برقية الكواكبي إلى السلطان عبد الحميد يشكو فيها والي حلب

TT

جانب سكرتير جلالة السلطان من أجل عرضها لأعتاب جلالته، وإعطاء نسخة منها لسيادة الصدر الأعظم كان لي الشرف بأن عرضت سابقا من خلال برقية، أعمال التنكيل الاستبدادية والكيدية الموجهة ضدي أنا خادمكم المتواضع من قِبل الوالي جميل باشا بغية إذلالي وإيلامي بحيث تنتزع مني حق ملكية منزلي، وقد بينت ايضا الاسباب التي تقف وراء هذا التنكيل.

اليوم ايضا، وبحجة مطالبتي بمستندات تتعلق بالمستشفى المنشأ في حلب، حيث عملت مراقبا فيه للحسابات (مراقب فخري ومجاني)، أقام الوالي بحلب، وسط ضجة كبرى، محاطاً بدزينة من الشرطة البلدية وأفراد البوليس، كما لو كنت مجرما، وقد أُكرهت بالتالي، على سلوك الطرف الاقصى من المدينة، حيث يقع منزلي نحو المركز البلدي الواقع في الطرف المعاكس من المدينة.

بدا هذا المشهد كعرض مهين شبيه بالعرض الذي يخضع له المجرمون الكبار.

لدى وصولي الى المركز البلدي، سئلت عن المستندات المشار اليها سابقا، وإثر جوابي بأنها ما زالت في منزلي، اعدت مجددا الى المنزل محاطا بالموكب نفسه، كي اجلبها. وبوصولي الى منزلي، لم يسمحوا لي بالدخول، وبالمقابل عمدوا الى اخراج كل أوراقي الى الخارج حتى أجد المستندات المطلوبة. ومن جديد مشيت وسط الحراسة من أقصى حلب الى اقصاها حتى اسلم المستندات.

اني من سلالة النبي رسول الله. وعائلتي هي أقدم العائلات بين اعيان حلب. وقد وجدتني، منذ نعومة أظفاري في خدمة الحكومة. وبفضل ايماني وتقاليد عائلتي، تصرفت دائما بصورة لائقة ومحترمة. وبدون تبجح استطيع القول انني انتمي الى طبقة عليا مميزة، اضافة الى أن مدينة حلب تعتبرني احد العلماء والخطباء والفقهاء المحترمين، وعلى ضوء هذا الاعتبار يحق لي ان أُستثنى من العقوبات المهينة حتى في الاحوال التي أستحقها معاذ الله. فكيف يحق للوالي اخضاعي لتلك الاهانات علنا وعلى مرأى من اصدقائي واعدائي، لا لشيء الا لسؤالي عن بعض المستندات التافهة.

أحتكم لعدالة السلطان غير المنحازة والمشهود لها، واضعا للمرة الثانية وخلال يومين على اعتابه هذا المعروض حول وضعي البائس حيث اطلب الرحمة والحماية.

*حلب في 20 تموز / يوليو 1886

* التوقيع: عبد الرحمن الكواكبي