت الأبيض يثير الإعلام الأميركي أن «العرب» هم من يقف وراء هذا الاعتداء. لكن الفيلم ينقد هذا الاستعداد الإعلامي الجاهز للوم العرب ويبرئ هذا الطرف من كل تهمة. ووكر ينظر إلى رئيس عصبته المسلحة ويقول له: «يعتقدون أنني عربي». الكلمة تقع في مكانها وتلتحق بأهم عنصر إيجابي يحمله الفيلم... وهو يكاد أن يكون العنصر الوحيد، ذلك لأن الفيلم، بعضه على بعض، ليس سوى عمل أكشن افتراضي المنطلق وسطحي المعالجة مستوحى من الحبكة الأم التي وضعها ستيفن إ د سوزا عن رواية رودريك ثورب بعنوان «داي هارد» وحولها جون مكتيرنن إلى فيلم سنة 1988. تلك الحبكة، التي تكررت مرارا ما بين ذلك التاريخ واليوم، تنص على أن رجل أمن أو عسكريا يحدث أنه كان في المكان الذي تتم السيطرة عليه من قبل عصابة إرهابية منظمة تقبض على رهائن أبرياء مقابل شروط (غالبها مادي) فيختفي في المكان منفذا عمليات فردية مضادة للقضاء على أفراد المنظمة المسلحين جيدا والمتميزين بمختلف أنواع المهارات.

الفارق هو أن هذه العمليات لا تنقذ ابنة «البطل» الأبيض ورئيس الجمهورية الأفرو-أميركي (مثل أوباما) فقط، بل الولايات المتحدة والعالم بأسره بعدما تم إحباط محاولة ووكر وشريكه ارتكاب مذبحة نووية لدول استعدت بدورها لإطلاق ما لديها من أسلحة مماثلة على كل مدينة أميركية متوسطة أو كبيرة. لكن الدمار يصيب البيت الأبيض بالفعل ومحيطه المدني كذلك... على هذا تنص النهاية، على أن البيت الأبيض ليس سوى مبنى يمكن إعادة بنائه من جديد.

* مؤامرات سابقة

* قبل أشهر ليست بعيدة، قام «أولمبوس سقط» لأنطوان فوكوا (عن سيناريو لكريتون روثنبرغر وكاترين بنديكت) بعملية تدمير شاملة للبيت الأبيض. المهاجمون كانوا عملاء كوريين شماليين بالتعاضد مع خونة أميركيين اخترقوا دفاعات البيت الأبيض بالقوة. أحبطوا محاولات الجيش الأميركي استعادته، وألقوا القبض على الرئيس الأميركي (آرون إكهارت) وأعضاء الحكومة وأهانوهم، كما قتلوا بعضهم بدم بارد. مثل هذا الفيلم هناك شخص واحد يجد نفسه داخل البيت الأبيض ويبدأ بمفرده عملية إبادة عملاء الجيش الكوري والخونة الأميركيين بنجاح لافت.

البيت الأبيض في «أولمبوس سقط»، مع نهاية الفيلم، تم دكه بالكامل. المدينة ذاتها نالها خراب أكثر من ذلك الذي في الفيلم الجديد. وكلاهما جاء في أعقاب «جي آي جو» (إخراج جون م. تشو عن سيناريو لريت ريز وبول فرنيك) الذي دار أيضا حول مؤامرة قتل الرئيس الأميركي (جوناثان برايس) بعد حجزه وقيام شبيه تام به (برايس أيضا) بالتظاهر بأنه الرئيس الفعلي، وذلك تمهيدا للقيام بعمليات عسكرية وخيمة الأثر. اللافت أن شانينغ تاتوم لديه دور في ذلك الفيلم أيضا، ولو أن البطولة هي لدواين جونسون أساسا. كذلك أن تدمير البيت الأبيض أو الوصول إليه لاحتلاله أمر ممكن. وهو ما ورد في فيلم «سولت» (فيليب نويس - 2011) حيث يتم اقتحام البيت المنيع وتهديد حياة الرئيس.

في عام 1996 نجد جذور الموجة. إنه العام الذي قام المخرج تيم بيرتون بتحقيق فيلم خيالي - علمي ساخر بعنوان «المريخ يهاجم» سمح فيه للمخلوقات المحتلة دخول البيت الأبيض وقتل الرئيس الأميركي (جاك نيكولسون)، بينما كان هذا يحاول التفاوض دبلوماسيا معها.

بعد 2001 ازدادت المؤامرات على البيت الأبيض وتكررت صور الدمار الشامل للمدن الأميركية (نيويورك، لوس أنجليس، وواشنطن أساسا) على نحو يذكر الأميركيين بكارثة ذلك التاريخ. صور مضروبة بعشرة أضعاف ما خلفه الهجوم الإرهابي الفعلي على مركز التجارة العالمي في نيويورك. إنه كما لو أن السينما تحاول أن تبز الواقع عبر التأكيد على احتمالات كارثية ممكنة.

الرئيس أفريقي اختيار رئيس جمهورية أفرو-أميركي، كما الحال في «سقوط البيت الأبيض» لا يزال محدودا. قبل جيمي فوكس في هذا الدور شاهدنا داني كلوفر يلعب دور صاحب البيت الأبيض في «2121» للمخرج رولاند إيميريش الذي أخرج الفيلم الحالي. على الشاشة الصغيرة قام دنيس هايزبرت ود. ب. وودسايد، وهما ممثلان أفرو-أميركيان بلعب دور الرئيس الأميركي في مسلسل «24».