لماذا لم ينعكس تطور المرأة في الفقه المعاصر؟

TT

هل واكب الفقيه المعاصر بفتاواه، والمشرع الحديث بقوانينه، التغيرات الكثيرة التي طرأت على وضع المرأة المسلمة خلال السنوات الخمسين الماضية؟

هذا ما تحاول ان تجيب عنه الباحثة والقانونية العراقية الدكتورة شيماء الصراف في كتابها الصادر حديثاً عن دار القلم في باريس، بعنوان: «احكام المرأة بين الاجتهاد والتقليد». والكتاب، كما ورد على غلافه، هو دراسة مقارنة في الشريعة والفقه والقانون والاجتماع.

وفي تقديمها لهذه الدراسة، تقول المؤلفة ان وضع المرأة عرف خلال القرن الماضي تغيرات كبيرة الاهمية في المجتمعات العربية، من خروجها لطلب العلم الى عملها خارج البيت ومزاولة مهن كانت غريبة عنها أو ممنوعة منها الى الأمس القريب، كذلك مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية، مما ادى الى تطور وضعها داخل اسرتها نفسها، اياً كانت صفتها، اماً أو ابنة أو زوجة. فهل قام الفقيه والمشرع بواجبهما ازاء وضع جديد كهذا؟

الواجب الذي تقصده الباحثة هو الاجتهاد، الذي تصفه بـ «السلاح العظيم الذي وضعه الاسلام في يد المسلمين لكي يحتووا الحالات الطارئة والجديدة ويواكبوا تطورات الحياة بمختلف اوجهها، كما فعل فقهاء السلف وعلماؤه منذ اربعة عشر قرناً.

تأخذ شيماء الصراف على الفقيه المعاصر تقاعسه عن هذه المهمة، اما خطوات المشرع الحديث، في هذا الاتجاه، فقد كانت في عمومها ضعيفة لا تناسب وضع المرأة الحالي ولا طموحاتها. بل ان بعض الحقوق التي اقر بها المشرع الحديث للمرأة ليست سوى اعتراف بحقوق سبق للشريعة ان اقرت لها بها بدون قيد او شرط منذ قرون.

ما مقدار صلاحية هذه الاحكام اليوم؟ هل تفي بحاجات النساء؟ هل تحقق مصلحة الأسرة والمجتمع؟ وهل تعرف المرأة حقوقها من جميع جوانبها في مسألة من المسائل الشرعية؟ وهل تدرك ان لها مصالح في هذا الأمر أو ذاك، ان كان في الشريعة او في قواعد الفقه؟

اسئلة مهمة تطرحها الباحثة وتتصدى للاجابة عنها في اكثر من 450 صفحة من القطع الكبير، بالاستناد الى آيات كريمة وحديث شريف وفتاوى واحكام ومقارنات على امتداد عصور الاسلام، مع حواش وشروحات مستفيضة وشواهد تاريخية واستحضار لنماذج من النساء برعن في فنون العلم والادب والدين، كل ذلك بلغة واضحة لا تستعصي على القارئ العادي فينفر من مواصلة القراءة.

جاءت الدراسة في خمسة عشر مبحثاً، منها سلطة الولي في زواج المرأة، وتعدد الزوجات، وزواج المتعة، ومنع الحمل والاجهاض، وتصرف المرأة في مالها، وميراث النساء، وحق الزوجة في المعاشرة، والحب والكره في العلاقة الزوجية، وعمل المرأة واستقلالها في السكن، وغير ذلك من امور تلح على كل مسلمة ومسلم وهما يقفان على عتبة قرن يقطف ثمار اكثر من ثورة على صعيد العلم والطب والاتصالات.

* أحكام المرأة بين الاجتهاد والتقليد

* المؤلفة: شيماء الصراف

* الناشر: دار القلم ـ باريس