عصفور ينتقد نظرة طه حسين إلى الجامعات المصرية

TT

انتقد الدكتور جابر عصفور أمين عام المجلس الأعلى للثقافة نظرة الدكتور طه حسين الى الجامعة باعتبارها معاهد للعلم، مشيرا الى انها يجب ان تكون بيئات ثقافية تنمي الحضارة حتى لا تقف عند دور المدرسة في نقل العلم الى تلاميذها فقط.

وحدد د.عصفور في ندوة عقدتها مكتبة الاسكندرية قبل أيام تحت عنوان «أزمة الثقافة المصرية في الجامعات» شروطا ثلاثة لكي تحقق الجامعة دورها الثقافي والحضاري هي ان تؤكد الجامعة كيانها الخاص المستقل فلا تخلط الثقافي بالسياسي وأن تكون علاقتها بالمجتمع من منطلق القيادة لا من منطلق التابع له، كما يجب ان تتوجه الجامعة نحو الابتداع لا الاتباع بحيث تكون مستقرا للثقافة العميقة لنفسها قبل ان تكون لغيرها.

وذكر د.عصفور ان معاني الاستقلال لا تنفصل في المؤسسات العلمية عن القدرة على انتاج القيم والمبادئ التي تشيعها الجامعات في المجتمع، بما يجعلها لا تكف عن الحضور الخلاق في الثقافة التي تتطور وترتقي بشكل دائم.

وذكر د.جابر ان أول هذه المبادئ التي يجب ان تشيعها الجامعة في المجتمعات هو الحرية وتأكيد حق الاختلاف والاقتناع بأهمية عدم احتكار المعرفة واباحتها في المجتمع بشكل ديمقراطي، بحيث تكون متاحة للجميع، وهو المبدأ الذي تأسست عليه الجامعة عند قيامها 1908، وقال د.عصفور ان وجود التعليم المفتوح في الجامعات والانترنت قد يعيد الجامعة الى سابق عهدها وما يجب ان تكون عليه.

المبدأ الثاني الذي يرى د.عصفور انه ضروري من أجل حضور جامعي خلاق في المجتمع يكمن في انتاج علمي متطور ومتقدم، تتضافر فيه العلوم المعرفية مع العلوم الانسانية، لان المعرفة كل متكامل يتشابك في حلقات ويؤثر كل منها في الآخر.

ودعا د.جابر الى ان تبني الجامعة ومؤسساتها على المرونة المعرفية والتسامح لان المغايرة لا تعني العداوة أو تهديد الوجود، ومن هنا يتجلى البعد الانساني للعلم بمعناه الرأسي المرتبط بتعاقب الحضارات وتجاور المبدعين، كما ان الجامعة تصل عبر انتاجها العلمي المعرفة بالعصر دون خلط بين السياسي والثقافي والعلمي والآيديولوجي لان العلم لا وطن له ولا ديانة ولا قومية ومن هنا يأتي مبدأ انتسابه للانسانية بشكل عام.

وذكر د.عصفور ان الجامعة مؤسسة مدنية اذا دخلتها السياسية والصراعات الدينية أفسدتها، لذا يجب ان تكون مستقلة عن أي طائفة دينية أو سياسية ، وانه اذا راعت الجامعة هذه القيم والمبادئ فان ذلك يجعلها تشع دائما في المجتمع وتصير منارة للتقدم، والعلم والقيم النبيلة وهذا مختلف عن واقع الجامعة الآن حيث تشير شواهد كثيرة على قتامة الصورة فيها والتي ساهمت في زيادة عتامتها سلبية اساتذتها وتحويلها الى مؤسسة تعتمد النقل والاملاء اساسا لا البحث والابداع.

وتحدث الدكتور اسماعيل سراج الدين رئيس مكتبة الاسكندرية عن البنية العلمية في الجامعات المصرية، مشيرا الى انها تضاءلت عن ذي قبل، بعد ان تحولت المعرفة الى وسيلة للحصول على شهادة جامعية وهي التي كانت من قبل وسيلة من أجل تحصيل العلم.

وقال د.سراج الدين ان قيم الثقافة العلمية تنتقل من جيل الاساتذة الى جيل التلاميذ لكن هذا يواجهه حاليا الكثير من الموانع التي تعوق انتقال هذه القيم من جيل الى آخر، وهذه الموانع تكمن في التزييف وسرقة المعلومات والانتاج العلمي وعدم الامانة والتراخي عن تكريم أصحاب الابداع والدور العلمي المتميز وهي كلها جرائم تضر بالجامعة ولا تغتفر في المحافل العلمية العالمية.

وقال د.سراج الدين ان التقدم العلمي يقوم على التدمير البناء للنظريات من أجل الاتيان بأخرى جديدة، وهذا البناء يجب ان يتم على اساس ومنهج علمي، وارجع د.سراج الدين تدهور الجامعة «الى غيبة الثقافة العلمية».