دراسة جديدة : ستالين مات مسموما

بيريا رئيس البوليس السري في عهد ستالين إلى مولوتوف عضو المكتب السياسي: «لقد قضيت عليه وقد أنقذتكم جميعاً»

TT

بعد مرور خمسين عاماً على موت ستالين متأثراً بنزيف في المخ أضافت دراسة متأنية في السجلات السرية السوفيتية وزناً جديداً لنظرية قديمة تقول ان ستالين كان بالفعل قد مات سموما في منزله الريفي ربما تحاشيا لحرب كانت تخيم على الافق مع الولايات المتحدة.

وذكر مؤلفا كتاب جديد يستند الى السجلات السوفياتية أنه ربما كانت تلك الحرب وشيكة الوقوع أكثر مما توقع اي شخص خارج الكرملين.

وسيصدر الكتاب، الذي يحمل عنوان «آخر جرائم ستالين» ويحتوي على 402 صفحة، في وقت لاحق من هذا الشهر. يقترح مؤلفا الكتاب، المؤرخ الروسي فلاديميرنعوموف وجوناثان برينت الاستاذ المتخصص في الدراسات السوفياتية بجامعة ييل، استناداً إلى تقرير سري سابق لأطباء ستالين في ايامه الاخيرة، انه ربما يكون قد سمم بمادة الورفرين وهي مخفف للدم لا لو له ن ولا رائحة له يستخدم لقتل الفئران، وذلك أثناء تناول آخر وجبة عشاء له مع اربعة من اعضاء مكتبه السياسي.

وقد اسس مؤلفا الكتاب نظريتهما جزئيّاً على مسودات مبكرة للتقرير تكشف ان ستالين عانى من نزيف دم غزير في المعدة خلال آلام احتضاره. وذكر المؤلفان أن مقاطع عديدة قد ازيلت من الصفحة رقم 20 من التقرير الطبي الرسمي الذي لم يصدر الا في مايو (ايار) 1953 اي بعد اكثر من ثلاثة اشهر على موته في 4 مارس (آذار) من ذلك العام.

كان هناك اربعة من اعضاء المكتب السياسي خلال ذلك العشاء هم: لافرينتي بيريا الذي كان حينها رئيساً للبوليس السري، وجورج مالينكوف الخليفة المباشر لستالين، ونيكيتا خروتشوف الذي وصل الى قمة السلطة في آخر الامر، ونيكولاي بولغانين.

ويشير المؤلفان، الى انه إذا كان ستالين قد سمم فإن الاحتمال الغالب ان يكون المتهم بذلك هو بيريا الذي ظل لمدة 15 عاماً وزير ستالين المحتقر للأمن الداخلي.

وقيل ان بيريا تفاخر بقتل ستالين في عيد اول مايو، بعد شهرين من موته قائلا لفياشيسلاف مولوتوف، وهو عضو آخر من اعضاء المكتب السياسي «لقد قضيت عليه، وقد انقذتكم جميعا»، وذلك حسب ما ورد في ذكريات مولوتوف السياسية الصادرة عام 1993 في كتاب «مولوتوف يتذكر».

ويستبعد المؤلفان رواية خروتشوف عن موت ستالين التي وردت في مذكراته بوصفها تحوير كاريكاتوري للحقيقة. وقال برينت في مقابلة اجريت معه اخيرا انه وبعد أن صار كل أولئك الذين لهم علاقة بالقضية في عداد الموتى فإن القصة الحقيقية قد لا تعرف ابداً.

وقال برينت في المقابلة «بعض الاطباء متشككون في ما اذا كان قد اجري تشريحً للجثة وما اذا كان قد تم التوصل لاجابة عن سؤال: هل سمم ستالين؟ وأنا شخصياً اعتقد ان موت ستالين لم يكن صدفة. هناك العديد من الدلالات تشير الى اتجاهات اخرى».

ويقدم الكتاب، مثل معظم الكتب التي على غراره، صورة فاترة لستالين كشخص مصاب ببرانويا عميقة، وفي الوقت نفسه يتمتع بقدرة لا نهائية على التحايل، يخترع اعداء لنفسه باستمرار ثم يقضي عليهم كجزء من الرعب الذي أباد الملايين وابقى على ملايين آخرين يكدحون مما مكن الاتحاد السوفياتي من القفز من القيصرية الى العصر الصناعي.

ومع ذلك فإن الروس المعاصرين منقسمون في آرائهم حوله. وقد اظهر آخر استطلاع للرأي أعده «مركز الرأي العام لجميع الروس» وشارك فيه 1600 روسي، وظهرت نتيجته يوم 4 مارس الجاري في الذكرى الخمسين لوفاة ستالين، أن اكثر من نصف المشاركين يعتقدون ان دور ستالين في التاريخ الروسي كان ايجابيا،ً بينما رأى ثلث المشاركين فقط عكس ذلك.

ووفقاً لنتيجة الاستطلاع فإن 27 في المائة يرون ان ستالين كان طاغية قاسي القلب وغير انساني. لكن 20 في المائة يرونه حكيماً وإنسانيا ـ ومن بين هؤلاء رئيس الحزب الشيوعي غينادي زيغانوف الذي يقارن اليوم ستالين بـ«اكثر الشخصيات عظمة في عصر النهضة».

ولقد قضى برينت ونعوموف، الذي يعمل سكرتير هيئة حكومية روسية لاعادة تأهيل ضحايا القمع، سنوات في دراسة الوثائق الخاصة بجهاز «كي جي بي» والمنظمات السوفياتية الاخرى.

وقد منحهما المسؤولون الروس فرصة الاطلاع على وثائق لإنجاز كتابهما الاخير الذي يتتبع بصورة اساسية السياق البديع لـ«مخطط الاطباء»، وهو تآمر مفترض في أواخر الاربعينات من القرن الماضي قام به اطباء الكرملين لقتل كبار القادة الشيوعيين.

وقد كانت المؤامرة في الحقيقة عملية تلفيق لمسؤولين من الكرملين يتحركون بأوامر من ستالين. والى ان جاء الوقت الذي كشف فيه ستالين المخطط للجمهور السوفياتي في يناير (كانون الثاني) 1953 فإنه كان قد أتاح حبكه ليأخذ شكل مؤامرة كبيرة يقودها يهود تحت التوجيه السري للولايات المتحدة لقتله وتحطيم الاتحاد السوفياتي نفسه.

* «آخر جرائم ستالين»

* المؤلفان: المؤرخ الروسي فلاديمير نعوموف وجوناثان برينت الاستاذ المتخصص في الدراسات السوفياتية بجامعة ييل الأميركية

*خدمة نيويورك تايمز ـ (خاص بـ «الشرق الاوسط»)