جوانب مهملة من من تاريخ الجزيرة والخليج

سعود الخالدي يبحث في أحوال الجزيرة العربية منذ بداية الحضارة

TT

عن دار «ذات السلاسل» للطباعة والنشر، في الكويت صدر أخيراً للباحث السعودي سعود زيتون الخالدي كتاب «محطات تاريخية في الخليج والجزيرة العربية» مشتملاً على عدد من الدراسات الموجزة لجانب متروك من تاريخ الجزيرة العربية ومنطقة الخليج.

وحاول الخالدي الذي اشتغل منذ عدة سنوات في دراسة تاريخ الجزيرة العربية، وأحوال القبائل التي كانت تعيش فيها، أن يربط بين بعض الأحداث التي شهدتها المنطقة وتأثيراتها المباشرة في الأوضاع السياسية والاجتماعية.

وقد قسم الخالدي كتابه الذي يقع في 345 صفحة من الحجم الكبير، في أربع عشرة محطة، كانت المحطة الأولى العصور الحجرية وبداية الحضارة في منطقة الخليج، وقد ذهب المؤلف الى حد التأكيد بأن الجزيرة العربية كانت موطن الإنسان الأول، ومنها انتقل الى بقية ارجاء الخليج، واعتبر المؤلف أن الإنسان الأول عاش في هذه المنطقة بدائياً بيد أن الدراسات اشارت الى ان سكان المناطق الساحلية اعتمدوا في غذائهم على الأسماك والحيوانات المائية، كما وجد أن مزارع النخل في واحات الجزيرة العربية ساهمت في خلق ظروف الاستقرار وبدايات تكوين الحضارة في تلك المناطق.

في محطة الكتاب الثانية، تحدث الكاتب عن «العرب والقبائل البائدة». ولم يؤكد رأياً استقر لدى مؤرخي الأجناس بأن العرب من سلالة «العرق السامي» فقط، بل انه ذهب إلى القول انهم آخر من تبقى من الساميين في الجزيرة العربية، إذ انفرد العرب ، كما يقول، بالإقامة في الجزيرة ومنها نشأت الهجرات، التي ساهمت في نشأة حضارات ما قبل التاريخ في العراق وسورية ومصر.

وتحدث عن بعض القبائل العربية التي بادت، ومنها التي تحدث عنها القرآن الكريم، فعدد قبيلة عاد وثمود وجديس وطسم وجرهم وأميم وعبيل والعمالقة، مورداً نتفاً من تاريخهم وسبب إبادتهم.

وفي المحطة الثالثة، تحدث عن «السومريين وبلاد الخط»، وذكر أن السومريين من الشعوب التي استوطنت الخليج وأقاموا في واحة القطيف وورثوا حضارة دلمون، كما أسس السومريون حضارة انتعشت في هذه المنطقة التي امتدت من البحرين حتى البصرة في العراق، وخصص الكاتب قسماً مفصلاً عن واحة القطيف واستقطابها للحضارات التي عرفتها الجزيرة العربية ومنها السومرية.

في المحطة الرابعة، قفز الباحث آلاف السنين للأمام ليتحدث عن جانب مثير للجدل في تاريخ الجزيرة العربية هو ظهور القرامطة، فكتب بحثاً بعنوان «القرامطة ودورهم في تغيير التركيبة السكانية في القطيف وهجر وأوال» والمقصود بهجر الأحساء، وأوال هي جزيرة البحرين. ويقول الباحث الخالدي ان القرامطة اسم عرفت به إحدى الفرق التي انشقت عن الخلافة العباسية وانتسبت الى الكوفي حمدان القرمطي. وكانت بداية ظهورها في العام 278هـ. وفي العام 281هـ عرفت الجزيرة العربية بدايات ظهور القرامطة الذين ألبسوا الأمر على السكان المحليين متخذين من موالاة العلويين شعاراً لاستقطاب اهالي البحرين والأحساء. غير أن انشقاقاً كبيراً حصل فيما بعد أدى إلى اصطدام القرامطة بالسكان حين غزا ابو سعيد الجنابي القرمطي القطيف سنة 286هـ وقتل الكثير من سكانها، وحدثت مقاومة عنيفة لحركة القرامطة في الاحساء والقطيف وبقية أرجاء الجزيرة العربية. وكانت أخطر قوة واجهت القرامطة بقيادة عبد الله بن علي العيوني الذي تلقى مساعدة القبائل العربية والسلاجقة وتمكن من هزيمة القرامطة ومن ثم قيام الدولة العيونية في البحرين والأحساء والقطيف.

وفي المحطة الخامسة يتحدث الكاتب عن نسب فبيلة بني خالد التي يقال انها ترجع في النسب الى خالد بن الوليد، ويعيش معظم أفراد هذه القبيلة في القطيف وساحل الخليج العربي. والخوالد من القبائل التي أثرت بشكل كبير في مسيرة الحياة السياسية والاجتماعية في الجزيرة العربية، وينتمي المؤلف الى هذه القبيلة.

في المحطة السادسة تحدث الكتاب عن جزء من تاريخ الامارات العربية المتحدة، إذ بحث في نسب آل نهيان شيوخ إمارة أبوظبي وآل مكتوم شيوخ إمارة دبي. أما الفصل السابع فقد تحدث عن القصيدة التي يقول انها حررت الأحساء، وهي قصيدة نبطية نظمها شاعر بني خالد (مهنا أبو عنقا) يستثير فيها همم أصحابه وبني عشيرته حين احتلّ الأتراك الأحساء على يد إبراهيم باشا عام 1234هـ. وكان الشاعر قد كتبها من داخل سجنه وهربها بواسطة زوجته، وحين وصلت القصيدة لبني خالد وآل عريعر في الشمال تكاتفوا وهاجموا القوات التركية في الأحساء.

وفي الفصول التالية يتحدث عن بعض القبائل في الجزيرة العربية كقبيلة البوعينين، وكذلك عن بعض أشكال المقاومة الخليجية لحركات التنصير بدايات القرن الماضي ويخصص فصلاً للحديث عن نظام القضاء عند البدو.

والكتاب يحتوي على ابحاث كان يمكن التفصيل بها أكثر، خاصة ان الكاتب سبق أن قدم للمكتبة كتباً سابقة تناولت الاهتمامات ذاتها.

* محطات تاريخية في الخليج والجزيرة العربية

* المؤلف: سعود زيتون الخالدي

* الناشر: «ذات السلاسل»

* للطباعة والنشر