مصير الصحافة المطبوعة في عصر الإنترنت؟

صحيفة المستقبل رقمية تقرأ داخل المنازل عبر أجهزة تقنية خاصة

TT

يطرح الدكتور سعود صالح مؤلف كتاب «هل الصحافة المطبوعة في طريقها للانقراض» تساؤلاً حول امكانية زوال وانقراض الصحافة المطبوعة بعد زحف التقدم التقني الطباعي وانتشار خدمات الانترنت. وتناول الكتاب تطور الإعلام الجماهيري والتغيرات السريعة والمتلاحقة التي لم يسبق لها مثيل في مجال صناعة الإعلام بدءاً من اختراع الطباعة ثم الراديو فالتلفزيون وأخيراً الانترنت، متناولاً بالتفصيل التسلسل الزمني للمراحل الأربع التي مرت بها هذه الصناعة، وهي «مرحلة الكتابة ثم مرحلة الطباعة فمرحلة الاتصالات البعيدة وانتهاء بمرحلة الاتصالات المتفاعلة». وتحدث المؤلف الذي يعمل مديراً عاماً لشركة الأفق لنظم المعلومات والاتصالات وهي احدى شركات المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق، عن الإعلام الجديد والفروقات بينه وبين الإعلام التقليدي القديم، مع عرض للعديد من أشكال تكنولوجيا الإعلام الجديد والتغيرات الحاصلة في قنوات الاتصال التي تحملها وتوزعها، ومن ذلك على سبيل المثال: الانترنت، أكشاك المعلومات، تكنولوجيا الدفع، تكنولوجيا الكعك، تكنولوجيا الواقع الافتراضي، تكنولوجيا الأقراص المضغوطة، تكنولوجيا الألياف البصرية، التلفزيون الرقمي، الراديو الرقمي، راديو الانترنت، السينما الرقمية، الكتاب الالكتروني، ومكالمات الانترنت الهاتفية، مع التطرق لمستقبل شركات الاتصالات في عصر الانترنت.

وتناول الكتاب بمزيد من التفصيل حول خدمات الانترنت والفرق بين شركات توفير خدمات الانترنت وشركات توفير المعلومات، إضافة إلى إجابات لحوالي ثلاثين من أكثر الأسئلة تردداً وتكراراً من قبل مستخدمي الانترنت مدعمة بالصور والرسوم.

ثم تحدث عن التجارة الالكترونية وأهميتها في عالمنا الالكتروني، وشرح المصطلحات المستخدمة في مجالها، مثل تجارة التجزئة الالكترونية والسوق الافتراضي والتبادل الالكتروني للبيانات والأعمال الالكترونية.

ويثير مصطلح التجارة الالكترونية، كما يذكر المؤلف، موضوعين هامين، الأول مشكلة البطء على الشبكة النسيجية العالمية والذي يدفع البعض إلى تحوير اسمها من World Wide Web إلى World Wide Wait، أو شبكة الانتظار العالمية. أما الموضوع الثاني فيتعلق بالحماية وسرية المعلومات على الانترنت . إذ، يتساءل الكاتب، هل ممارسة التجارة الالكترونية هي حقاً عملية محفوفة بالمخاطر كما يشاع؟ الإجابة على هذا السؤال تستدعي عدداً من التفاصيل الهامة مثل: أعداء الانترنت الرئيسيين (المخربون والمتطفلون والفيروسات). والأساليب المختلفة التي يتم بها اختراق الأنظمة، والوسائل التي ينبغي اتباعها لحماية تلك الأنظمة من أي عمليات اختراق، مثل برامج الجدران النارية والتشفير والتوثيق وغيرها.

وتطرق الفصل الخامس من الكتاب إلى خدمات الشبكات الرقمية ذات السرعات العالية مثل T3 - T1، ISDN، DSL، FRAMER RELAY، ATM، SONET وشرح مزايا وخصائص كل من هذه الخدمات، والتي يعني تطورها المساهمة بشكل كبير في حل مشاكل عرض النطاق ومن ثم تمكين المستخدم من تحميل المعلومات سواء كانت نصوصا أو صورا أو صوتا أو لقطات فيديو أو مزيجا من كل ذلك بشكل سريع. كما أنها بالنسبة لشركات توفير خدمات الانترنت تعني القدرة على تقديم خدماتها لعدد أكبر من المستخدمين في الوقت نفسه.

ورغم أن الأسلاك والكابلات المحورية والألياف البصرية سوف تكون هي الوسيلة التي تربط معظم المنازل بخدمات المعلومات، وبشكل خاص تلك التي تتطلب عرض نطاق مرتفع، إلا أن النظم اللاسلكية المتقدمة تعتبر بديلا هاما بدأ فعلا في إيجاد موقع له على الساحة، ويرى البعض أن الأهمية والدور الذي لعبته الأقمار الصناعية في ثورة الاتصالات لم يوف حقه بالكامل كما حصل مع الكومبيوتر، نظرا لكون تلك الأقمار بعيدة عن أنظار الناس وإحساسهم المباشر. لقد كان للأقمار الصناعية ، كوسيلة اتصال، العديد من التأثيرات المباشرة التي استفادت منها بشكل خاص شركات الإعلام في مختلف دول العالم، ومن تلك التأثيرات: انخفاض أسعار المكالمات الهاتفية للمسافات البعيدة وارتفاع عدد القنوات التلفزيونية المتاحة للمشاهدين وإتاحة الفرصة للصحف للوصول إلى قرائها في مختلف دول العالم في نفس يوم الصدور.

وأصبح بإمكان المستخدم حاليا قراءة صحيفته المفضلة والدخول على مصادر المعلومات والترفيه في أي مكان يوجد فيه، وذلك باستخدام الهاتف الجوال أو أجهزة الكومبيوتر الصغيرة الحجم وغيرها من وسائل الاتصال اللاسلكي.

وناقش الكتاب أهم مصادر الدخل بالنسبة للصحافة المطبوعة وبشكل خاص الإعلان والتوزيع والمنافسة العنيفة التي تواجهها المؤسسات الصحافية في سبيل الحفاظ على نصيبها من هذين المصدرين. ورغم أن الصحف تمكنت طوال المراحل الماضية من الحفاظ على مركزها كأكبر الوسائل الإعلانية، إلا أن نسبة الأشخاص الذين يقرأون الصحف بدأ بالانخفاض. كما أن الاشتراكات المنزلية من الصحف انخفضت إلى أدنى مستوياتها على مر التاريخ، إضافة إلى أن دخل الإعلان الذي كان مضمونا بالنسبة للصحف بدأ في التجزؤ والتوزع على عدد كبير من وسائل الإعلان الجديدة. ومن المتوقع في المرحلة القادمة أن تزداد حرارة المنافسة ارتفاعاً وليس العكس، نظرا لدخول أجهزة الكترونية جديدة للساحة مثل الهواتف الجوالة وأجهزة الكومبيوتر المحمول على الكف وأجهزة قراءة الكتاب الالكتروني وغيرها. كل هذه العوامل يضاف إليها الارتفاع الكبير في أسعار الورق وتزايد الاهتمام بالاعتبارات البيئية سوف تدفع المزيد من الصحف للاستثمار في تكنولوجيا الإعلام الجديد ليس فقط للحفاظ على ما هو متحقق ولكن أيضا لتحقيق المزيد من الانتشار والدخل الإضافي.