الملكة نور تروي قصتها مع الملك حسين

حرب الخليج الثانية ومفاوضات السلام في سيرة ذاتية لملكة

TT

بعد وقت ليس بعيد من زواج ليزا حلبي من عاهل الأردن الملك حسين عام 1978 سئلت في مقابلة صحفية أجراها معها صحفي أميركي «هل تنوين أنت والملك حسين انجاب أطفال» فأجابت الملكة بعفوية «ان شاء الله».

ولم تكن تتصور أبداً أن تقرأ بعدها على صفحات مجلة شعبية عنواناً عريضاً يقول: أميركية ترتدي الجينز تقول عن مليكها: سأكون سعيدة اذا حملت طفله.

ولذلك فليس من المدهش أنه بعد 25 عاماً ترغب الملكة الأرملة في التعبير عن نفسها، وهكذا جاء كتابها «وثبة ايمان» وهو كتاب لا يخفي أبداً احساس صاحبته بأنها غالباً ما أسيء فهمها.

ومن ناحية فإن الكتاب رؤية مشوقة تعود لتجارب الملكة غير العادية وميلها للتأكيد على كل ما هو ايجابي مثل قولها «لقد كنت أحث كل من عملوا معي على التحدث بحرية وبأمانة وتوجيه النقد البناء».

ومن ناحية أخرى، الكتاب تعبير عن رؤية غاضبة لملكة تشعر بالاحباطات التي تعرض لها زوجها خلال مفاوضاته الخارجية، ومع الولايات المتحدة واسرائيل على وجه الخصوص.

وبالتأكيد، لدى الملكة الأميركية المولد ونصف العربية وجهة نظر خاصة جداً ولديها ذاكرة وفيرة عن مدى استخفاف قسم من الغربيين بالعرب. وكما تتذكر فقد قرأت ذات مرة في صحيفة تصدر بواشنطن موضوعاً يسخر من والدها اللبناني، وجاء تحت عنوان: «من هو نجيب الياس هل هو حيوان أم نبات أم معدن؟». وفي الحقيقة كان لدى نجيب الياس، بحكم موقعه كرئيس لادارة الطيران الفيدرالي، الصلاحيات والخبرات التي تتيح له التواصل مع ملك الأردن. وتذكر الملكة أن الملك حسين سألها في أحد اللقاءات في بداية تعارفهما «لماذا لا نراك كثيراً؟»، فاحمر وجهها خجلاً، وكذلك تذكر أن احدى دعوات الغداء مع الملك دامت ست ساعات. وتقول أن الملك غازلها بعزف أغنية «خذي فرصة معي».

لم يكن الزواج من الملك حسين يعني فقط أنها ستصبح زوجة أب لثماني أطفال (فقد كانت هي الزوجة الرابعة للملك) ولكن أيضاً اعادة تقييم شاملة لمواقفها الأميركية تجاه الشرق الأوسط. فأخذت، على سبيل المثال، تعتبر فيلم مثل «لورانس العرب» ذا معالجة عرقية، وبدأت تسمي عام 1948 الذي تأسست فيه دولة اسرائيل «عام النكبة». لكن زواجها جلب لها أيضاً الكثيرمن الرحلات واللقاءات الدبلوماسية، ومنها اللقاء مع الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الذي قال لزوجها عن صدام حسين أثناء حرب الخليج: أنا لن أسمح لديكتاتور صغير أن يتحكم في 25% من نفط العالم المتحضر.

وتؤكد الملكة أن محاولات زوجها الدبلوماسية نجحت في اقناع صدام حسين بسحب قواته من الكويت، ولكن مجهودات السلام هذه تم تخريبها كما تقول.. وكان من نتائج ذلك، كما تضيف، دخول القوات الغربية إلى المنطقة وزرع بذور الهجمات الارهابية التي قام بها الإسلاميون المتطرفون في الولايات المتحدة بعد عشر سنوات من ذلك التاريخ. وفي هذا السياق أيضاً تسجل صاحبة كتاب «وثبة ايمان»، الذي خصصت عوائده لمؤسسة خيرية تحمل اسم الملك حسين، كلمات صدام لزوجها «أعلم أن العالم كله ضدي لكن الله معي وسوف أنتصر».

ورغم أن لها بيتاً مطلاً على البحر في العقبة بالقرب من الحدود الاسرائيلية كانت تستطيع من خلاله رؤية الأسلاك الشائكة، إلا أنه من النادر أن هاجمت الملكة نور الصهيونية أو المستوطنات الاسرائيلية أو التأثير القوي لليهود الأميركيين في هذه القضايا ولكنها تهاجم في كتابها على سبيل المثال الصورة المنطبعة عن العرب في صناعة السينما الأميركية فهم دائماً اما ارهابيون أو أثرياء نفط شرهون، أو متطرفون أو كائنات بدائية وهي تدرك أن العديد من مديري هذه الصناعة من اليهود الذين يوالون إسرائيل وسياساتها.

وتنتقد الملكة بشدة الأساليب التي جعلت الملك حسين يشعر أنه استغل وأنه لم يعامل بالاحترام اللائق خلال مفاوضات السلام في الشرق الأوسط، وتذكر هنا كيف ان المحادثات بين زوجها واسحاق رابين كانت تتحكم فيها واشنطن، وتؤثر فيها لجنة الشؤون الأميركية الاسرائيلية واللوبي الذي يعمل ضد المصالح العربية لصالح اسرائيل.

عبر صفحات الكتاب ترسم الملكة صورة متوهجة لزواجها الذي انتهى بموت الملك عام 1999. لكن من الملاحظ ان صاحبة الكتاب بالرغم من أنها زوجة أب لثمانية أبناء، اضافة الى أربعة أبناء أنجبتهم من الملك، لم تخصص سوى صفحة أو صفحتين للمشاكل العائلية «وثبة ايمان» يتحدث أيضاً عن التقدم الذي حققته المرأة الأردنية خلال عهد الملكة نور التي ساعدت بالفعل النساء على تعلم الحرف اليدوية وصناعة السجاد الملون لرفع مستوى معيشتهن. لكن ما زال بإمكان الرجل ، بموجب القانون في الأردن، أن يقتل الزوجة أو أي قريبة له تتهم بالخيانة دون أن يعاقب. وكما تقول صاحبة الكتاب، فإن في هذا ظلماً كبيراً للمرأة.