المشهد

TT

* المخرج الدنماركي لارس فون ترايير لا يسافر بالطائرة. ربما لو كان هناك جسر ممتد من ساحل إحدى المدن الاسكندنافية إلى ساحل كاليفورنيا لسافر إلى الولايات المتحدة عليه، ومن كاليفورنيا يكمل السفر بالسيارة إلى حيث يحضر مهرجان «صندانس» الحالي. بما أنه لا يحب السفر، فهو لم يكن حاضرا عندما جرى عرض فيلمه الجديد «نيفومانياك - الجزء الأول» الذي لا تزيد مدة عرضه على أربع ساعات فقط لا غير!

* العرض كان شبه سري. لكن القاعة امتلأت على أي حال، والعيون تابعت مشاهد مفضوحة في فيلم يتحدث عن امرأة تعاني شهوتها التي لا تحد. هي، كما يشي عنوان الفيلم: «مهووسة جنس» لا تكاد تشبع ولا تمتنع عن أي علاقة. لكن في الوقت الذي يصف فيه المخرج حال امرأة تعاني قدرا من عذاب الضمير وتريد خلاصا من حالتها، يواصل الاحتفال بالحالات المماثلة، ليس بالنسبة لبطلته (شارلوت غينزبورغ) رغم أنها شخصية محورية، بل للكثير من الممثلين المشتركين.

* الفيلم سيعرض في برلين بساعاته الأربع، وربما على مرحلتين. و«برلين» مهرجان دولي أكثر حضورا في الثقافة السينمائية من مهرجانات كثيرة أخرى، بما فيها «صندانس»، لكن هذا لا يمنع من القول إنه انقض على فيلم فون ترايير الذي لم يسبق أن عرض فيلما له فيه. فحتى عام 2012، اعتاد فون ترايير التوجـه إلى مهرجان «كان» بأفلامه، سعيدا بالجو الحافل الذي يحصده هناك. لكنه في ذلك العام أحب أن يمازح الحاضرين في مؤتمر صحافي فقال إنه «نازي» فقطع له المهرجان الفرنسي تذكرة بلا عودة.

* الجنس من عمر السينما. فيلم «قبلة» جرى إنتاجه عام 1896 وأخرجه ويليام هاس، وفيه رجل يتبادل قبلة عادية مع امرأة. الصحف تناقلت ردود الفعل الغاضبة من الجمهور، والكتـاب تحدثوا عن هذا الاختراع غير الأخلاقي الذي اسمه (سينما). وكاد الأمر يفلت من العقال حتى في تلك السنوات الأولى، مما استوجب إنشاء جمعيات وسن قوانين. لكن اهتمام بعض المخرجين بالجنس كحالة لم يتوقـف يوما. في العام الماضي، عرض «كان» فيلم عبد اللطيف كشيش «الأزرق أكثر الألوان دفئا»، وفيه ذلك المشهد الجنسي الطويل الذي أثار نقاد السينما الغربيين، فوضع عدد منهم الفيلم في عداد أفضل عشرة أفلام شاهدوها في 2013.

* كان هناك حينٌ عد فيه فيلم مثل «إيمانويل» مسببا للعرق. مشاهده الساخنة وبطلته سيلفي كرستل، كانا حديث المثقفين والجمهور. الأول من باب الرفض، والثاني من باب القبول. في بضعة أفلام من السلسلة المثيرة، أسست الممثلة، التي توفيت في الثامن عشر من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2012 عن سبعين سنة، كنجمة إغراء. لكن تلك الأفلام لم تذهب إلى ما يذهب إليه «مهووسة جنس» لترايير، أو إلى ما ذهب إليه «الأزرق أكثر الألوان دفئا». هذا الأخير ما زال قيد التداول النقدي بين فريق يعد مخرجه مبدعا، وآخر يراه بصباصا يريد من المشاهدين أن يبصبصوا معه.