المشهد

أجندة خاصة

TT

في عالم مليء بالتيارات والغايات والأجندات الخاصّة؛ أين يمكن للفن أن يتوجه إذا ما أراد أن يحافظ على نقاوته؟ حسب قطاع كبير من الأميركيين.. ليس إلى استوديوهات «ديزني». المواقع والصحف الأميركية، بدءا من «ذا لوس أنجليس تايمز» وصولا إلى إذاعة «جانيراشن راديو» وما بينهما هناك حديث اليوم عن كيف توجّه «ديزني» جمهور الصغار الوافدين لمشاهدة فيلمها الأخير «مجمّد» Frozen لقبول المثلية (الشذوذ الجنسي).

في الحقيقة ربما بدأ هذا الحديث في تلك المحطة الإذاعية وفي برنامج يشرف على كَفن سوانسون الذي استقبل معلّقا باسم ستيف فون، وكلاهما هاجم الفيلم منتقدا ترويجه للمثلية. وهو أمر ممكن، كون الفيلم يصور لنا أن الاختلاف جيّد في هذه الناحية من السلوك. ليس أن هناك شخصية لواطية واضحة، لكن هناك تحية يرميها رجل في الفيلم الكرتوني على آخر قائلا له «مرحبا يا أهلي» Welcome, family ما يشي بنية ترويج الزواج المثلي الذي وافقت عليه حتى الآن بضع ولايات أميركية.

كذلك، فإن شخصية إلسا، إحدى بطلتي الفيلم، وهي التي تتولى الحكم، وُلدت مختلفة عن شقيقتها، ولا توحي بأن لديها أي اهتمام فعلي بالرجال. بالنسبة لهذا الناقد بدت شخصيتها متوترة وحائرة؛ فهي بالتأكيد تغضب حين تخبرها شقيقتها بأمر ذلك الشاب الذي يطلب يدها. لكن المعلقين ذكرا جانبا آخر، أو فسّرا غضبها على نحو مختلف.

قد يكون ذلك صحيحا وقد لا يكون، لكن الاحتفاء بالمختلف بيننا أمر تمارسه «ديزني» منذ سنوات. هل تذكرون الخطاب الذي ألقته السمكة في فيلم «البحث عن نيمو» حول حقّها في أن تكون مختلفة وواجب الآخرين في قبولها؟

صحيح أن المعلّقين ينتميان إلى محطة يمينية متطرّفة، لكنهما لا يبتعدان مطلقا عن وضع ممارس بالفعل تُستخدم فيه السينما لتمرير رسائل ملغومة. صحيح أيضا أن هوليوود كانت دائما أشبه بموقع بث. في الثلاثينات جرى إطلاق أفلام عُدّت مؤيدة للنازية، وخلال مطلع الحرب العالمية الثانية أنتجت أفلاما صوّرت الاتحاد السوفياتي على نحو إيجابي. حين دخلت أميركا الحرب أنتجت هوليوود أفلاما ضد النازية، وعندما انتهت، أنتجت أفلاما ضد الاتحاد السوفياتي واستمرت بإنتاج أفلام مع الصين ضد اليابان. ولك أن تكمل المواقف السياسية بعد ذلك. لكن استخدام السينما على هذا النحو كان مجديا وعلى مستوى سياسي، أما ما يدور اليوم فهو غزوة اجتماعية موجّهة صوب الأولاد لتعويدهم قبول «عالم جديد».

ماذا بعد أن يجري توسيع الرقعة وتأسيس جيل صاعد لا يمانع المثلية كسلوك يمارس في الأماكن العامّة، وهو الذي بدأ متابعته عبر أغاني بعض نجوم الـ«بوب ميوزك»؟ هل سيجري في عشرينات هذا القرن التأسيس لترويج الجنس داخل أفراد العائلة الواحدة؟ أشاهد أفلام اليوم لأمارس عملي، لكن في أي وقت من السنة فإن تفضيلي لأيام كانت السينما متعة وترفيها وفنا، حتى وإن داخلته رسالة سياسية ضد رسالة سياسية أخرى عوض ما نشاهده اليوم من ابتذالٍ كثيرون منا لا يدركون خطره، وآخرون يجدون أنه من الأفضل عدم معارضته، وعدم معارضته هو قبول به قطعا.