شاشة الناقد

لقطة من «السُـلطة الخامسة».
TT

* إخراج: بيل كوندون أدوار أولى: بندكيت كمبرباتش، دانيال برول، لورا ليني

* النوع: دراما - سيرة حياة [ الولايات المتحدة 2013]

* تقييم:( 2*) من خمسة

* لم ينل «السلطة الخامسة» إعجاب أقرب الأشخاص إليه: جوليان أسانج، لكن الأمر لم يتوقـف عليه، بل شهد الفيلم صدا كبيرا من قبل الجمهور الأميركي وفتورا واسعا بين النقاد، وعالميا لا يبدو أن للفيلم، كما أخرجه بيل كوندون (الذي سبق أن حقق فيلمين من السير الحياتية)، حظا أفضل.

يقوم بندكيت كمبرباتش بتأدية الشخصية التي أثارت المتاعب في وجه الإدارة الأميركية عندما سربت كل ذلك الكم من المعلومات حول خفايا السياسة الخارجية وما جرى طمره من تفاصيل الحرب العراقية وما سواها من القضايا التي لا تزال عالقة إلى اليوم. وكمبرباتش ممثل جيـد في دور، له حدوده في نهاية المطاف كونه، مستمدا من شخصية ما زالت تعيش بيننا (ولو في كنف سفارة إكوادور في لندن بعيدا عن أصابع السلطات البريطانية). ما يأتي به الممثل كمعين لدوره هذا هو قدر من الغموض يلف موقف الشخصية التي يمثـلها من بعض الأحداث التي تتطلـب رد فعل عاطفيا. هل أسانج بارد لهذه الدرجة أم أن العاطفة تتداخل وتستعر في داخله؟

لكن هذا ليس ما منع الجمهور من الإقبال على هذا الفيلم، بل حقيقة أن العمل بأسره، كما كتبه جوش سينجر وأخرجه كوندون، لم يضف جديدا وبل لم يستطع. الأحداث كلـها راهنة لم يمض عليها أكثر من حفنة سنين. خلالها ما زال اسم أسانج مطروحا ومترددا، مما يجعل الفيلم يبدو كما لو كان مرآة مشروخة أو «فوتوكوبي» لا حاجة لها بوجود الأصل.

يبدأ الفيلم فاشلا: مونتاج كثيف لتاريخ الصحافة من أيام ما كانت تكتب بخط اليد إلى يومنا هذا. حين الوصول إلى الحاضر تضعنا المقدمة أمام قرار أسانج بنشر أسراره في ثلاث مؤسسات صحافية كبيرة هي «الغارديان» البريطانية، و«دير شبيغل» الألمانية، و«ذا نيويورك تايمز» الأميركية. المنشور كان مدويا على أساس أنه رصد موثـق لمواضيع ساخنة مثل الفساد في الطبقة الحاكمة في كينيا ومثله في أحد المصارف السويسرية، والحرب الأفغانية حيث ارتكب الجنود الأميركيون مذابح خافية وما سواها.

من هذه النقلة، يعود الفيلم القهقرى إلى عام 2007 لتعريفنا بصداقة متوتـرة قامت بين أسانج وشخص اسمه دانيال بيرغ (دانيال برول) ونتج عنها الموقع الإلكتروني الشهير «ويكيليكس»، ولو أن العلاقة بينهما تراجعت لحساب قدر من الريبة بالنسبة لأسانج ونسبة لرغبته - حسب الفيلم – في استحواذ على كل شيء.

بكاميرا تحب الحركة المفتعلة وبإيقاع ينشد أن يصطنع التوتر، تمضي ما يمكن وصفه بالأحداث عنوة. الفيلم إذ يسرد قصـة حياة يتابعها من دون ذلك الإلمام الأعلى بالعلاقة بين الشخص المنفرد والعالم الذي ينتمي إليه. كمشاهدين نتذكـر فيلم ديفيد فينشر الجيد «الشبكة الاجتماعية»، حيث مارك زوكربيرغ (كما لعبه جيسي آيزنبورغ) وكيف توصـل إلى كشف سلبيات الشخصية على نحو من الصعب مناهضته، ثم كيف جعل الموضوع الفردي مطروحا على مستوى يهم المشاهدين جميعا في عصر يربطنا جميعا إلى سلسلة التطورات التقنية الخارقة الحاصلة اليوم. تلك الرؤية غائبة عن «السـلطة الخامسة». حتى تلك المشاهد المفعمة بالحيوية تبقى مصطنعة، تنتمي إلى رغبة تأثير أكثر من اختيارات فنيـة ملائمة. الحوار في هذا الفيلم كارثة، كون الكاتب أراد من كل مشهد أن يحمل حوار الموقف الماثل مضافا إليه أبعاد وخطب مكثفة.