نقد الإصولية وتحرير المرأة

فريدة النقاش في «حدائق النساء»: معركة تحرر النساء لن يخوضها غيرهن وهي مرتبطة بتحرير المجتمع كله

TT

دعت الكاتبة فريدة النقاش الى فصل الدين عن الدولة حتى لا يكون هناك سند شرعي تتكئ عليه أشكال التمييز ضد المرأة وتنتهي شرعية القوى التي تسعى لتكفير المجتمع والدولة وتسعى لاضطهاد النساء». ورأت النقاش في كتابها الذي صدر حديثا عن مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان بعنوان «حدائق النساء» ان نقد الأصولية لن يكتمل إلا بتحقيق ما دعت إليه.

وقالت فريدة النقاش عبر 17 مقالا ودراسة ان قوانين الأحوال الشخصية في كثير من البلدان العربية برغم بداية قرن جديد لا تزال قائمة على التمييز ضد المرأة واعتبارها كائنا أدنى لا بد من فرض الوصاية عليه، وهي أي قوانين الأحوال الشخصية يمكن نظريا وعمليا أن تبطل تفعيل كل الحقوق الأخرى في العمل والتعليم والمشاركة السياسية التي حصلت عليها المرأة بعد نضال طويل.

وأشارت الى ان التعديلات الجذرية المطلوب ادخالها على قوانين الاحوال الشخصية في الدول العربية لا بد ان تقوم على سد الفجوة بين المرجعية العالمية لحقوق الانسان وبين التأويل المستنير للنص القرآني، والذي يواجه عملية تهميش متواصل عبر قرن من الزمان. وضربت النقاش مثلا على ذلك بما حدث مع الشيخ محمد عبده والشيخ علي عبدالخالق في مصر، والطاهر الحداد في تونس والمفكر السوداني محمود محمد طه والدكتور نصر حامد أبوزيد.

وذكرت المؤلفة ان المصير المأساوي الذي واجه المفكرين السوداني محمود محمد طه الذي تم اعدامه والدكتور نصر حامد أبوزيد الذي حكم عليه بالردة وتطليقه من زوجته بالاضافة الى ما حدث لغيرهم على امتداد الوطن العربي عطل حركة الاصلاح الديني في المجالات كافة، فقد ظلت حرية الفكر والعقلانية والحريات الديمقراطية عرضة للعصف بها عند كل منعطف حاسم.

وربطت صاحبة «حدائق النساء» تحرير المرأة بتحرير الشعب كله من أجل بناء مجتمع جديد قائم على المساواة وتوزيع ثروات البلاد بالعدل بين الرجال والنساء واستكمال تحديث المجتمع العربي وتحريره بعد «دحر مشروعات الهيمنة الصهيونية والرأسمالية».

وذكرت النقاش ان حقوق المرأة كلما حققت تقدما عادت وتراجعت مرة أخرى ومثال ذلك ما حدث في نهاية القرن الماضي من دعاوى طالبت بعودة المرأة الى البيت، رعاية لأطفالها وأسرتها، وهو ما يعني تناقضا مع حقها في العمل، وهذه الدعاوى حسب رأي النقاش عندما تأتي من قبل جماعات الاسلام السياسي، فهذا طبيعي لأنها تتسق مع تصوراتها الفكرية والدينية، لكنها عندما تأتي من قبل التيارات الليبرالية، فإن هذا تعني تناقضا وازدواجية تقع فيها هذه التيارات التي يأتي في القلب من افكارها ومبادئها تحرير المرأة ومساواتها بالرجل، والكارثة الأكبر في رأي المؤلفة ان التمييز ضد المرأة قد يأتي من النساء انفسهن مثلما حدث عندما كان مقرر لجنة الحريات في مجلس نقابة المحامين المصريين امرأة هي المحامية بشرى عصفور والتي رفضت منذ سنوات قبول طلبات زميلاتها المحاميات بالاشتراك في معسكر النقابة واذي كانت تقيمه لمناقشة الديمقراطية وحقوق الانسان، وقد يأتي التمييز والعنف ضد المرأة الى حد القتل عندما تتعلق القضية بنظرة المجتمع الى الشرف، وقد ينفذ حكم القتل ضدها بمساعدة النساء أيضا.

وتخلص فريدة النقاش في كتابها الهام الى ان تراجع حقوق المرأة من وجهة نظرها لايأتي بسبب عدم وجود قوانين تحميها، لكنه ومع وجود القانون يحدث الانتهاك، بسبب الفجوة التي تفصل بينه وبين الواقع، وتعلل الكثير من الامثال الشعبية والتقاليد والمبادىء القديمة في حياة الناس وطبيعتهم ونفوسهم وهو ما يجعل القوانين غير مؤثرة. وترى المؤلفة ان هذه الوضعية ذات طابع عالمي بسبب مجموعة من المفاهيم الابوية السائدة، والتخلف الاقتصادي الذي تعاني منه غالبية المجتمعات.

* المؤلفة: فريدة النقاش

* الناشر: مركز القاهرة لحقوق الانسان