المسلمون في بريطانيا.. طالبو إعانات حكومية أم ساعون إلى شهادات علمية؟

TT

قدم مبارك لاتيمر مدير جماعة حقوق الاقليات للتقرير السنوي الذي تعده الجماعة بعنوان «المسلمون في بريطانيا» بالقول ان الهجمات تتزايد على المسلمين في بريطانيا وهم لا يزالون يساهمون مساهمة قوية في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية البريطانية. العديد من غير المسلمين لا يعلمون عن الاسلام شيئا. وساهمت وسائل الاعلام في تقديم مفاهيم خاطئة عن الاسلام. التقرير يهدف الى تصحيح تلك المفاهيم والمساهمة في فهم اوسع وتعايش بين المسلمين وغيرهم. لا يوجد ما يسمى بوجهة نظر واحدة للاسلام. ان القوانين الحالية لا تحمي المسلمين لانها لا تغطي بند الدين بجانب العرق واللون والجنس كأسس للتفرقة. وان التوصيات تهدف الى دفع التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم الى الامام. في البداية اشار الكاتب الى ان التمييز ضد المسلمين يعود الى ما قبل الحادي عشر من سبتمبر. ان الغرب المسيحي ـ العلماني ـ اعتبر الاسلام يحض على العنف والتعصب واللاعقلانية. وانه في صيف 2001 شهدت شمال انجلترا احداث عنف كبيرة ولم تخف آثار تلك الاحداث بعد صدور تشريع ضد الارهاب الذي اعتبر تهديدا للحريات من قبل المسلمين وغيرهم. وقد تم تسجيل 206 حالات عنف ضد المسلمين في الشهر التالي لاحداث سبتمبر. وهناك اقلية من المسلمين الذين لم يدينوا احداث سبتمبر. وهناك رسائل مختلطة حول المسلمين في بريطانيا من قبل حزبي العمال والمحافظين.

في الجزء الأول اشار الكاتب الى ان المسلمين يتسمون بالتنوع من الخلفيات الاثنية، حيث انهم هاجروا الى بريطانيا من بلدان مختلفة (باكستان ـ بنجلاديش ـ الهند ـ الشرق الاوسط وغيرها) وان الاسلام السني هو السائد.

لا توجد احصاءات دقيقة عن عدد السكان وفقاً للدين الذي يعتقدونه رغم ان السؤال عن الدين ضمن في تعداد 2001. ان العدد التقريبي للمسلمين يصل الى 2 مليون نسمة والغالبية تقطن انجلترا و %60 منهم يعيشون في الجنوب الشرقي. ويأتي الغالبية من المسلمين من جنوب شرق آسيا، لا سيما من اصول باكستانية وبنجلاديشية. وان الزواج بين المسلمين وغيرهم هو الاستثناء ويتم في العادة بين الرجال المسلمين ونساء غير مسلمات. يقطن المسلمون في مناطق محرومة ويعانون من البطالة وانخفاض مستوى التعليم. ووفقا لدراسة نشرت عام 1996 فإن %65 من منازل البنجلاديشيين و %45 من بيوت الباكستانيين مزدحمة. ويعاني المسلمون من التمييز على المستوى المحلي. فمثلا فإن المسلمين من اصول باكستانية وبنجلاديشية قضوا وقتا اطول على قوائم الانتظار فيما يتعلق بالحصول على مساكن من المحليات في اولدهم والاحتمال الاكبر ان يحصلوا على مساكن رديئة. ان اولدهم وبرنلي، حيث وقعت احداث الشغب عام 2001 تتميز بالفقر والبطالة والانعزال. فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي فإن دراسة حديثة اوضحت ان هناك 5000 ميلونير مسلم يمتلكون 3.6 مليار جنيه استرليني. ومع ذلك فإن تقريراً حكومياً صدر عام 2002 اوضح ان المسلمين هم أقل الجماعات الدينية من حيث الحصول على عمل مدفوع الاجر رغم ان العلاقة بين الدين والعمل غير واضحة ويحتلون المرتبة الدنيا في الفئات الاقل دخلا. نتيجة صعوبة اللغة فإن الاطفال المسلمين يعانون صعوبة في الاستيعاب. وان السياسات التمييزية ساهمت في الوصول الى تلك النتيجة. ومع ذلك هناك تقدم من قبل بعض المسلمين ذوي الاصول الباكستانية والبنجلاديشية في الحصول على شهادات علمية. اعتبر المسلمون اغراباً وليسوا بريطانيين «صرف» وواجه المسلمون ذلك التحدي بمحاولة اثبات انهم ينتمون الى بريطانيا. ولأن المسلمين بعيدون عن صنع القرار فإنهم يعانون من التميير والرفض والاستبعاد. وبصفة عامة فإن الاجيال الصغيرة من المسلمين أكثر اندماجا في المجتمع البريطاني من المهاجرين كبار السن. فإن الشباب المسلم يعتقد انه بريطاني ثقافيا واجتماعيا. ومع ذلك فإن الدلائل تشير الى ان هناك امتعاضاً من التركيز على الهوية البريطانية. فقال احدهم «بريطانيا هي البلد التي ولدت بها، والتي ذهبت فيها للمدرسة والتي اعيش فيها ولكن ليست هي المكان الذي اشعر بالانتماء اليه». ان تلك الاجيال الشابة غير مستعدة لقبول عقائد آبائها دون مناقشة. وفيما يتعلق بالمرأة فإن غياب الآباء والقوانين في بريطانيا مكن النساء المسلمات المهاجرات ان يتحررن من معوقات التقاليد. ومع ذلك تعاني المرأة المسلمة من تلك القيود طالما وجدت العائلات. وفي سبيل التحرر هناك عدة منظمات للدفاع عن حقوقهن مثل خط مساعدة المرأة المسلمة وهي منظمة تطوعية انشئت عام 1987. ان الاستقلالية المالية والتعليمية تمكن اعدادا متزايدة من النساء المسلمات من التمتع بحياة مستقلة ومع ذلك فهن اكثر تعرضا لاشكال مختلفة من التمييز والقهر الموجود بصورة كبيرة في المجتمع البريطاني.

ان التطلع لمستقبل المسلمين يواجه بصورة قاتمة المستوى الاجتماعي المتدني ونقص المهارات وانخفاض مستوى التعليم. ان استطلاعاً للرأي أوضح ان %69 من المسلمين يشعرون ان باقي المجتمع لا يعتبرهم جزءاً مكملاً للحياة في بريطانيا. وهناك دليل الآن يوضح ان المسلمين موضع تفرقة دينية. ان تقريراً من وزارة الداخلية اشار الى المعاملة غير العادلة للمسلمين في الحصول على منازل وان هناك حالات تم فيها رفض اعطاء تصاريح لبناء مساجد ومدارس ومدافن. ان هيئات الخدمة الاجتماعية والصحة لا تقابل بصورة مرضية حاجات المسلمين. وان هناك كراهية للمسلمين تم ترجمتها في السياسات والممارسات. ان هناك مشاركة بصورة معقولة من قبل المسلمين في الحياة السياسية حيث ظهر تحالف المنظمات الاسلامية لأجل تغيير السياسات على المستوى المحلي. منذ عام 1974 فإن اغلبية المسلمين البريطانيين دعموا حزب العمال، ولكن كثيراً من المسلمين المؤثرين حولوا انتماءهم الى حزب المحافظين. وفي انتخابات عام 2001 حقق المسلمون نجاحا اكبر مع حزب المحافظين. ولأول مرة في التاريخ يفوز محمد ثرور في دائرة اسكتلندية للبرلمان عام 1997. ومع ذلك لا يوجد قادة مسلمون في المجالس المحلية. وواجه المسلمون التمييز الذي اثر في انتخابهم. ويشعر المسلمون انهم يستخدمون من قبل العمال والمحافظين لتحقيق اغراضهم.

* المسلمون في بريطانيا (تقرير)

* المؤلف: اعداد جماعة حقوق الأقليات ـ بريطانيا 2002