«قنطرة» للحوار بين الشرق والغرب

TT

القنطرة هي الجسر أو البناء المقوس الذي يربط بين ضفتي النهر أو بين كيانين، ولهذا فهي أفضل تعبير عن إقامة وشائج الصلة بين طرفين. قد تكون القنطرة مقوسة ومزخرفة كما في لاغونات البندقية وقد تكون مجرد جذع نخلة يربط جهتي «شاخة» (ساقية)، كما في العراق لكنها ممدودة لتحقيق نفس الغرض: ربط الناس ببعضهم.

ومجلة «قنطرة» الإلكترونية التي احتلت موقعها «اونلاين» قبل فترة وجيزة أخذت على عاتقها بناء هذه الصلة «الافتراضية» مع العالم الإسلامي على صفحات شبكة الانترنيت. وهي صفحة ثقافية مكرسة لمد أواصر حوار هادئ النبرة وبنّاء بين الشرق والغرب، بين مختلف الحضارات ومختلف الأديان.

بدأت المجلة بالظهور على صفحة الانترنت (WWW.qantara.de/ar) مع اندلاع المعارك في الحرب الأخيرة ضد العراق، وكرست صفحاتها منذ اليوم الأول للحوار حول مغزى الحرب وانعكاساتها على العلاقات بين مختلف العوالم والكيانات والأديان. وحفلت القنطرة «الإلكترونية» الجديدة منذ البداية بالمواضيع التي تبرز هويتها وتكرس المهام التي ولدت لأجلها. فنشرت حوارا متعدد الجوانب حول الحرب على العراق بين الكاتب عباس بيضون وزميله الألماني ميشائيل كليبرغ، ومقابلة مع الكاتب والمفكر السوري المعروف صادق جلال العظم حول الديمقراطية في العالم والحرب، ومقالا يتصدى لمشكلة اللاجئين العراقيين في ألمانيا بعد سقوط نظام صدام حسين، ومقالا حول الإسلام والنساء، وتقريرا حول تركيا والاتحاد الأوربي... الخ. كما نشرت «قنطرة» بعض الوثائق الهامة التي تهم العالم العربي والإسلامي وأهمها «الميثاق الإسلامي» الذي اقترحه المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا بمثابة دستور ينظم حياة الجالية الإسلامية في ألمانيا.

وتأتي ولادة «قنطرة» طبيعية إلى عالم الثقافة الإلكتروني رغم ظروف الحرب والإرهاب ومظاهر التشدد اليومية بين ميونخ وبرلين. وساهم في تأسيسها ودعمها كل من معهد غوته انترناسيونس ومعهد العلاقات الخارجية والمركز الألماني للتعليم السياسي في إذاعة ألمانيا الحرة «الدويتشة فيلله». ويشارك في تحرير «قنطرة» باللغات الألمانية والعربية والانجليزية أربعة محررين متعددي اللغات ممن يجيدون العربية على وجه الخصوص. وتضم هيئة التحرير المستشرقة والصحافية الألمانية لاريسا بندر التي عرفها القراء العرب والألمان من خلال ترجمتها لرواية «شرق المتوسط» للكاتب عبد الرحمن منيف. عن صفحة «قنطرة» وأهدافها ومدى انفتاحها وظروف صدورها كان لنا حديث قصير مع السيدة بندر. وعن ردود الفعل العربية والألمانية والإسلامية قالت بندر ان الصفحة جديدة ولم تستقطب العديد من المنظمات والقراء بعد، لكن ردود الفعل الإيجابية صدرت حتى الآن عن جهات مسلمة. وفي حين امتدحت، كمثل، جمعية المرأة المسلمة المقال حول «الإسلام والنساء»، لم تصدر ردود فعل مماثلة عن الجهات المسيحية واليهودية. وردا على سؤالنا حول توقيت قرار صدور المجلة مع أحداث 11 سبتمبر والحملة على الإرهاب، أكدت بندر على وجود مثل هذه العلاقة مشيرة إلى تبلور الفكرة أساسا في معهد العلاقات الخارجية. وتضيف بندر أن المجلة لا تتردد في طرح المواضيع الشائكة التي تتعلق بالقضايا الدينية والسياسية. كما أن «قنطرة» تفتح أبوابها للحوار أمام الجميع وتدعو كافة المثقفين والمفكرين في المغرب للمساهمة فيه شرط اعتماد النبرة الهادئة والالتزام بخطها المعني بتعزيز الحوار وروح التسامح بين مختلف الأديان والإثنيات والمجاميع السكانية.