نيكول دو بونتشارا: مشكلة الكتاب المغربي تعود إلى المناهج الدراسية المعتمدة

مندوبة المعرض الدولي السابع للكتاب بطنجة: المعرض لا يهمش الكتاب العربي لسبب بسيط هو أنه لا يعرفه جيدا

TT

على الرغم من مرور سنتين فقط على توليها مسؤولية مندوبة المعرض الدولي للكتاب بطنجة الذي ينظمه المركز الثقافي الفرنسي بمدينة طنجة (شمال المغرب)، فإن الشاعرة والوسيط الثقافي ـ كما تحب أن تعرف نفسها ـ نيكول دوبونتشارا استطاعت أن تحقق للمعرض تطورا مهما، تجلى في عدد الحضور والمشاركين فيه الذي ارتفع مقارنة مع السنوات الماضية، وفي المواضيع المثارة في موائده المستديرة وفي لقاءاته الفكرية والأدبية، التي عرفت في السنتين الأخيرتين حضورا لأسماء ثقافية وفكرية مهمة في المغرب وفرنسا.

فقبل توليها مسؤولية مندوبة المعرض الدولي للكتاب بطنجة، عملت نيكول دوبونتشارا التي قضت جزءا من طفولتها بمدينة مراكش بالمغرب، منذ عام 1984 على تنظيم العديد من التظاهرات الثقافية بأوروبا حول الثقافة العربية، كما أشرفت على العدد الخاص الذي صدر من «المجلة السوداء» عن المغرب، وأصدرت باشتراك مع الكاتب المغربي المقيم بباريس المعطي قبال كتابا بعنوان «المغرب في تحول» عن دار لاروز.

هنا حوار معها:

* لم يأخذ المعرض الطابع المألوف لمعارض الكتب. ما الغرض من ذلك ؟

ـ هذا ليس معرضاً تجارياً لكتاب، لكنه مع ذلك معرضاً للكتاب مادام الكتاب حاضرا فيه، ومادام عدد الناشرين فيه يتزايد سنة بعد أخرى. ومع ذلك فنحن مازلنا نبذل الكثير من الجهد من أجل تطوير المعرض وتوسيع مجال النشر، واستقطاب عدد كبير من الفاعلين المغاربة والأجانب المهتمين بقطاع النشر والكتاب. نحن نهدف إلى القيام بمشاريع للنشر المشترك بين المغاربة والفرنسيين، وعرض عدد كبير من الكتب لتلبية رغبات القراء المتنوعين. وسنعمل العام القادم على أن يكون معرضا مزدوج اللغة يتدخل فيه المشاركون باللغتين العربية والفرنسية، كما أن الكتاب العربي سيكون حاضرا أيضا بشكل كبير.

* كم بلغ عدد الزوار للمعرض؟

ـ نحن لم نقم لحد الآن بالاحصائيات اللازمة بخصوص معرض هذا العام، ولكن العام الماضي، بلغ 5000 زائر. وأعتقد أن عددهم أكبر هذا العام لأن المدرجات كانت ملأى عن آخرها.

* «كتابة المستقبل على ضوء التاريخ» هو شعار المعرض الدولي السابع للكتاب بطنجة، فما هي دواعي اختيار هذا الموضوع؟

ـ نحن اليوم نعيش أوضاعا صعبة فيها كثير من العنف والحرب، تهديدات مستمرة بالحرب، وحروب صغيرة تتسع في ربوع العالم، واديولوجيات مقلقة وخطيرة بدأت تستشري في العالم. كل هذا جعلنا الى دعوة العديد من المفكرين من أجل حث الناس على التفكير وبالخصوص الطلبة. فمحمد أركون من خلال طرحه لاشكالية التاريخ والأسطورة أو الميتولوجيا، دعا الحاضرين الى اعادة قراءة التاريخ وبالخصوص تاريخ الأديان، وركز على أهميةالعودة الى المنابع. فالقضايا الاشكالية الملتهبة التي يشهدها العالم الآن هي التي جعلتنا نطرح هذا الموضوع من أجل ارساء قواعد التفكير الصحيح حتى يتمكن العالم من التقدم بعيدا عن الحروب والابادات.

* انطلاقا من اهتمامك بالكتاب وبالثقافة المغربية، فماذا يمكن أن تقولي عن وضعية الكتاب المغربي الآن؟

ـ أعتقد أن الكتاب المغربي يعاني من العديد من المشاكل بالمغرب. فثمن الكتاب جد مرتفع مقارنة مع دخل العديد من القراء المغاربة، كما أن المغاربة لا يقرأون بالشكل المطلوب. إن مشكلة الكتاب المغربي ترجع بالأساس الى المناهج الدراسية المعتمدة في المغرب والتي يجب أن يعاد النظر فيها، لأن الرغبة في القراءة وعادتها تكتسب منذ الصغر. فتحسين وضعية الكتاب بالمغرب مسألة رهينة بالحكومة المغربية التي يجب أن تولي الثقافة والكتاب المكانة اللائقة بهما، كما يجب أن تعتني بثقافة الطفل لأنها الأساس.

* ما هي المعايير التي يعتمد عليها منظمو المعرض في دعوتهم للعديد من الكتاب والمفكرين الأجانب والمغاربة؟

ـ دعوة الكتاب والمفكرين الى المعرض لا تأتي من فراغ بل بعد نقاش في وسط المنظمين حول الكاتب المدعو أو المثقف ومدى إسهامه في المسار الفكري أو الابداعي في العالم أو في موطنه. وطبعا هناك كتاب تتم دعوتهم لأننا نحبهم أو لأننا قرأنا لهم أشياء جديد مثيرة، كما أن هناك كتاب ندعوهم وليس من الضروري أن تكون لهم كتابات في الموضوع مثار النقاش. وفي العام المقبل ستتم دعوة عدد كبير من الكتاب المغاربة الذين تم اقتراحهم من طرف الناشرين، كما سنفتح المجال للكتاب الشباب باللغتين العربية والفرنسية.

* هل ينسق منظمو المعرض مع بعض المؤسسات الثقافية كـ«اتحاد كتاب المغرب» و«بيت الشعر في المغرب» مثلا؟

ـ لقد كانت لنا تجربة سابقة مع «بيت الشعر في المغرب» لأنني أعرف الشعراء المغاربة المنتمين لـ«بيت الشعر في المغرب» مثل محمد بنيس، المهدي أخريف ومصطفى النيسابوري. كما أنني تعرفت على الشاعر جلال الحكماوي من خلال مشاريع الترجمة المشتركة بين المغرب والمركز الدولي للشعر بمارسيليا. فالعمل بيننا وبين المؤسسات المغربية يتم بشكل دائم، والترجمة في هذا الباب عامل أساسي للتعريف بكتاب الضفتين معا.

* سبق وذكر منظمو المعرض أنهم يهدفون الى توسيع المعرض، كيف سيتم ذلك؟

ـ أولا سنقوم بعد هذا المعرض باعداد تقييم شامل له مع كل المساهمين الذين ساعدونا على تنظيمه. وبعد ذلك سنعمل على توسيع المعرض، بحيث سيستقبل العام المقبل العديد من الناشرين والكتبيين، وسنفتح الكتاب على مشاريع نشر وترجمة باللغة العربية. بشكل عام العرض سيكون مزدوج اللغة مستقبلا، وستكون هناك ترجمة فورية في جميع الندوات والموائد المستديرة.

* لماذا لا يتم الاهتمام بشكل أكبر بالكتاب العربي؟

ـ لسبب بسيط هو أننا نعرف عنه الشيء القليل. فالأدب العربي عرفناه فقط عن طريق الترجمات. ولكي تتحقق رغبات الكل في المعرض فيلزمنا الكثير من الوقت والكثير من الجهد أيضا. فالمعرض بالنسبة لي ما زال شابا على الرغم من مرور سبع سنوات على انطلاقه، أو بالأحرى سنتين بالنسبة لي كمندوبة ومساهمة فيه.