شاشة الناقد: 3 أفلام عن المكان وشخوصه

مشهد من «تابوت في الجبل»
TT

* Above Us All «فوقنا جميعا» (هولندا - بلجيكا)

* في مكان ما من هذا الفيلم حكاية كانت تحتاج لأن تُروى بأسلوب مختلف: فتاة من أم من مواطني أستراليا الأصليين تنتقل، بعد وفاة والدتها، لتعيش مع أبيها الهولندي في بلاده. الغربة، الماضي، الذكريات، التأمّل في الذات، كلها نوافذ مفتوحة بنثر جميل وموح على ذوات الشخصيات التي تتحدّث أحيانا أمام الكاميرا من دون تحريك شفاهها (تنظر إلى الكاميرا ونسمع أصواتها مسجلة). لكن المشكلة هي في المنوال الرتيب الذي تختاره المخرجة يوجيني ينسين لسرد هذا الفيلم. لقد فكّرت، وعمدت إلى، تحريك كل لقطة من كل مشهد على نحو دائري يبدأ، كالكتابة اللاتينية، من اليسار في حركة بانورامية بطيئة، إلى اليمين حتى تعود إلى حيث كانت. أما مشاهد المقابلات المذكورة فتتم بحركة يُتاح فيها للممثل الناظر إلى الكاميرا البقاء أمام الكاميرا التي تدور حوله. بعد حين قليل يصبح هذا السياق من أسلوب السرد مكررا وما هي إلا لحظات أخرى حتى يفتقد إلى أسبابه.

* Binguan «تابوت في الجبل» (الصين)

* في خلوتهما في الغابة القريبة من القرية تصارح الفتاة هوانغ (لو يون) صديقها جياو (وانغ جيوتيان) المتزوج بأنها حبلى وعليه تحمّل مسؤوليته. يسمعهما رجل ويهدد بفضحهما إذا لم يدفعا له بعض المال. يهاجمه جياو ويعتقد أنه قتله. في الوقت ذاته هناك حياكة لجريمة أخرى تقوم بها زوجة جياو وعشيقها. فجأة تختلط الأوراق وتكتشف جثة لا يتعرف عليها أحد. ستترتّب على الوضع حكاية مركّبة بحيث إن عديدين من أهل القرية يخططون لارتكاب جريمة ما، وذلك تبعا لعلاقات محرّمة وخيانات زوجية. والبعض يعتقد أنه ارتكبها والبعض الآخر همّ بها لكنه لم يرتكبها وسمع بأن من يريده مقتولا قُتل فعلا وإن لم يكن هو القاتل. حتى جياو، ومن باب التعقيد، تكتشف أنها ليست حاملا، لكنها لا تخبر جياو بذلك مما يترتّب عليه المزيد من التعقيدات ذات الأوضاع الكوميدية المؤداة على نحو غير كوميدي. يميّز مكان الأحداث (قرية صغيرة وجوارها) الفيلم ويساعده على إبلاغ حكايته لكي يصل إلى رصد مفاده بأن ما يحدث هنا إنما يتجاوز القرية إلى المدينة.

* 15 Days at the Beach «15 يوما على الشاطئ» (تشيلي)

* الفكرة غريبة ومثيرة ومنفّذة جيدا أيضا: كل يوم، لخمسة عشر يوما، تلتقط المخرجة فلافيا دي لا فيونتي بكاميرا ثابتة (باستثناء مشهد واحد) علامات الحياة على شاطئ منطقة تشيلية (اسمها سان كليمانتي ديل تويو). لا شيء كثيرا يحدث، وأحيانا لا يحدث أي شيء سوى تلك الأمواج التي تزحف على الشاطئ كما لو كانت تريد احتلال اليابسة، ثم انحسارها لترتطم بأمواج أخرى وراءها. أو لرمال الشاطئ وهي تستجيب لرياح قوية ترفعها على الأرض وتبعثرها بعيدا. بضعة صيادين في لقطة، ورجل يتقدّم فوق جسر المشاة الذي يصل المدينة بالبحر. طائر النورس، زبد الأمواج إلخ.. تقسم المخرجة فيلمها إلى خمسة عشر فصلا. معظم اللقطات طويلة وساكنة. بعضها مؤلف من بضع ثوان. لا حوار ولا مقابلات. صور موحية لجزء من طبيعة في جزء من مكان.