المشهد

«أميركان فيلم ماركت» ينطلق

TT

* كل الحديث عن سينما عربية مختلفة وبديلة كلام جميل. كل الحديث عن مهرجانات داعمة ونشطة لتحفيز المواهب الجديدة والأعمال الجادّة والجيدة رائع، لكن ما دامت هذه السينما بلا سوق فإن مستقبلها مناط بالمهرجانات والمهرجانات لا يمكن أن تشكل صناعة. يمكن أن تؤدي إلى تحقيق أفلام، لكنها ستتوقف عند هذا الحد. ستحقق أفلاما وبعد؟

* مناسبة هذا الكلام انطلاق «سوق الفيلم الأميركي» قبل يومين (في السادس من هذا الشهر) الذي هو بمثابة الجهة الأخرى من المعادلة. لدينا أربعة آلاف مهرجان حول الأرض منها خمسة مهمة وأولى وعشرة أخرى ضرورية بلا ريب والباقي في اللعبة بمساحات مختلفة. هذا على جانب. على الجانب الآخر لدينا حفنة أسواق فاعلة لنشر كل أنواع السينما و«سوق الفيلم الأميركي» أولها. في المقابل العربي، لدينا قحط شديد. الفيلم العربي عليه أن يولد بمهارات «أكروباتية» لكي ينجح تجاريا، ناهيك عن أن يجد طريقا صحيحة للعرض. ولدينا سوق شاسعة غير منظمة لنحو 300 مليون عربي كان يمكن لها، لو نشأت، وضع السينما الناطقة بالعربية بين تلك الرئيسة على كل صعيد.

* أحببت دائما قصد «سوق الفيلم الأميركي» (ولو أنه من المشقة بمكان كبير أن تجد مكانا تركن فيه سيّارتك) والاختلاط بالموزّعين والمنتجين والمخرجين الذين يحملون أفلامهم بأنفسهم. إنه تركيبة ممتعة تستمر هذا العام حتى الثالث عشر من الشهر في منطقة سانتا مونيكا الساحلية حاوية 8000 قاصد جاءوا لمتابعة 321 فيلما لم يسبق عرضها عالميا وأقل منها مما لا يزال يريد أن يبيع منتوجه. عدد العروض بإجماليها 405 عروض وعدد الدول التي تشترك 51 وعدد الساعات التي يشغلها السوق هو 24 ساعة يوميا، أي إنه، وبفضل الحفلات الساهرة التي تقام كل ليلة، لا ينام ولا ينام كذلك الحديث في «بزنس» السينما.

* في السنوات السابقة، كما في هذا العام، يحط إليه موزّعون سينمائيون من الشرق الأوسط. معظمهم لشركات تعمل في لبنان لكن هناك ممثلون لشركات توزيع كويتية وإماراتية في بعض السنوات. لكن من الممكن أيضا أن تلتقي في ردهة الفندق أو في طوابقه المشغولة بمكاتب البيع بمخرج أو منتج عربي لديه فيلم أو مشروع يريد عرضه. لكن هذا قليل الحدوث لسبب جوهري: ليس لدينا ما يمكن عرضه عادة لمشترين من أميركا أو الصين أو أوروبا أو سواها. أفلامنا، في معظمها، متوجهة إلينا فقط، وحين يكون هناك ما هو متوجه إلى الجمهور العالمي فإن الطريق الذي يسلكه أوروبي منذ المنشأ بحيث تتولى هذا الجهد شركات تمويل أوروبية تدفع به، تدريجا، إلى العروض العالمية (أو ما تسنى منها) والمثال في العام الماضي «وجدة» السعودي، وفي العام الحالي «عمر» الفلسطيني.

* هذه السنة في «سوق الفيلم الأميركي» استمرار للي ذراع السينما العالمية طمعا في الوصول إلى كثافة السوق الصينية. هناك مائة شركة جديدة تشترك للمرة الأولى تبغي شراء أفلام عالمية من بينها شركات صينية (لا تكشف مصادر السوق عن عددها). حتى سنوات قليلة مضت لم تكن السوق الصينية مطروحة على هذا النطاق. لكن شركات البيع لا تعرف لونا أو جنسا وتدعي أنها لا تعرف سياسة، بل ستبيع لمن يشتري.