المشهد

هواة السينما الخليجيون

TT

* هناك حالة غريبة وإن ليست جديدة تمر بها مجمل الظواهر السينمائية في العالم العربي، وفي المنطقة الخليجية تحديدا وهي خلو العام بأسره من النشاطات السينمائية إلا في مناسبات معينة يلتقي حولها هواة السينما حين تبدأ ثم يتفرقون عنها حين تنتهي. هذه المناسبات هي مهرجانات السينما التي تتوزع ما بين خريف كل عام وربيعه في كل من أبوظبي ودبي والدوحة لجانب مهرجانات أصغر في مسقط والكويت، ومناسبة مهرجاناتية تلفزيونية تعقد في مطلع كل صيف على الشاشة الصغيرة من جدة.

* لكن الحياة السينمائية ليست هذه الأسابيع التي إذا جمعتها على بعضها البعض لما تعدت الثمانية أو التسعة في أفضل الأحوال. هواة السينما الخليجيون ليس لديهم طوال الأسابيع الأخرى من كل عام سوى الإقبال على العروض الجماهيرية في الصالات الرئيسة. صحيح أن هناك نوادي موزعة في أكثر من جيب في كل مدينة، لكنها لا تفي بالغاية كونها ما زالت تفتقد إلى التنشيط الثقافي وإلى الصلة الفعلية بينها وبين الجمهور المحلي.

* ليس الأمر أن هواة السينما الخليجيين غير متقاعسين بدورهم، لكن الأمانة تقتضي أيضا أن نقول إنهم يتحرّكون على خارطة مفتوحة لا تساعدهم على بلورة اهتماماتهم لأطول من فترة إقامة كل مهرجان على حدة. حياتهم السينمائية هي ما بين مطالعة النقد في الصحف وعلى الإنترنت، وبين الإقبال على صالات السينما التي تعرض أفلاما يدركون أنها ليست من ينابيع الثقافة أو من الأعمال الفنية البارزة، وبين ما يتاح لهم من عروض منزلية بشروط تقنية ليست صالحة.

* الغطاء الثقافي من كتب ومجلات وصناعة فعلية وندوات دائمة وعروض مختلفة ليس موجودا، وبسبب فقدانه فإن الوضع لا يتيح بلورة ما تسعى مؤسسات خاصة وعامة على حد سواء لتحقيقه: إيجاد ثوابت لصناعة الفيلم الخليجي يمكن أن تشاد عليها حالة نشطة من الإنتاجات تثمر عن أعمال رائعة - أو على الأقل - مثيرة للاهتمام الفعلي وواعدة باستمرار مسيرة طويلة.

* ومع أن الكثير من الخطوات الناجحة تمت خلال السنوات العشر الأخيرة أو نحوها، ما جعل بعض المهرجانات السينمائية تلعب دورا واعيا وأكثر تنوّعا من مجرّد عرض الأفلام، فإن الكثير يجب أن يقع على نحو مواز لا لمؤازرتها هي بقدر مؤازرة الوضع الثقافي والصناعي للسينما الخليجية على نحو عام.