شاشة الناقد

المستقبل غير البشري للبشر

مشهد من فيلم «ذا كونغرس»
TT

إخراج: آري فولمان تقييم الناقد:(*3)(من خمسة) الفيلم الحائز جائزة أكاديمية الاتحاد الأوروبي لأفضل فيلم «أنيميشن» عن العام الماضي، كان «الكونغرس»، للمخرج الإسرائيلي آري فولمان. هو ليس بكامله أنيميشن، لكنه لا يزال يصلح لحمل اللقب و، على أكثر من نحو، صالح للجائزة أيضا.

في عام 1971، وضع الكاتب البولندي ستانسلاف لـم رواية قصيرة بعنوان «مؤتمر الرؤية المستقبلية» (The Futurological Congress)، ترجمت إلى الإنجليزية عام 1974. لـم هو الكاتب الذي وضع قبل ذلك (عام 1961) روايته الأشهر «سولاريس» التي اقتبس عنها الروسي أندريه تاركوفسكي فيلمه الذي لا يقل شهرة بالعنوان نفسه. آري فولمان، الذي كان اعتلى الشهرة عام 2008 عندما أخرج فيلم الرسوم المتحركة الطويل «الرقص مع بشير» (حول مذبحة صبرا وشاتيلا)، قام في عام 2012 بالبدء بهذا المشروع إل جانب شركات بولندية وفرنسية وألمانية ولوكسمبورغية إلى جانب شركته الإسرائيلية وصندوق دعم الفيلم الإسرائيلي.

وإذا كان الأمر تطلـب منه المراوغة وتخفيف مسؤولية المذبحة المذكورة في نهاية فيلمه السابق، فإن ذلك لا يجب أن يمنع أنه كان عملا جيـدا لم شمل المنحى التسجيلي بسينما الأنيميشن على نحو غير مسبوق.

هذه المرة يترك السياسة جانبا ويعمد إلى عمل خيال علمي رائع التصميم ومثير للإمعان والتفكير حول مستقبل غير بشري ينتظر البشر. حسب الرواية الأصلية، فإن هيئة حاكمة ستتولـى تحويل الآدميين إلى روبوتس ومن لا يرغب في الإنضمام، سيبقى معزولا في عالم لا مستقبل له. هذا الخيط باق في الفيلم لكن مع اختلاف. لنحو أربعين دقيقة أولى نتابع حكاية ممثلة سينمائية أسمها روبين رايت (وتقوم بها روبين رايت نفسها) توافق، بعد تردد شديد، على القيام بتحويل نفسها إلى شخصية مرسومة. يقول لها المنتج جف (داني هيوستون) أن شبابها ولـى لكنها تستطيع العودة إليه إذا ما سمحت بأن يتم استنساخها لتحويلها إلى شخصية كرتونية. ثمن ذلك أنها ستتوقف عن التمثيل، لكنها ستخلـد حسب وعده. هذا التحويل يصيب واقعا ممكنا اليوم. لولا الحقوق القانونية لتم تقديم مارلين مونرو وجون واين وهمفري بوغارت ونجوم الأمس جميعا في أفلام جديدة. الرابط المختلف هنا هو أن فولمان، بالاستيحاء من ستانسيلاف لـم، يضع مستقبل البشرية بأسره ضمن هذا الإطار. بعد عشرين سنة تدخل روبين رايت (ساهمت بإنتاج الفيلم أيضا) إلى عالم من الشخصيات المتحولة من الواقع إلى الكرتونيات. في عالم إمتدادي لمستقبل داكن سيعيش هؤلاء، نظريا على الأقل، حياة سرمدية. سوف لن ينقذ روبين من ذلك سوى حبـة لو تناولتها لعادت إلى شخصيتها الأولى، وهي تفعل ذلك حبـا في البحث عن إبنها. حين تعود إلى طبيعتها البشرية تكتشف أن إبنها درءا لمرض يؤدي به إلى فقدان السمع والبصر قام بتـلك الرحلة صوب الخلود الإحيائي (أنيميشن) تخلـصا من الخطر.

الفيلم مبهر التنفيذ في شقـيه الحي والأنيميشن، لكن إيصال الرسالات المقصودة يتعرض لذلك الإضطراب المونتاجي كلـما اختار الانتقال بين العالمين. ألوانه وتقنياته تشغل العين، لكن أداءاته تبقى ضعيفة وإيقاعه يفتقد الإدارة الأفضل.