المشهد

إدمان الممثلين

TT

* هناك أكثر من 110 ممثلين وممثلات ماتوا نتيجة المخدرات في العقود الستة الماضية.. آخرهم طبعا الممثل فيليب سايمور هوفمن الذي حسب تعليق زميل لي كان يبدو في آخر صوره المنشورة كما لو كان ابن الستين.. بينما هو لم يتجاوز الأربعينات من عمره بعد

* كالعادة في هذه المناسبات تنادى الوسط السينمائي ينعى هذا الممثل الذي كان بالفعل من أفضل المواهب في السنوات الـ20 الأخيرة حريصا على أدواره وحريصا على فنّه ويستطيع أن يجعل الدور الصغير كبيرا بحرفة لا تسعى لظهور متكلّف أو مغالٍ كما قال عنه مارك وولبرغ: «لم يكن أنانيا» خلال التصوير.. لم يطلب من العاملين معه أكثر من أن يؤدي الدور ويمضي.. وحين لعب «كابوتي» مؤديا شخصية الكاتب الأميركي المعروف رفع من مستوى الفيلم فعلا هو الفيلم وجوهره

* لكن لماذا يقترف ممثل موهوب (ورب أسرة) الإدمان على المخدرات؟ ما السر الدفين وراء انتشار الآفة بين كثيرين.. روبرت داوني جونيور كان صاحب الجنوح الأمثل.. كلّما هددوه بالسجن أدمن أكثر.. وكان ممانعا للتوقّف عن الإدمان بإصرار غريب.. هناك ممثلون منعهم الإدمان من شق طريقهم نحو النجاح من بينهم مثلا توم سايزمور الذي كان واحدا من آخر أدواره الملحوظة ذلك الدور الذي أدّاه في فيلم ستيفن سبيلبرغ «إنقاذ المجند رايان»

* من لم يمت بالكوكايين والهيروين مات بالاثنين معا كما حدث مع ريفر فينكس شقيق الممثل الحالي واكين فينكس الذي ما زالت عيناه تدمع حزنا على شقيقه إذا ما تطرّق صحافي ما إلى الموضوع ويتحاشى البحث فيه.. وإن لم يمت بالمخدرات والعقاقير مات بالإدمان على الكحول كما حدث مع ريتشارد بيرتون وغايل راسل وإيرول فلين وجين سيبرغ وكثيرين

* لماذا يفعلون ذلك؟ فراغ؟ ضغط عمل؟ عدم إيمان بهدف أعلى؟ ضعف عزيمة؟ انهزام عاطفي شديد حيال العالم؟ أسباب نفسية دفينة؟ من يدري؟ حتى فرويد كان سيقف عاجزا أمام لولبة الحياة في هذه الأيام وفي فهم كامل المعضلة الإنسانية التي تودي بكل منا في دروب مختلفة

* علم النفس لما بعد فرويد يؤمن بأننا جميعا مدمنون كل منا على شيء معيّن.. تدمن استخدام كلمة أو شرب قهوة أو الخروج من البيت لتمشي على الرصيف الذي تختاره من دون تفكير.. تدمن الجلوس في مقعدك أو مشاهدة مسلسلات بعينها أو بما دون ذلك أو أكبر.. كثير من هذا الإدمان ليس قاضيا ومميتا.. لكن ذلك الإدمان المميت هو الأفدح

* البوليس الأميركي ألقى القبض على أربعة متّهمين بتأمين الهيروين لهوفمن.. فعل متأخر.. حتى إذا ما جرى إثبات التهمة عليهم، لن يعود إلى الحياة لكن السؤال لمَ لمْ يجر القبض عليهم من قبل؟ الحكومة الأميركية صرفت مليارات الدولارات منذ السبعينات وهي تحارب عصابات المخدّرات لكن عوض القضاء عليها انتشرت هذه العصابات وانتشرت المخدّرات أكثر من قبل هل هناك معنى من وراء ذلك؟ هل يستطيع أحد إنقاذ الممثل التالي؟