الترجمات القديمة وبداية التطور العلمي عند العرب

TT

ترى دراسة تحليلية للوسائل التوضيحية في المخطوطات العلمية العربية، ان حركة ترجمة الكتب العلمية من اللغات القديمة كانت البداية للتطور العلمي عند العرب والمسلمين، كما مهدت الطريق أمام حركة تأليف كبيرة أخذت تنمو بنمو العلم والمعرفة لديهم، فتوالت المؤلفات العلمية التي أضافت إلى تاريخنا الثقافي أجلّ القيم، وتكون تراث فكري قيم في سائر العلوم كالفلك والطب والرياضيات والكيمياء والجغرافيا والميكانيكا. وأظهرت لنا هذه المؤلفات صورة واضحة عن الثقافات العلمية عند العرب وهي ثمرة جهود علمية نهض بأعبائها علماء لا يحصى عددهم.

وتشير هذه الدراسة التي أعدتها سماء زكي المحاسني مديرة القسم الأجنبي في مجمع اللغة العربية بدمشق ونشرتها مكتبة الملك فهد الوطنية في السعودية، إلى أن ما يميز هذه المؤلفات وجود مواد توضيحية كالصور والرسوم الايضاحية والجداول والأشكال التي كانت ترافق النص. ولم يكن ذلك مقتصراً على المخطوطات العلمية فحسب بل وجدت في مخطوطات أدبية أيضاً، إلا أنها كانت بمثابة تزيين للنص في حين كان وجودها في المخطوطات العلمية ضرورياً لشرح النص وتزيينه.

وتؤكد الباحثة هذا الاتجاه فتقول: «من هذه المؤلفات الأدبية كتاب «كليلة ودمنة» الذي ترجمه ابن المقفع إلى اللغة العربية ويعود تاريخه إلى القرن العاشر للميلاد ويحتوي على 22 صورة تمثل الحيوانات وسط الصخور والأشجار. ومن المؤلفات التي يمتزج فيها العلم والأدب التي أضيفت إليها التصاوير كمادة توضيحية كتاب «الحيوان» للجاحظ، وكتاب «مباهج الفكر ومناهج العبر» للوطواط».

وعن فضل التراث العربي والعلمي من المخطوطات على التطور العلمي في العالم، تكشف الدراسة أن الغرب ظل قروناً عديدة تلميذاً للعرب في العلم والمعرفة، حيث انتقت الباحثة سماء المحاسني الكثير من النماذج التي تبرهن على ذلك، فالإيطاليون اعتنوا ببحوث العرب الفلكية، والألمان اهتموا بنبوغ العرب في علم الطب الذي أحدث إنقلاباً علمياً في هذا المجال، بل ووضع المستشرق الفرنسي لكلر كتاباً في تاريخ الطب العربي، وبحث جوزيف هاريز في دور الطب العربي في تطور الطب الغربي ويعد بحثه من أفضل الكتب التي تدرس في الجامعات الفرنسية في هذا المجال.

كما اهتم اليابانيون بتاريخ العلوم عند العرب وأثرها في التقدم العلمي، فوضعوا مؤلفات عديدة في ذلك مثل كتاب «تراث الحضارة العربية في العلم والمعرفة» لناكا مارو 1981 و«المنجزات العلمية عند العرب وفضلها» ومؤلفه تاني يوتاكا 1974، كما ترجم آخرون مؤلفات عربية في تاريخ العلوم عند العرب إلى اللغة اليابانية ككتاب «مساهمة العرب في علم الكيمياء» لعلي بن عبد الله الدفاع عام .1980