المشهد

TT

- اثنان رحلا في يوم واحد

* في يوم واحد، مات اثنان من السينمائيين: ممثل بريطاني اسمه نايجل دافنبورت، ومخرج أميركي اسمه هال نيدهام.

* في كل مرة يواجه النقاد مخرجا ناجحا على صعيد جماهيري بحت، يرد المخرج بأن أفلامه تلبي حاجة الناس ورغباتهم وأنه لا يأبه للنقاد. هال نيدهام لم يكن استثناء، لكن رده كان جديدا، فعندما قام بإخراج أحد أشهر وأروج أعماله «سموكي والبانديت» (Smokey and the Bandit) قام بشراء صفحة إعلان في صحيفة «فاراياتي»، وضع فيها مقتطفات من مقالات النقاد المهاجمة وإلى جانبها أرقام الإيرادات الكبيرة كما لو أنه يقول فعلا: «أنتم تقولون ذلك، لكن لجمهور يقول عكس ما تقولون».

* هال نيدهام لم يكن فنانا، وكان من الخطأ على الأرجح أن يـطالبه النقاد بأن يكون. ولد في عام 1931، اشتهر في هوليوود كـواحد من أفضل العاملين في مهنة المخاطر كـ«بديل»، أو «دوبلير» كما يـسمـى بالفرنسية، في حلقات تلفزيونية من الستينات، لكن قبل ذلك بقليل كان بدأ التمثيل في أدوار صغيرة. هذا الجانب من العمل مشى متوازيا مع العمل كرجل مخاطر حتى قام بتحقيق فيلمه الأول «سموكي والبانديت» عام 1977، من بطولة بيرت رينولدز. نجاح هذا الفيلم نتجت عنه سلسلة أفلام مع الممثل رينولدز في فترة كانت ذهبية بالنسبة إليهما، فحققا معا «هوبر» و«سموكي والبانديت» ثم «كانونبول رن» في جزأين أيضا.

* شغل نيدهام على السينما كان مهذبـا ونظيفا على صعيد التنفيذ، لكنه بالطبع لم يكن من المخرجين الراغبين في الذهاب لما بعد سرد الحكاية على نحو ترفيهي. رغم ذلك، شاهد أيا من أفلامه آنذاك وقارنها بأفلام حديثة من ذات التوجـه، تجده أفضل ولو قليلا منها.

* نايجل دافنبورت (مات عن 85 سنة)، كان طبقة أخرى من الفنانين. واحد تستطيع أن تدرك عمق موهبته بمجرد متابعة أي من أدواره التي تربو على مائة عمل تلفزيوني وسينمائي. لذلك، كان محزنا للغاية مشاهدته في لقطة واحدة في نهاية مهنته كما لو أنه مجرد طارئ لا خلفية له. كان ذلك في الفيلم الأميركي «فرسان شنغهاي» عام 2003، وهو فيلم شارك في بطولته كل من أوون ولسون وجاكي شان.

* نايجل ممثل بريطاني فذ، لم يجد نفسه نجما رغم أنه ظهر في بطولة عدد من الأفلام خلال السبعينات. كان بدأ التمثيل فوق خشبة المسرح في منتصف الخمسينات وتوجه إلى التمثيل للكاميرا في عام 1959، وكانت إطلالته الأولى في نطاق فيلم للمخرج توني رتشردسون (أحد بذور السينما البريطانية الجديدة) في اقتباس لرواية جون أسبورن «النظر إلى الخلف بغضب»، بطولة رتشارد بيرتون وكلير بلوم. في العام التالي، مثـل «الترفيهي» (The Entertainer) للمخرج نفسه، ثم توالت الأدوار صغيرة ثم مساندة في منتصف الستينات بعدما أثار اهتمام مخرجين هوليووديين، بينهم فرد زنمان الذي أسند إليه دور دوق نورفولك في «رجل لكل الفصول». بقامته المديدة ونظراته الثاقبة وشاربه الكثيف، ناسب أدوار العسكريين الكبار كما المجرمين الخطرين.