صلاح الوديع : طموح برنامج «لحظة شعر» إعادة الاعتبار للذوق الفني

TT

الدار البيضاء ـ سعيدة شريف: منذ سنتين شرع الشاعر المغربي صلاح الوديع في إعداد وتقديم برناج ثقافي شعري في القناة الثانية المغربية تحت اسم «لحظة شعر». واستطاع، بفضل اعداده الجيد صورة وصوتا وانفتاحه على التعدد اللغوي الذي يشهده المغرب، أن يلفت الانتباه. هنا لقاء مع معد ومقدم البرنامج.

* برنامج «لحظة شعر» هو أول برنامج شعري في القناة الثانية المغربية، فهل فكرة البرنامج من اقتراحك أم من اقتراح القناة الثانية؟

ـ فكرة البرنامج جاءت منذ سنتين في اطار دردشة مع نور الدين الصايل المدير العام للقناة الثانية، حيث كنت قد تقدمت بطلب للعمل بالقناة الثانية كصحافي فاقترح علي نور الدين الصايل أن أنجز برنامجا ثقافيا، ففكرت في البداية ببرنامج يدور حول حدث أو ذكرى. فقال لي لماذا لا تفكر في برنامج عن الشعر؟ في البداية فاجأني السؤال لأن الشعر لم يكن يضم في ذهني إلا بعدي الكتابة والالقاء. فترددت لحظة لأن البرنامج ليست له سابقة في المغرب، لأن الصورة في التحامها بالنص الشعري هو بمثابة تحد كبير. وفي النهاية أعجبتني الفكرة ودخلت مغامرة التجريب. ففي الحلقات الأولى من البرنامج كان حضوري الشخصي طاغيا، وفيما بعد أخذت الصورة واللقطة المعبرة حيزا مهما، وفي مرحلة ثالثة قدمت لوحات تنسجم مع القصائد، وفي مرحلة رابعة أحضرت الشعراء أنفسهم الى الشاشة لتقديم أشعارهم.

* هل لأنك شاعر فضلت تقديم برنامج عن الشعر؟

ـ قبل أن أنخرط في هذا البرنامج كانت لي فكرة أن الشعر يرتبط بالمسرح والالقاء قناعة مني بمقولة خالدة لشاعر كبير هو فيديريكو غارسيا لوركا الذي يقول «الشعر يحيا عندما يلقى أما في الكتب فهو شعر بلا روح». ومن هذه الزاوية فحضور البعد المسرحي وبعد الالقاء في الشعر كان حاضرا لدي باستمرار، وهذا الوعي بهذا البعد ساعدني كثيرا في تطوير البرنامج ليصل الى مستواه الحالي.

* ما الهدف من وراء هذا البرنامج؟ هل جاء للتشجيع على قراءة الشعر؟

برامجنا الثقافية في المجال السمعي البصري قليلة جدا ولربما تدخل المسألة في تأثيث الفضاء السمعي البصري ببرامج ثقافية ذات قيمة تتجاوز الظرفي وتؤسس للفعل الثقافي كفعل جوهري في حياتنا الثقافية. وشخصيا اعتبر أن برنامج «لحظة شعر» يلعب دورا جوهريا في اعادة الاعتبار لذوقنا الفني. وأعتقد أن السياسة السمعية البصرية خلال عقود كانت تغلب عليها الرداءة بشكل مقصود، وليس غريبا في المجال أن يرتبط الاعلام بوزارة الداخلية. وهو وضع اتسم بالنكوص واستثمار القيم الرديئة وتشجيع الضحالة. واليوم أعتقد أن هناك دينامية أخرى في المجتمع تشجع على مبادرات أخرى. المهم تبقى الفكرة والجرأة في طرحها هي سيدة الموقف في هذا المجال.

* هل يحقق البرنامج نسبة كبيرة من المشاهدة؟

البرنامج الآن هو في سنته الثانية ويحقق نسبة 10% من المشاهدة وهي نسبة عالية بالنسبة لبرنامج ثقافي مخصص للشعر.

* ألم يؤثر التوقيت المتأخر شيئا ما للبرنامج خلال هذا العام في نسبة المشاهدة للبرنامج؟

ـ حسب نسب المشاهدة الأخيرة فهذا التوقيت لم يؤثر رغم أنني ما زلت أصر على أن يحتفظ البرنامج بالتوقيت القديم الذي كان مناسبا جدا، حيث كان يقدم مباشرة بعد الأخبار الرئيسية مما يمكن نسبة كبيرة من المشاهدين ومن مختلف الأعمار والشرائح من مشاهدة البرنامج والالتفات بالتالي للشعر. وفي هذا الاطار فقد علمت أن البرنامج بدأ يستعمل كنموذج بيداغوجي تربوي في تلقين الشعر للتلاميذ.

* هل يكفي برنامج مدته خمس أو عشر دقائق للفت الانتباه الى الشعر وبالتالي قراءته في الوقت الذي بدأت تنحصر فيه القراءة بالمغرب؟

انتبهت منذ البداية الى ألا يكون البرنامج برنامج جدال أو نقاش أو برنامج تطرح فيه قضايا الشعر، بل أصرت على أن يكون لحظة لتذوق الشعر فقط، لحظة تخاطب الوجدان أساسا قبل أن تخاطب العقل. فـ«لحظة شعر» جاء أساسا لاعادة الاعتبار لذوقنا الفني، لأنه لحظة للتذوق قبل كل شيء.

* هل تفكر في صيغ جديدة لتطوير البرنامج؟

في بداية البرنامج قدمت مختلف الشعراء من الأقطار العربية كلها، وبعدها قدمت الشعراء الذين غادرونا قبل الأوان كعبد الله راجع وأبو القاسم الشابي وآخرين. ثم قمت بادراج حلقات عن الشعر الأمازيغي وقد كان لها أثر ايجابي في الأوساط المغربية الأمازيغية بالخصوص. وبعدها أفردت حلقات لشعراء عالميين أمثال طاغور وبوشكين، وشعراء مغاربة. وقريبا سأركز على أن يكون الشعر المغربي بأشكاله التعبيرية المختلفة حاضرا بقوة في برنامجي.

* ألم يحدث وتدخلت ادارة القناة الثانية مثلا في تغيير أو حذف شيء معين من برنامج «لحظة شعر»؟

ـ مطلقا لم يحدث هذا.

* ما رأيك في البرامج الثقافية القليلة التي تعرض على القناتين التلفزيتين المغربيتين؟

ـ البرامج الثقافية على قلتها في القنوات التلفزية المغربية لا تساهم بالشكل المطلوب في خلق جدل ثقافي في المغرب وذلك لأنها لم تراكم بعد قدرا كبيرا من التجارب، كما أنه لا ترصد لها الامكانات اللازمة لكي تساهم بكل جدية في خلق جدل حول مستقبل الثقافة بالمغرب. ونحن بصراحة بحاجة الى برامج ذات مصداقية لأن المجال السمعي البصري استعمل في السنوات الماضية في اطار سياسة «اخضاع المجتمع للدولة»، وبالتالي كبح ديناميته وامكانية انطلاقه. فهذه الثقافة هي التي أثرت في المجال السمعي البصري وجعلته دائما أداة في يد هذه السيادة. والواطن اليوم يعرف ذلك بالحدس والسليقة، فإذا كان هناك من تجاوز لهذه المقاربة وهذا الاستعمال فيجب أن يكون حقيقيا ويدخل ضمن تصور جديد للسمعي البصري، لأن تخلص هذا الأخير من كوابح الماضي شرط أساسي من شروط نجاح ما نطلق عليه «الانتفال الديمقراطي» بالمغرب.