اصدارات

TT

* «سياسة المغرب الخارجية في الميزان» للحسان بوقنطار

* الرباط ـ عمر عبد السلام: عن منشورات شركة بابل للطباعة والنشر بالرباط، صدر حديثا للكاتب المغربي الحسان بوقنطار كتاب بعنوان «السياسة الخارجية المغربية الفاعلون والتفاعلات». وكتب مقدمة الكتاب الباحث المغربي عبد الهادي بوطالب، عضو الأكاديمية الملكية المغربية، الذي اشار الى الاسلوب العلمي الذي يعتمده المؤلف «للنفوذ الى اعماق القضايا السياسية التي تناولها هذا الكتاب الذي طرح مقاربات جديدة لعدد من القضايا كانت تعتبر من المسلمات».

وفي المقدمة العامة لهذا الكتاب يلاحظ بوقنطار ضآلة الخطاب المعرفي حول هذا المجال (السياسة الخارجية للمغرب)، إذ ينعدم وجود مرجع شامل يتعرض لهذه السياسة في ابعادها المتنوعة، وهو الامر الذي لا يتناسب واهمية الدور المغربي الذي حاول منذ الاستقلال اعطاء المغرب مكانة متميزة في النظام الدولي، ولا سيما في العالم. وعزا بوقنطار هذا الامر الى عدة عوامل اهمها أن السياسة الخارجية لأية دولة، كما يرى كثيرون، ليست مغرية، وتفتقد للوضوح والشفافية، وهي ميدان للمزايدات بين الفاعلين في الدولة.

ويدرس المؤلف السياسة الرسمية للدولة، والتأثير الذي تمارسه فعليا، ومن ثم يسلط الضوء على تفاعلات المغرب مع مجموعة من الدوائر المحددة جغرافيا، مع التركيز على المحددات التي أملتها هذه السياسة، والتي تتنوع وتتمايز باختلاف المنطقة الموجهة اليها. وبهذا قسم المؤلف الكتاب الى جزءين غير متوازيين، يهتم الاول باشكالية الفاعلين في السياسة الخارجية المغربية. اما القسم الثاني، فينصب على مسألة السياسة الخارجية المغربية في تفاعلها مع مختلف الدوائر التي ترتبط بها.

ويدرس المؤلف، عموماً، تفاعل المغرب مع محيطه، الذي تمليه اعتبارات مرتبطة بموقعه وانتمائه الثقافي، والدور الذي يتطلع إلى القيام به، والتأثيرات الدولية على هذا الدور، إذ تواجه السياسة الخارجية المغربية الحالية تفاعلات مهمة في ظل عالم متغير باستمرار. ولهذا لا ينبغي لهذه السياسة أن تبقى حبيسة قوالب جاهزة، بل تتواءم مع المتغيرات باستمرار من خلال تشخيص واضح للمصالح المغربية، واستخدام الاساليب الاكثر نجاعة لصيانتها والدفاع عنها خاصة فيما يتعلق بقضيتين حيويتين بالنسبة للمغرب وهما قضية الصحراء وقضية سبتة ومليلية المحتلتين من قبل اسبانيا. وطبيعي ان هذه المهمة تتطلب تحديث ادوات التفكير لانتاج تصورات ومواقف اكثر استجابة لموقع المغرب وتطلعاته والاكراهات التي يواجهها سواء داخليا او اقليميا او عالميا.

* «الموسيقى علم وفن» لعلي عبد الله

* بغداد ـ «الشرق الأوسط»: «الفن المسيقي أحد الفنون الجميلة التي تستطيع برغم طابعها التجريدي أن تعبر عن روح العصر، ومع تطور الحضارات احتلت الموسيقى مكانتها الرفيعة في الحياة الدينية والدنيوية باعتبارها فنا ساميا مقدسا يساعد الفرد على الإحساس بعظمة من يعبد (قديما) وباعتبارها فنا ترويحيا يساعد على الإحساس بالسعادة ورهافة الإحساس». بهذه المقدمة بدأ د. علي عبد الله مؤلفه الخامس «الموسيقى علم وفن» الذي يعتمد فيه على كتابات الباحث الآثاري الفرنسي لاروش الذي نشرها عام 1950.

لقد جاء في كتاب أبي نصر الفارابي (الموسيقي الكبير) ما يؤكد وجود قواعد موسيقية وسلالم للفن الغنائي قبل الإسلام، وكان الاحتفال الشعبي بالزواج والمهر والختان في المدينة زمن الإسلام مصاحبا للغناء، وبرغم انشغال الناس بحروب الفتح وتحريم بعض الفقهاء للموسيقى والركود الواضح في هذا الحقل عموما إلا أن وجود (طويس) و(عزة الميلار) و(ابن سريح) و(حنين) في المدينة المنورة وغناءهم المتقن، أكد وجود ذلك الحب للفن الموسيقي.

وتشير مصادر هذا الفن إلى حقيقة تجاوزها المؤلف، وهي ازدهار الفن الغنائي زمن الأمويين ورعاية الدولة لرموز الغناء أمثال معبد وابن محرز والغريض وسعيد بن مسجع ويونس وجميلة وسلامة، وقد بدأ في هذا العصر التدوين الموسيقي بشكل جديد استند إليه ابن مسجع الذي درس الغناء الفارسي والموسيقى اليونانية، لكن المؤلف قفز ببحثه إلى العصر العباسي، مشيرا إلى إنجازات إسحاق الموصلي وزرياب وأفكار الكندي والفارابي التي قادت الفن الموسيقي إلى المسار العلمي الصحيح، إضافة إلى رسالتي صفي الدين الارموي «الأدوار» و«الرسالة الشرفية».

لقد ألف الكندي سبع رسائل في الموسيقى منها «في خبر صناعة التأليف» و«المصوتات الوترية من ذات الوتر الواحد إلى ذات العشرة أوتار» و«أجزاز خبرية من الموسيقى» و«المختصر في تأليف النغم وصناعة العود» و«الرسالة الكبرى في التأليف» وهي بحث علمي في علم الصوت التوافقي «الهارموني» وهي أول رسالة في هذا الباب على مستوى التأليف في العالم، إضافة لرسالتين صغيرتين، أما الفارابي فقد كتب عددا من المؤلفات في الموسيقى ذكر المؤلف منها كتاب «الموسيقي الكبير»، أما غيرها فهي «كتاب في إحصاء الإيقاع» و«كلام في النقلة مضافا إلى الإيقاع» و«كلام في الموسيقى» و«كتاب في إحصاء العلوم» وقد أقر الفارابي الوتر الخامس وتعرض في كتابه «الموسيقي الكبير» إلى شرح عدد من الآلات الموسيقية.

وقد خص علم الموسيقى باهتمام المغول والدول التي أعقبتهم حتى دخول العثمانيين، وألف في هذا الفن بعض الدارسين، ومنهم شهاب الدين الصيرفي الذي ألف كتابا تحت عنوان «خلاصة الأفكار في معرفة الأدوار» مناقشا كتب الارموي في هذا الباب. ومن علماء الموسيقى بعد هولاكو عمر بن خضر جمال الدين الداسني (المولود عام 1263) الذي ألف كتابا في الموسيقى تحت عنوان «الكنز المطلوب في علم الأدب والدروب»، وبرز في العهد الصفوي باحث آخر هو عبد العزيز المراغي وكتاباه «نقاوة الأدوار في فن الموسيقى» و«جامع الألحان»، وعبد القادر المراغي مؤلف كتاب «مقاصد الألحان»، وهي كتب مهمة لمؤلفين مشهورين تجاوزهم المؤلف الفاضل ليصل بنا سريعا إلى «الموسيقى في العراق الحديث بين العلم والفن». وهو فصل في التطبيق والتوثيق إذ يضع المؤلف عدة مصادر لرسم الطريق الفني والعلمي والنظري والتطبيقي للموسيقى الحديثة، أولها الوعي الفني، وثانيها الغناء الديني بأنواعه «التهليلة والمولود والذكر والتمجيد والآذان والتجويد والتعزية» وثالثها الغناء الفطري ومنه أغاني الطفولة والمناسبات وأغاني العمل والباعة الجائلين والأغاني السياحية والنقدية والأغاني المصاحبة للألعاب الرياضية، أما القسم الرابع فيشمل الموسيقى العسكرية، والخامس فن المسرح وعروضه الغنائية والسادس السينما وموسيقاها التصويرية والغنائية المتداخلة مع الشريط والسابع معهد الفنون الجمعية ودوره في الدرس الموسيقي الحديث والمعاهد الوليدة الأخرى، إضافة إلى الفنانين الوافدين ودورهم في التقدم الفني ثم عرض لدور الفرقة السمفونية الوطنية ومدارس الموسيقى والباليه ومعهد الدراسات الموسيقية والفرق الموسيقية والفنانين المبعوثين إضافة إلى الاطلاع والمتابعة الشخصية، وصولا إلى قول المؤلف إن «سر جمال الموسيقى يكمن في جديدها الذي لا ينتهي أبدا ما دامت الحياة مستمرة ومتجددة». وبرغم العمل التوثيقي الذي قام به المؤلف في القسم الأخير، فقد فاته أن يشير إلى دور أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد وأكاديمية بابل المستحدثة برغم أنه خريج الأولى، ما دام قد تطرق إلى أماكن الدرس الموسيقي الحديث، وعلى الرغم من كل هذه الملاحظات يبقى كتاب د. علي عبد الله هذا جديرا بالعناية والتقدير.

* سيرة معتقل سياسي

* الرباط ـ «الشرق الأوسط»: يحاول كتاب «أحلام الظلمة...سيرة معتقل سياسي» تلمس مجموعة من الحقائق السياسية في تاريخ الحركات اليسارية المغربية، وخاصة الحركة الماركسية ـ اللينينية التي ظلت «تسمها أخطاء كثيرة وآفات سياسية عديدة كالجمود العقائدي وحب الزعامة» كما جاء في ورقة تقدم هذا الكتاب الذي نزل إلى الأكشاك المغربية مع بداية السنة الحالية.

ويروي هذا الكتاب الذي ألفه هشام مشبال سيرة المعتقل السياسي السابق محمد الأمين مشبال، الذي كان قد اعتقل في عام 1976 بتهمة انتمائه إلى منظمة «إلى الأمام»، وحكم عليه بـ20 سنة إضافة إلى سنتين لإهانته هيئة المحكمة. إلا أن مشبال كان من ضمن 10 موقعين على بيان القطيعة مع تجربة «إلى الأمام» عام 1980، بما اعتبر في حينه بداية مراجعة صارمة للعديد من المفاهيم الإيديولوجية والسياسية آنذاك في صفوف أقصى اليسار المغربي. وقد أطلق سراح مشبال في عام 1986 بعد عفو ملكي.

ويضم كتاب «أحلام الظلمة...سيرة معتقل سياسي» ستة فصول جاءت على النحو التالي: الهروب إلى الأمام، صور في الظلام، ماض جميل، غد ميت، قلعة الصمت، دموع الفرح، دموع الحزن، ركن العشاق.

وتوسل هذا الكتاب ـ السيرة بالسرد المتسلسل الذي يبدأ بتصوير ظروف انتماء الأمين مشبال إلى منظمة «إلى الأمام» وضرورات انخراطه في العمل السري، ثم القبض عليه، لتنتقل السيرة إلى تصوير مشاهد التعذيب وانتزاع الاعترافات بكل الوسائل، ثم تصوير أجواء المحاكمة التي طغى عليها من جهة توجه أبراهام السرفاتي المناهض لمغربية الصحراء، ومن جهة استفزازات رئيس هيئة المحكمة وقمعه لحرية الدفاع. ثم انتقل الكتاب إلى تصوير عالم السجن بكل تفاصيله وعلاقته الإنسانية والسياسية وما طبعها من صراعات أدت إلى انفجار منظمة «إلى الأمام» في عام 1979 وإعلان بيان القطيعة معها سنة 1980. ويتحدث الفصل الأخير من الكتاب عن مجموعة من الأحداث الغريبة تتمثل أبرزها في السماح لمعتقلي السجن المحكومين بمدد تتراوح ما بين السجن المؤبد وعشرين سنة بالخروج إلى شوارع العاصمة والتجول في أزقتها دون مرافقة الحراس، قبل أن ينتهى إلى وصف الأمل الذي أحدثه توصله رفقة رفاقه برسالة جوابية من محمد رضا اجديرة مستشار العاهل المغربي الراحل الملك الحسن الثاني تبلغهم بأنه توصل بالرسالة التي وجهوها إلى الملك والتي شرحوا فيها دوافعهم السياسية والإنسانية وراء مكاتبته قصد العفو عنهم.

* الاتجاه الملحمي عند الكاتب المسرحي ألفريد فرج

* القاهرة ـ حمدي عابدين: ترى الباحثة المصرية رانيا فتح الله ان الكاتب المسرحي المصري الفريد فرج تأثر بالكاتب الالماني بريخت ومدرسته تأثر كاملا وذلك من حيث الايديولوجية وتكنيك الكتابة المسرحية. وتشير في كتابها الذي اصدرته الهيئة المصرية العامة للكتاب عبر سلسلة دراسات ادبية بعنوان «الاتجاه الملحمي في مسرح الفريد فرج» الى ان الكتاب المصريين تأثروا بالمسرح الملحمي عند بريخت بدرجات متفاوتة، فقد كان تأثر بعضهم به من حيث المضمون الفكري، ومنهم من تأثر به شكلا فقط، وهناك من تأثروا بالملحمية البريختية شكلا ومضمونا، ويأتي على رأسهم الفريد فرج الذي كان أبرز الكتاب المصريين في هذا الشأن. ولكي تدلل على رأيها هذا، درست المؤلفة نصوص مسرحيات فرج، والعروض التي قدمها المخرجون، واجرت العديد من المقابلات والحوارات مع المخرجين والممثلين الذين عملوا في هذه العروض.

انقسم الكتاب الى ستة فصول وخاتمة وضعت فيها رانيا فتح الله ثبت بالمراجع والمصادر التي استندت لها في دراسة الملحمية عند الفريد فرج وذكرت ان اعوام 1964 و1965 و1966 التي تفرغ خلالها الكاتب للابداع المسرحي كانت من اخصب سنوات عمره المسرحية، حيث قدمت له مسرحيات «حلاق بغداد» 1964 اخراج فاروق الدمرداش و«سليمان الحلبي» اخراج عبد الرحيم الزرقاني، و«عسكر وحرامية» اخراج سعد اردش و«الزير سالم» حمدي غيث و«علي جناح التبريزي وتابعه قفة» عبد الرحيم الزرقاني و«النار والزيتون» سعد اردش و«جواز على ورقة طلاق» التي قدمها عبد الرحيم الزرقاني قبل هجرة الفريد فرج المؤقتة في عام 1973 . وعبرت هذه المسرحيات حسب وجهة نظر الباحثة عن رؤية فرج للمسرح بأنه تعبير عن احتياج اجتماعي للحوار بين الافكار والجدل الايديولوجي والمناقشة الفكرية التي ظهرت في حياتنا الاجتماعية والسياسية، وقد انعكس ذلك على نوعية القضايا التي تعرض لها في مسرحياته وقدمها في اطار نقدي تحليلي اعتمد على التفكير الجدلي في الامور المطروحة من اجل الكشف عن العيوب، وجعل المشاهد للمسرحية يتدرب على محاولة استخلاص الحقيقة من فوق منصة المسرح ويعمل ذهنه لكي يفهم التناقض الموجود في الحياة.

وذكرت الباحثة ان هناك تشابهات كثيرة في مضامين مسرحيات بريخت والفريد فرج، فقد تشابها في طرح موضوعات ذات صبغة ثورية واخرى تعليمية، كما تناولا في اعمالهما قضايا ومشكلات تعالج عيوب المجتمع، وقد قدم الفريد فرج موضوعاته المسرحية من خلال شخصيات تعاني تناقضات حادة وحاول بها الاقتراب من طبيعة الشخصية الملحمية، حيث قدم شخصيات لديها الخير والشر معا، ولم يقض في مسرحياته على الشر بل سخر منه وراح يرثي له في آن واحد، وقد ظهر هذا في شخصية سليمان الحلبي قاتل كليبر، وقدمها بالكثير من المتناقضات الانسانية، وقد تجلت شخصيته محملة بمزيج من الانسانية والقومية، وابرز من خلالها صورة كبيرة لحركة الشعب المصري ضد الاحتلال الفرنسي، وهو لم يظهر سليمان الحلبي رغم ذلك بطلا مخلصا بل فدائياً يفتح الباب للجدل حول وسائل الخلاص. وذكرت الكاتبة ان الفريد فرج استلهم شخصيات مسرحياته من الموروث الشعبي والتراث والتاريخ، وهذا يظهر واضحا في شخصية على جناح التبريزي في مسرحية «على جناح التبريزي وتابعه قفة» وهجرس في مسرحية «الزير سالم» وقد فرغ الكاتب هذه الشخصيات من مفهومها التاريخي واسقطها على الواقع، يظهره ممزقا بسبب ما ألم به من صراعات، والنظر الى مسرحية «الزير سالم» يجعلنا نجد ان بطلها سالم متطرف في عشقه ومجونه وانتقامه فقد اظهره الفريد فرج باحثا عن المطلق والمستحيل، وقد كان ذكر الكاتب لهجرس في المسرحية ووجوده من أجل مجادلة الشخصيات ومعرفة الحقيقة وما حدث في الماضي لكي يحكم على الحاضر ويعرف حقيقته ويسير نحو المستقبل.

هناك ملامح أخرى ملحمية لدى الفريد فرج تتجلى في مسرحياته مثل استخدامه الكورس بشكل ملحمي ليشارك في الفعل المسرحي، فقد استخدمه الفريد فرج كلما دعت الحاجة الى كسر استغراقة المتفرج في الفرجة المسرحية وقطع حالة الاندماج الوجداني التي يقع فيها المشاهدون كما استخدم الفريد الكورس أيضا من أجل خلق حالة من الجدل بين المتفرج وما يشاهد من احداث، وحتى يضعه في حالة من التفكير في القضايا التي تعرض أمامه في العمل المسرحي، ولم يتوقف استخدام الفريد فرج للكورس عند هذا الحد بل وصل في مسرحية سليمان الحلبي الى حد اعتباره ممثلا لضمير الامة والجماعة، وقسم الفريد فرج احداث مسرحياته الى عدد من المشاهد واللوحات واستخدم الشاشات والاقنعة وجعل الحوار وسيلة للوصول الى أكبر عدد من المشاهدين والدخول معهم في جدل ذهني يمكنهم من فهم الابعاد والموضوعات والقضايا المطروحة للمناقشة فوق خشبة المسرح.