المشهد

ألعاب هوليوودية

TT

* على الرغم من نجاح «ترانسفورمرز: عصر الإبادة» منجزا 185 مليون دولار محليا و401 مليون دولار عالميا (من بينها 220 مليون دولار في الصين)، فإن موسم الصيف لا يزال في خطر؛ الأفلام السابقة لم تنجز ما كان مفترضا بها إنجازه، وها هو الموسم متراجع بنسبة 20 في المائة عما كان عليه في الفترة ذاتها من العام السابق، لكن الأمل في القردة!

* ترى هل ستنقذ هوليوود الصيف على نحو كبير وتعيد ثقة المشاهدين بأفلامه بدءا من هذا الأسبوع عندما تباشر صالات السينما عرض «فجر كوكب القردة»؛ مشاهد مثل اعتلاء الغوريللات الجياد تبدو غريبة وغرابتها واعز لجر قدم المشاهدين، بينما هذا أمر لا يمر بسهولة في البال: كيف يمكن لغوريللا (حتى ولو كان تحت تلك السترة الوبرية بشر) أن يمتطي الفرس من دون أن يتدخل في تغيير معالم المتوقع؟ وكم تطلب من الوقت والتدريب قبل أن تتعود الجياد على شكل ذلك الحيوان الذي سيركبها عوض الإنسان؟ أشعر بالأسف للجياد، لكن الخلطة لا بد ستحقق نجاحا بصرف النظر، كما هو الحال في كل فيلم من الإنتاجات الكبيرة، عن مستوى الفيلم بحد ذاته.

* الحديث عن «شباك التذاكر» ومستوى أدائه ليس حديثا سهلا. نقادنا عادة يعتبرون أن السينما هم وطني وطرح سياسي وقضايا شائكة. انظر إلى عناوين معظم المقالات السينمائية التي تنشر في الصحف والمواقع تجدها حافلة بالخطب والطروحات ذات الطابع السياسي، وبالنصوص التي تقلب ما يجب أن يبقى وسيلة لجلب الجمهور إلى كيان الكتابة ومنه إلى كيان الفيلم إلى ما يشبه رفع أثقال من الهموم والهواجس.

* ما يحدث للسينما فنيا وتقنيا وصناعيا وتجاريا جزء لا يتجزأ من الكل، خصوصا أنه يتناول ميول المشاهدين ودراسة طبائعهم ومعرفة المستجد من أحوال السينما التي تحيا خارج المهرجانات وهي في النهاية السينما الغالبة، وهي فوق ذلك جزء من الصحافة اليومية ورسالتها التواصلية مع القراء، بل يتدخل في قراءة الفيلم النقدية، فهو قد يلتزم أكثر مما يجب بضرورات السوق فيخسر، وقد يبتعد فينجح. في الوقت ذاته لا التزامه ولا ابتعاده سيعني قيمة الفيلم الفنية أو يحددها.

* الاستوديوهات الأميركية عادة ما تلعب لعبتها الكبيرة 365 يوما في السنة، اللعبة هي عملية توجيه ما ينشر من أرقام مقابل إخفاء أرقام أخرى. حين نقول مثلا إن «ترانسفورمرز: عصر الإبادة» تكلف 210 ملايين دولار لصنعه، فإن هذا الرقم هو المعلن من قِبل الاستوديو (في هذه الحالة باراماونت)، في المقابل الإيرادات المسجلة له هي أكثر نيلا للثقة، لأن هناك مؤسسات مستقلة تقوم بها. لكن لا تفاصيل التكلفة ولا تفاصيل الإيرادات تتحدد على نحو دقيق يكشف ما لا تنوي الاستوديوهات إبقاءه سرا، والمشكلة أن شركاء الإنتاج، تلك المؤسسات الإنتاجية التي تستلف من الاستوديوهات التمويل أو تبيعه مسبقا والتي تنتظر نصيبا من العائدات، لا تستطيع أن تعرف تماما ما هي حقا حصتها من التوزيع أو من الأرباح، وكثيرة هي الدعاوى القضائية التي رفعها منتجون أو شركات إنتاج صغيرة ضد الاستوديوهات التي أخفت الأرقام الحقيقية وتفاصيلها ولم تدفع أو دفعت مبلغا هزيلا.

* ومعظم المشاريع باتت من النوع المضمون (أو هكذا يعتقد إلى أن يطرح في الأسواق)؛ مما جعل الإبداع والابتكار نادرين ندرة كنوز علي بابا هذه الأيام، مسلسلات وإعادات واشتقاقات وأجزاء، بحيث يبدو أن هوليوود باتت أقرب إلى دار نشر متخصصة في نوع واحد من الكتب، الأفلام الناتجة عن أفكار أصلية بات من الصعب أن تجد لنفسها شركة إنتاج، ليس هناك من فيلم واحد منها لم يرفض بما فيها فيلم الأوسكارات «جاذبية» الذي دار على باراماونت وديزني ويونيفرسال قبل أن تتبناه وورنر.

* في حين أن كل شيء بات جاهزا في هوليوود، حتى الوصول إلى أن تركب القردة ظهر الجياد وأن تنقذ البشر من البشر، إلا أن الحاضر لا يزال مقلقا كما كان عليه الماضي القريب، الاستنباطات الحديثة من التقنيات ومن وسائل العروض زعزعت صالات السينما كاختيار أول وأفضل لعروض الأفلام، لكن هوليوود والعالم على اختلاف سينماه لا يزال يؤمن بأن نجاح وإخفاق فيلم ما مبني على نجاح أو إخفاق عروضه على الشاشات الكبيرة.