شاشة الناقد

بطلتا فيلم «كاري»: الأم والابنة
TT

إخراج: كمبرلي بيرس.

أدوار أولى: كلاوي غريس موريتز، وجوليان مور، جودي غرير.

النوع: رعب (الولايات المتحدة 2013) تقييم: (*3 ) (من خمسة) استندت رواية ستيفن كينغ «كاري» (نشرت سنة 1974) إلى فكرة انتقام فتاة مراهقة وغير محبوبة في المدرسة من الطلاب (ذكورا وإناثا) الذين سخروا منها طويلا ودبروا لها المقالب المهينة لانتزاع الضحكات المهينة عليها. هي فتاة نحيلة وطيبة القلب، لكنها تكتشف أن لديها من القدرات غير الطبيعية ما يمكنها من توجيه انتقام من كل من يقصدها بالأذى.. تتحول من الضعف إلى القوة ومن الطيبة إلى الغرابة القصوى، وما تلبث أن تستخدم قواها الاستثنائية لإشاعة الرعب بين الطلاب الذين أهانوها طويلا، ولإشعال المدرسة كما لو كانت تشعل النار في صرح المؤسسة النظامية بأسرها.

في عام 1976 قام المخرج الجيد برايان دي بالما بصنع فيلم من هذه الرواية نقل فيها الجزء الأكبر من الأحداث وصاغها على نحو فيلم رعب هيتشكوكي الأجواء (كعادته آنذاك)، مانحا فكرة انتقام الضعيف من القوي (ديفيد ضد غولياث) جل اهتمامه. طبعا عني بتقديم الخلفية. كاري (سيسي سبايسك) واقعة تحت هيمنة أمها (بايبر لوري) المتطرفة دينيا، مما يمنح الفيلم جوا قوطيا مناسبا.

الآن هناك «كاري» جديد أقرب لأن يكون اقتباسا جديدا للكتاب أكثر من كونه إعادة صنع للفيلم السابق. في النسخة الجديد تقوم المخرجة كمبرلي بيرس (سبق أن أعجبنا بفيلمها المعادي للحرب العراقية «Stop-Loss» قبل خمس سنوات) بالتركيز على تلك الطقوس الدينية القوطية وتمنحها حجما أكبر في معضلة حياة بطلتها. كاري هذا الفيلم (كلاوي غرايس مورتز) ضحية أولى لأمها مارغريت (جوليان مور) التي يبدأ الفيلم بهما لحظة ولادة الأولى. مرغاريت تطلق صرخة مريعة وترفع مقصا تكاد تهوي به على الجنين المولود لولا أنها تمتنع فجأة ثم تلتقط ابنتها وتحتضنها.

طوال الفيلم ستتصرف مارغريت المتطرفة دينيا من منطلق أن ابنتها ممسوسة من قِبل شيطان رجيم وأن عليها أن تنزع عنها كل الرغبات والمشاعر الطبيعية والإنسانية. تبقيها تحت عبء شعورها بالدونية وتبعث بها إلى المدرسة لتكون مثار هزء من حولها باستثناء شاب صادق النية تشعر كاري بأنها تستطيع مبادلته الشعور لولا أن أمها تضع قدمها في منتصف هذا اللقاء المحتمل وتفسده. كاري التي اكتشفت في نفسها قدرات كان يمكن أن تنضم بها إلى شخصيات «رجال إكس»، تنتقم في النهاية بعدما طفح الكيل أكثر من مرة.

حين كتب كينغ هذه الرواية، ثم حين أخرج دي بالما النسخة الأولى منها، لم يكن الإنسان دلف عصر التقنيات الجديدة. هذه المرة الفيلم يبدو كصرخة ضدها.. ليست صرخة أولى أو أساسية أو حتى يمكن ملاحظتها قبل سواها، بل ترد عندما تقوم إحدى الطالبات بتصوير كاري لحظة تلوث ثيابها بدماء الحيض على هاتفها الجوال وبث الصور فورا على صفحات الإنترنت. هذا لم يكن واردا في بال كينغ، لكنه يرد في بال المخرجة بيرس لأنها تقدم «كاري» جديدة ابنة عصر مختلف. ومع أن الفيلم ملطخ بالدم في مناسبات عدة، إلا أن بيرس لا تنسى أنها بصدد فيلم رعب فتمنحه الأجواء والمؤثرات الناجحة. مور مقنعة وموريتز أقل قدرة على التجسيد مما فعلت سيسي سبايسك في النسخة السابقة.