ستالون وشوارتزنيغر يكتشفان أن في اتحادهما قوة

غريما الأمس يساندان بعضهما بعضا اليوم

ستالون وشوارتزنيغر: لقاء جديد
TT

«توجه اللكمات كما لو كنت من آكلي النباتات» (You punch like a vegetarian) يقول أرنولد شوارتزنيغر لسلفستر ستالون في فيلمهما الجديد «خطة هروب»: فيلم من النحو القديم يعيد اجترار شخصيتيه المذكورتين ويتوجه، أساسا، للجمهور الذي كان شابا حين كان هذان الممثلان يصنعان صرح النجومية فيلما وراء فيلم. الأول حققها عبر سلسلتي «روكي» و«دم أول» والثاني عبر سلسلة «ترميناتور».

في عام 2007 قال سلفستر ستالون لهذا الناقد حين سأله لماذا لم يتعاون وشوارتزنيغر على فيلم واحد: «ليس هناك من سبب. قبل تسع سنوات اتصلت بآرني وقلت له: علينا أن نعمل معا في فيلم واحد. متى تعتقد أننا سنقوم بذلك؟ يجب أن نقوم بذلك قبل أن نشيخ».

شوارتزنيغر لم يبد عليه أنه كان متحمسا لذلك. قال لستالون ضاحكا: «لا تخف. سنفعل شيئا يوما ما».

هذا اليوم لم يأت سريعا. ستالون في عام 1996، عندما أجرى تلك المكالمة، كان يدخل حلبة الملاكمة مرّة أخرى ليفوز بجمهور منشود في جزء سادس من «روكي» مستعيدا بعض قديمه ولو من دون نجاح مبهر. في حين كان شوارتزنيغر ينتقل من فيلم ناجح إلى آخر. في ذلك العام لعب بطولة «الماحي» The Eraser الأكشن و«خشخشة طوال الطريق» الكوميدي. عامين قبل ذلك كان نجم الأكشن بلا منازع عبر فيلمين متتاليين هما «آخر بطل أكشن» (1994) و«أكاذيب حقيقية» (1994).

هذا يفسر ناحيتين: ستالون كان يهدف لاستعادة نجوميته ووجد أن «استعارة» شوارتزنيغر ستفيده، والثاني فهمها على «الطاير» ووجد أنه ليس بحاجة إلى ستالون فهو متقدّم عليه.

لكن ستالون اعتاد على أن يحارب في سبيل الوصول إلى مبتغاه. هو - في الأساس - جهد كثيرا لإقناع شركات هوليوود بتمويل فيلمه الأول «روكي» (1976). طرق الأبواب كلها وحصد إما صدا كاملا أو مشروطا، فهو كتب سيناريو شبيها بما كان يمر به: ملاكم لم يسمع به أحد يصطاد فرصة الظهور أمام بطل العالم ويجهد في سبيل وزه ثم يحقق هذا الفوز. ملخص يشبه كثيرا سعيه لاستحواذ فرصة الانتقال من ممثل ثانوي إلى البطولة المطلقة.

أساسا، أراد ستالون ليس فقط القيام بالدور الرئيس الأول بل اقترح نفسه مخرجا أيضا. لكن بعض استديوهات هوليوود لم تجد ستالون شخصية يمكن المراهنة عليها نظرا لأن باعه في السينما لم يكن يزيد على لقطات عابرة في بضعة أفلام (بينها «موز» لوودي ألن و«وداعا يا حبي» لدك رتشاردز و«سباق الموت 2000» لبول بارتل). حين وجد أنه لن يحقق مراميه إلا بتنازل ما، قبل بالتخلي عن رغبته في إخراج الفيلم قابل التمسّك ببطولته، حينها فقامت شركة «يونايتد آرتستس» بتمويل العمل وعيّنت جون ج. أفيلدسون لإخراج الفيلم.

وهو حارب بعد ذلك لإبقاء شعلته والعة. كلما هبط الإقبال على أفلامه، دفع إلى الجمهور بروكي جديد أو بجزء آخر من مسلسله الناجح أيضا «رامبو». وإذا ما كان «روكي» حكاية نضال، فإن «دم أول» (1982 - أول حلقات رامبو) كان حكاية نقد لما يصفه الفيلم، حين قراءته، بالتذبذب السياسي حيال فييتنام، وكيف تعامل المجتمع ومؤسساته الرسمية مع الجنود العائدين من رحى تلك الحرب.

كما هو معروف، فإن هاتين السلسلتين هما أكثر ما أنجزه ستالون من نجاح فتم إنجاز ستة أجزاء من «روكي» وأربعة من «رامبو» ما مكنه من تجاوز سقطات تجارية مثل «فوق القمة» و«صقور الليل» و«زقاق الفردوس».

* كل من هبّ ودب

* الشغف بالتحوّل من لا أحد إلى نجم كبير هو الدافع وراء مسيرة أرنولد شوارتزنيغر والبدايات تشابهت مع تلك التي لغريمه ستالون: مجموعة من الأدوار الصغيرة في «هركوليس في نيويورك» و«الوداع الطويل» و«ابق جائعا» وذلك في منتصف السبعينات، وضعته على منصّة العمل من دون احتمالات نجاح. على عكس ستالون لم يملك شوارتزنيغر - لجانب عضلاته الجسمانية - مشروعا يدافع عنه ويحارب لأجله بل استبدل ذلك بتحيز الفرص والفرصة الأولى لتولّيه البطولة وردت سنة 1982 (العام الذي قدّم فيه ستالون «دم أول») عندما وضعه المخرج جون ميليوس في بطولة «كونان البربري». بعد عامين كرر الظهور في جزء ثانٍ («كونان المدمر») وأنجز بطولة «ترميناتور» للمخرج جيمس كاميرون. بعد ذلك هي بطولة على طول الخط في «كوماندو» (1985) و«صفقة محضة» (1986) و«مفترس» (1987)، ثم «حرارة حمراء» (1988) و«توتال ريكول» (1990).

لكن شوارتزنيغر كوّن أجندة سياسية بدأ تنفيذها في مطلع العقد الماضي عندما ترك المهنة على نحو شبه كامل ودخل انتخابات حاكم ولاية كاليفورنيا وفاز بالمنصب مرّتين متواليتين. فقط عندما خرج من تلك الوظيفة الحكومية، أخذ يبحث عن مناسبات ليعود عبرها إلى الأفلام الكبيرة ليقود بطولتها على غرار ما فعله منذ أن بات نجما في منتصف الثمانينات. وأول من مد يده إليه كان ستالون نفسه وذلك حين ضمه إلى ممثلي «المستهلكون» The Expendables سنة 2010. لم يكن الدور كبيرا بالنسبة لشوارتزنيغر لكنه لبى عبرها دعوة زميله ستالون وحقق تلك الأمنية التي بثّها له سنة 1996. دفع النجاح شبه المفاجئ الذي أنجزه ذلك الفيلم، الذي أخرجه ستالون نفسه، شوارتزنيغر لتلبية هذه الرغبة مرّة أخرى في «المستهلكون 2» وبلا تردد هذه المرّة. ليس هذا فقط، بل جاءت مشاهد شوارتزنيغر في الجزء الثاني أكبر من تلك التي في الجزء الأول، علما بأن كلا الفيلمين قام على جمع كل من هبّ ودبّ من ممثلي أفلام الأكشن والعضلات في الثمانينات وبعض الجدد في هذا المجال أيضا.

حين اختبر كل من هذين الممثلين جمهوره منفصلا مؤخرا اكتشف أنه لا يستطيع تجاهل قوّة اتحاده مع الآخر. ستالون الذي يقبض خمسة عشر مليون دولار عن الفيلم الواحد لم ينجز منفردا في «رصاصة إلى الرأس» ما يستحق الإعجاب. شوارتزنيغر الذي بات ينال خمسة ملايين دولار عن دوره حصد فشلا ذريعا في «الوقفة الأخيرة» في مطلع هذا العام. معا يستعيدان مجدا مضى، لكن هذا بدوره لن يدوم طويلا

* على القمة

* الفيلم الأكثر نجاحا لسلفستر ستالون هو «رامبو: دم أول 2» الذي جمع من السوق الأميركية سنة 1985 مليونا و500 ألف دولار. بالنسبة لشوارتزنيغر فإن الفيلم الأكثر نجاحا له، داخل أميركا، هو «ترميناتور 2: يوم الحساب» الذي أنجز سنة 1991 مائتي مليون دولار. كلاهما حاول التنويع فاختار الكوميديا وفشل: ستالون عندما قام سنة 1984 ببطولة «راينستون» وشوارتزنيغر حين قام ببطولة «توأم» سنة 1988. كلاهما كرر التجربة بضع مرّات قبل أن يرفع يديه مستسلما.