المشهد

سجون وشجون

TT

* حين يطأ المخرج الكندي أتوم إيغويان أرض مهرجان «كان» بعد أيام قليلة ليعرض فيلمه الجديد «الأسرى» في المسابقة، سيكون كمن خرج من الاستديو لأول مرة منذ أشهر طويلة، ليس فقط لأنه أمضى الأسابيع السابقة وهو يتابع المراحل الفنية الأخيرة لذلك الفيلم، بل أخرج - وفي الفترة ذاتها التي كان يحضـر فيها لفيلمه هذا - فيلما آخر، ما إن انتهى منه حتى دخل تصوير «الأسرى» من دون فترة راحة.

* هذا الفيلم الثاني هو «عقدة الشيطان» Devil›s Knot الذي يباشر عروضا أميركية محدودة بدءا من اليوم (الجمعة)، والذي يدور حول قضية شغلت الرأي العام الأميركي طويلا، وستعود - بفضل الفيلم الجديد - إلى العلن لتشغل حيـزا منه على الأقل، لبعض الوقت.

* إنها قضية وقعت فصولها في بلدة فبولاية أركانسا، أقدم فيها شاب اسمه داميان إيكولز واثنان من أصحابه، على قتل ثلاثة أولاد. القتلة أعلنوا براءتهم مما نـسب إليهم، لكن الادعاء والمحكمة لم يأخذا بذلك الإعلان، متسلـحين بعدد كبير من الأدلة التي بين يديهما، خصوصا أن الشبان كانوا قد انحرفوا لممارسة طقوس شيطانية، وكان إيكولز، تحديدا، هدد والديه بقتلهما فيما مضى.

* داميان إيكولز خرج من السجن عام 2011 بعدما قضى فيه عشرين سنة، وقد بلغ التاسعة والثلاثين من العمر ليجد نفسه محط الأنظار من جديد. فإطلاق سراحه كان مناسبة لفتح الملفات وإعادة الذكريات ونبش مواقع الذات التي لا تزال تندمل. شهرته كقاتل تطغى على آفاق حياته، وتمنعه، حسب حديث له لصحيفة «نيويورك تايمز»، من شق حياة «طبيعية».

* الآن، مع الفيلم الجديد الذي يقوم ببطولته داين ديهان لاعبا الشخصية ذاتها باسم مختلف، وكولين فيرث في دور المحقق، وبروس غرينوود في دور القاضي، ستعود الأضواء لكي تسطع فوق الحادثة. لكن «عقدة الشيطان» ليس سوى الأخير في سلسلة من الأفلام التي دارت حول هذه الجريمة. من حسن الحظ أن الثلاثة الأخرى تسجيلية (أهمها «غرب ممفيس» الذي أخرجته آمي بيرغ عام 2012.

* قيام السينما الروائية بنقل حكايات واقعية لسجناء متـهمين بعضهم جرى تنفيذ حكم الإعدام بهم، ليس جديدا. إذا لم نشأ البحث بعيدا، يكفينا - على سبيل المثال - فيلم «في دم بارد» عن المجرميْن بيري (روبرت بلايك الذي يقضي فترة عقوبة طويلة في السجن الآن لقتله زوجته فعلا)، ودك (الممثل الرائع والمقل سكوت ولسون)، كما أخرجه ريتشارد بروكس عام 1967.

* من باب الصدفة ليس إلا أن المخرج بـنـت ميلر، الذي نشاهد له في «كان» هذه السنة أيضا فيلمه الجديد «قابض الثعلب»، أخرج قبل ثماني سنوات فيلمه عن الروائي والصحافي ترومان كابوتي (كما لعبه الراحل فيليب سايمور مور)، الذي حقق مع المذنبين الفعليين وسجل اعترافاتهما وعزز بتحقيقاته تلك من مكانته المهنية ولو على ظروف القضيـة والمتهمين نفسيهما.

* الموضوع يجر ما سواه: ففي عام 2011، قام المخرج ريتشارد ج. لويس بتحقيق «نسخة بارني» عن القاتل بارني بانوفسكي الذي حكم عليه بالسجن لقيامه بقتل كل زوجاته اللاتي اقترن بهن مختارا إياهن من بين متوسطات العمر اللاتي لديهن ما يرثه عنهن. ذلك القاتل أفرج عنه قبل أيام وهو لجأ إلى مخرج الفيلم ليؤويه فأسكنه في «جراج» منزله!