سيطرة اللغة الإنجليزية وسيادة اللهجات المحلية أبرز مظاهر الانعزال الثقافي الخليجي

TT

اعتبر باحث سعودي بأن الوضع السياسي الاستقلالي لكل دولة من دول الخليج العربي يؤثر سلباً على السمات الثقافية السائدة والتجانس الثقافي فيما بينها، مبيناً أن هذا التأثير يأتي من خلال التركيز على الجانب المحلي الوطني في كل دولة عبر الإعلام والتعليم والخطاب السياسي. وقال الدكتور عبد العزيز الجلال مدير عام قطاع شؤون البيئة والانسان بالأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في محاضرة ألقاها أخيراً في مقر النادي الأدبي بالرياض بعنوان «الحالة الثقافية في دول مجلس التعاون: الواقع والمأمول»، إن التركيز على الاقليمية في الثقافة في الخليج، وفي الدول العربية الأخرى، إنما هو نتيجة للواقع السياسي العربي وما واجهته أحلام الوحدة والتكامل من إحباطات سببها الرئيسي التركيز على المصالح الخاصة والآنية لكل دولة على حدة أو ربما فقط لمصالح بعض الفئات المستفيدة في كل دولة. ولعل أبرز مظاهر الانعزال الثقافي الاقليمي في المنطقة، حسب رأيه، سيطرة اللغة الانجليزية في التعليم والتعامل، وانتشار التعليم الأجنبي، وسيادة اللهجات المحلية في التخاطب والانتاج الفني كالمسرح والسينما بوجه خاص.

وذكر المحاضر أن الطفرات المتسارعة والمتلاحقة التي مرت بها دول المنطقة في الحقبة الزمنية الماضية لم تعط فرصة كافية للثقافة لتأخذ دورها في إحداث التنمية المتوازنة وساهم ذلك في ضعف التوازن الثقافي المنشود، إضافة إلى أن معظم دول المنطقة أناطت مسؤولية الثقافة بأجهزة الإعلام الرسمية، وحيث أن الإعلام الرسمي هو نشاط سياسي توجيهي بدرجة أولى.

ورأى د. الجلال أن المخرج الممكن من حالة واقع الثقافة السائد بدول المنطقة، لا يكون إلا بوجود تصور واضح لنوع الثقافة المطلوب تعميمها في المجتمع ولا بد من تعزيز هذه الإرادة بإرادة سياسية حتى يأخذ التنفيذ أبعاده على مختلف المستويات وفي كل المجالات والنظم المجتمعية والممارسات السلوكية للنظم والأفراد. وهذه الإرادة يمكن بناؤها، بالنسبة لمنطقة الخليج العربي، على أساس الخطة الشاملة للثقافة العربية وخطة التنمية الثقافية لدول المجلس اللتين تم إنجازهما قبل عقد ونصف من الزمن.

ولخص هذه الأسس بما يلي: تثبيت الثقافة العربية الإسلامية كإطار للتنمية الثقافية في دول المجلس مع مراعاة اختلاف الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، والسعي إلى ربط الثقافة الرائدة بهامش واسع من الحرية والمشاركة في شؤون المجتمع، وتدعيم الثقافة الخاصة لأي مجتمع لتعزيز الثقة بالنفس والقدرة على تجاوز الأزمات والإحباطات، وتأكيد دور الثقافة في تحقيق الأهداف المجتمعية والوطنية من منطلق الاستقلال والاعتماد على الذات والتكامل والعدالة والمشاركة المجتمعية، وترسيخ دور الثقافة في مواجهة التحديات الخاصة بدول المجلس وأبرزها الخلل السكاني والانكشاف الاقتصادي والأمني والنزعة الاستهلاكية وتخلخل قيم العمل والانتاج وانتشار القيم الاجتماعية السلبية، وأخيراً القبول الاجتماعي لمنظومة القيم العربية الإسلامية باعتبارها مكونات للثقافة المنشودة من نواح سياسية واجتماعية واقتصادية.

وأعقبت المحاضرة مداخلات شارك فيها الدكاترة منصور الحازمي وعبد الله الغذامي وحمد المرزوقي.

=