باحث فرنسي يتهم الحضارة الغربية بخيانة مبادئها الكونية

أميركا تفعل أشياء إيجابية أحيانا كإزالة الطغاة لكنها في الوقت نفسه تهمل أشياء أساسية أخرى

TT

لقد أصبح الغرب منغلقاً على ذاته داخل أسوار جنته الحضارية، كما يقول جان كلود غيبو. وككل الأنانيين الأغنياء، فإنه أصبح يخاف على ثروته. أصبح يخشى من أن يهجم عليه «البرابرة» من الخارج: أي العرب والمسلمون والأفارقة السود، وكذلك الآسيويون أيضاً.. ولذلك راح يسيّج نفسه بالأسلاك الشائكة، ويتخذ القوانين الردعية التي تمنع دخول الآخرين الى أوروبا وأميركا الشمالية.

الكتب التي تتحدث عن نقد الحداثة والعولمة الليبرالية الجديدة، أصبحت أكثر من أن تُحصى أو تعد في بلدان الغرب، وفي اللغتين الإنجليزية والفرنسية على الأقل. فهل تعيش الحضارة الغربية أزمة عميقة يا ترى؟ وما هي مظاهرها وأسبابها؟ وكيف يشخصها فلاسفة الغرب ومثقفوه؟ كيف يجدون لها الحلول أو العلاج؟ ثم كيف تنعكس هذه الأزمة الأخلاقية على العالم ككل؟

نحن في العالم العربي والإسلامي بشكل عام، مشغولون بأزمتنا الخاصة التي تبدو أكثر عمقاً وخطورة من أزمة الغرب، نحن نواجه تحديات مرعبة ليس أقلها الحروب الأهلية والأصوليات الطائفية، والفقر والمجاعات، والازدياد السكاني الهائل، وبيوت الصفيح أو أحزمة البؤس المدقع التي تحيط بمدننا الكبرى من الدار البيضاء إلى بغداد مروراً بالخرطوم والقاهرة والجزائر، وسوى ذلك.

هناك إذن أزمة عامة وأزمة خاصة، وما أشد البون بين الأزمتين! لكن ألا توجد علاقة بينهما يا ترى؟ أليس عصر العولمة الكونية يعني أن العالم قد أصبح مترابطاً ببعضه بعضا، وأننا نركب سفينة واحدة هي هذا الكوكب الأرضي المبحر في أعماق الفضاء ومتاهات المجرات؟ وبالتالي فإما أن نغرق جميعاً، وإما أن ننجو جميعاً..

أكتب هذه الكلمات على هامش كتاب الباحث الفرنسي «جان كلود غيبو»، الذي نال عليه جائزة جان جاك روسو، وعلى هامش مؤتمر «ايفيان»، الذي انتهى للتو في فرنسا واتخذ بعض القرارات لتحديد مصير العالم. كل شيء مرتبط ببعضه بعضا هذه الأيام، وأنا في شقتي الباريسية أتنقل بلمح البصر بين الفضائيات العربية والفضائيات الفرنسية. حقاً لقد أصبح العالم شيئاً واحداً، وهذه ظاهرة ما كنا نعرفها قبل خمس أو ست سنوات. وفي نهاية اجتماع قادة الدول العظمى الذين يحسمون مصير العالم بجرة قلم من يدهم، سمعت بأنهم قرروا إنشاء صندوق عالمي لمكافحة الجوع، وحسناً فعلوا، لكن هل نعلم بأن مساعدات الدول الغنية للدول الفقيرة قد نقصت في السنوات الماضية بدلاً من أن تزيد؟

وبالتالي فالسؤال المطروح هو التالي: هل هذا الإعلان يعبّر عن نفاق الغرب أو ازدواجيته أم لا؟ عن هذا السؤال أجد بعض الأجوبة المضيئة في كتاب «خيانة التنوير» لجان كلود غيبو. فالرجل لا يتورع عن نقد نفسه وحضارته ولا يكتفي بإلقاء المسؤولية على الآخرين كما يفعل الآيديولوجيون العرب. فهؤلاء عندما تقول لهم بأننا نعاني من مرض خطير وعميق، هو مرض التطرف والأصولية المتزمتة، يقولون لك: لا، نحن لا نعاني من أي شيء، نحن «لا نشكو» من أي شيء، نحن أفضل البشر.. إنما كل الحق على الإمبريالية والصهيونية والاستعمار.

هؤلاء إذا ما استمعنا إلى منطقهم لن نتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، إنما سنظل نراوح مكاننا إلى ما شاء الله. وحدهم المثقفون النقديون يستطيعون تحريك الأمور ويؤدون إلى حلحلة الأمور أو زحزحتها. وهم الغيورون بالفعل على مصلحة أممهم وشعوبهم، حتى عندما ينتقدونها بقسوة، وليس أولئك الديماغوجيون المزاودون الذين يملأون الساحة بصراخهم وضجيجهم.

نعم ان جان كلود غيبو، يعيب على حضارته أشياء كثيرة، وأولها: خيانة المبادئ الكونية التي تأسست عليها هذه الحضارة قبل مائتي سنة، فالإنسان الغربي المعاصر بعد أن شبع ووصل وأُصيب بالتخمة لم تعد تهمه المبادئ ولا من يحزنون. لقد تحول إلى إنسان جشع، استهلاكي، يعبد المال ويركع أمامه بصفته القيمة الوحيدة في هذا العالم. ولم يعد يبالي بمظاهر الفقر والجوع في افريقيا مثلا، بل لم يعد يبالي حتى بالمنبوذين والمحرومين داخل مجتمعه بالذات. فهو يشاهدهم على أرصفة الشوارع أو في دهاليز «الميترو»، لكنه «لا يراهم». انهم أقل من حشرة بالنسبة له، إنهم لا شيء، بل انه يسخر منهم لأنهم فشلوا في الحياة في حين انه نجح هو.

ما العلاقة بين هذا الإنسان الغربي المعاصر وبين أسلافه الكبار، الذين صنعوا هذه الحضارة التي يستمتع بها حاليا؟ لا شيء، يقول لنا المؤلف. فجيل التضحية والكفاح ولّى، وحل محله جيل السهولة والمتعة الذي لا يرى إلى أبعد من أنفه، وهذه هي حال الدنيا، فدائماً أبناء العائلات يكونون مترفين ناعمين على عكس آبائهم الذين تعبوا في جمع الثروة وتحصيلها.

يرفض المثقفون الامتثاليون في الغرب طرح أية أسئلة على أنفسهم أو حضارتهم، يرفضون الاعتراف بأن الغرب يتحمل مسؤولية جسيمة في اختلال نظام العالم اقتصادياً وسياسياً. وعندما تتحدث لهم عن المجاعات التي تفتك بالناس وتقتل مئات الألوف في السودان، وبعض دول افريقيا وآسيا الأخرى، يقولون لك بأن الحق يقع على هؤلاء الناس وعلى أنظمتهم وحكوماتهم.. باختصار فإنهم كالمثقفين العرب الامتثاليين يرفضون أن ينظروا إلى وجوههم في المرآة، أو ان يروا عيوبهم ونواقصهم. إنهم معجبون بأنفسهم أو راضون عنها إلى درجة تثير الاشمئزاز فعلا.

وحده المثقف النقدي ذو النزعة الإنسانية الصارمة، يعترف بمسؤولية الغرب عن هذا الوضع الجائر الذي يسود العالم حالياً، وجان كلود غيبو من هؤلاء. وحده المثقف النقدي يضع يده على الجرح ويقبل بنقد مجتمعه وحضارته، ولا يكتفي بإلقاء المسؤولية دائماً على الآخرين.

منذ البداية يطرح المؤلف هذا السؤال: في أي شيء تكمن أزمة الغرب الحالية؟ لماذا لم يعد يشعّ على العالم كما كان يحصل سابقاً؟ لماذا فقد مصداقيته؟ فالغرب كان طيلة القرون السابقة عبارة عن نموذج يحتذى لكل شعوب العالم، لكنه أصبح الآن نموذجاً منفّراً في أكثر الحالات.

ويجيب المفكر الفرنسي على ذلك قائلا: إذا كان الغرب قد أصبح مأزوماً، فإن ذلك يعود إلى أنه لم يعد يمارس على ذاته النزعة النقدية التي شكلت حضارته وعظمته منذ البداية. كان كانط مؤسس الحضارة الغربية على المستوى الفلسفي العميق قد قال عبارته الشهيرة: «ان قرننا هو قرن النقد الذي ينبغي أن يخضع له كل شيء بما فيه العقائد الدينية».

وبالتالي فإن الغرب الحالي، أي الغرب الانحطاطي المأزوم، قد قطع مع كانط وخان مبادئه. فقد جعل من الحداثة امتيازاً بدلاً من كونها تساؤلاً مستمراً. لقد جعل منها آيديولوجيا من جملة آيديولوجيات أخرى، بعد أن كانت انقلاباً فكرياً وكونياً على كل الانغلاقات، والعصبيات، والأصوليات. باختصار: لقد تحولت الحداثة إلى أصولية معكوسة، أو امتثالية متزمتة وواثقة من نفسها كلياً. لم تعد تطرح أسئلة على نفسها، وهكذا جمدت وتحنَّطت. على هذا النحو أصبح الغرب ينظر إلى الشعوب الأخرى باحتقار ويتهمها بالظلامية، والعقلية الارتكاسية، والتخلف، والهمجية، وينسى بالتالي مسؤوليته عن هذا الوضع، وعن نهب العالم الثالث أثناء الفترة الاستعمارية وفي ما بعدها. إذ يبدو حتى الآن ان الغرب الذي لا يشبع هو الذي يستفيد من دول الجنوب اقتصادياً بدلاً من أن يفيدها.

وبحسب ما تقوله الحركات المضادة للعولمة الليبرالية، التي تظاهرت في جنيف أخيراً، فإن الأموال تنتقل من جهة الجنوب الى جهة الشمال على عكس ما نتوهم.

بمعنى آخر: فإن الفقير هو الذي يطعم الغني لكي يزداد غنى ويزداد هو فقراً وجوعاً! إنه نظام اقتصادي جائر ومختلّ من أساسه. وفي الوقت الذي يتضور فيه الناس جوعاً في افريقيا وآسيا، نجد نساء الغرب وفتياته الجميلات لا يعرفن كيف ينقصن وزنهن بعض الكيلوغرامات لكي يصبحن أكثر رشاقة! بل بلغ البطر في الغرب إلى درجة ان الإنسان يأكل أطيب الوجبات ثم يذهب بعدئذ مباشرة إلى المرحاض لكي يتقيّأها، فلا يزيد وزنه بسببها!! وهكذا يكون قد تلذّذ بالطعام والشراب أولاً، ثم منع هذه الأغذية من أن تزيد وزنه ـ أو بالأحرى وزنها ـ ثانياً. اني أخجل من رواية هذه الحكايات اللتي شهدتها بأم عيني وفاجأتني وصدمتني فعلاً، لكن ما أقوله ينطبق أيضاً على الأغنياء العرب وليس فقط على الغربيين.

في قمة «ايفيان»، تحدثوا عن تشكيل لجنة عالمية لمحاربة الإرهاب، ونحن معهم، لكن هل فكروا في محاربة الأسباب التي تؤدي إلى الإرهاب؟

لقد أصبح الغرب منغلقاً على ذاته داخل أسوار جنته الحضارية، يقول جان كلود غيبو. وككل الأنانيين الأغنياء، فإنه أصبح يخاف على ثروته. أصبح يخشى من أن يهجم عليه «البرابرة» من الخارج: أي العرب والمسلمون والأفارقة السود، وكذلك الآسيويون أيضاً.. ولذلك راح يسيّج نفسه بالأسلاك الشائكة، ويتخذ القوانين الردعية التي تمنع دخول الآخرين الى أوروبا وأميركا الشمالية.

وهذه الظاهرة ليست جديدة، فقد حذّرنا ارسطو منذ ألفين وخمسمائة سنة، من «جشع الأغنياء»، وأنانيتهم، وكيف أنهم يحافظون على امتيازاتهم بأي شكل. وحذّرنا جان جاك روسو في خطاب شهير من ذلك التفاوت الهائل بين غنى الأغنياء وفقر الفقراء، وقال بأن ذلك هو سبب الشرور في العالم، وسبب الاضطرابات والانفجارات الإرهابية وغير الإرهابية. وحذرنا أبو ذر الغفاري من ذلك (إذا كانت ذاكرتي لا تزال طيبة)، وقال بما معناه: «عجبت لمن لا يجد في بيته ما يأكله، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه!».

والعالم جائع يا قادة العالم الآن، تقول آخر الإحصائيات الغربية، وليس الافريقية ولا العربية ولا الإسلامية ولا الكورية ولا الهندية: «هناك ثلاثون مليونا يموتون من الجوع سنوياً، و800 مليون على حافة الموت والجوع»، هذا ما يقوله لنا التقرير السنوي عن الجوع في العالم. ويقول لنا في ذات الوقت، بأن العالم لم يكن أكثر غنى مما هو عليه الآن في أي وقت مضى، لكن كلما زاد الغنى زاد الجوع والفقر! فكيف يمكن تفسير ذلك؟ الظلم واللامساواة واختلال جذري في بنية الاقتصاد العالمي.

فهل يمكن التوصل إلى عالم آخر غير هذا العالم الذي تسيطر عليه الشركات المتعددة الجنسيات ومنظمة التجارة العالمية والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي؟.. وكلها أميركية! اننا لسنا ضد أميركا في المطلق، وأنا شخصياً اعتبر أنها تفعل أحياناً أشياء إيجابية كثيرة، كما حصل في البوسنة والكوسوفو وأفغانستان والعراق وإزالة الطغاة من ميلوسوفيتش إلى صدام حسين إلى طالبان، لكنها تهمل شيئاً آخر أساسياً ألا وهو: تصحيح نظام العولمة الرأسمالية لكي يصبح أقل ظلماً وأكثر إنسانية.. فالديمقراطية بدون خبز لا معنى لها، وسوف تفشل في نهاية المطاف حتى لو نجحت. الديمقراطية بدون دعامة اقتصادية متينة كلام فارغ يطلق في الهواء، ولسنا بحاجة لأن نكون ماركسيين لكي نفهم ذلك. ولذا فإني اتفق مع بعض المفكرين الفرنسيين عندما يقولون: ينبغي أن نعتبر الجوع بمثابة «جريمة ضد الإنسانية»، مثله في ذلك مثل محرقة اليهود أو محرقة الفلسطينيين أو هيروشيما، أو ناغازاكي، أو رواندا، أو بقية المجازر الكبرى في التاريخ. وهل هناك مجزرة أكبر من تلك التي يذهب ضحيتها ثلاثون مليوناً سنوياً؟ هذا من دون أن نتحدث عن الثمانمائة مليون الأخرى التي تقف على حافة الهاوية.. وهم أناس كثيراً ما نرى صورهم على شاشات التلفزيون وقد التصق الجلد بالعظم وأصبحوا هياكل مرعبة، فنشيح بأنظارنا عنهم ونغير القناة التلفزيونية فوراً. هذه هي حقيقة الأمور. فمتى يستفيق العالم؟ متى يستيقظ ضميره؟

هذا هو النقد الأساسي الذي يوجهه المؤلف ضد حضارته التي تهيمن على العالم الآن: أي الحضارة الأوروبية ـ الأميركية، وهو يتساءل: كيف وصلت الأمور إلى هنا؟ كيف انحرفت هذه الحضارة عن مبادئها الكونية الرائعة في عصر التنوير؟ فالفلاسفة الكبار من أمثال كوندورسيه، وسان سيمون، واوغست كونت، وجان جاك روسو، وسواهم عديدون، كانوا يؤمنون بالمبادئ الإنسانية ويعتبرون انها تنطبق على جميع شعوب الارض وليس فقط على الشعوب الأوروبية. وشاعر الألمان الكبير «غوته» كان يقول بأن جميع الناس ينتمون إلى الجنس البشري. وبالتالي فلهم نفس الحقوق، ولا أحد أفضل من أحد بشكل مسبق. واما كوندورسيه، فكان يقول بأن جميع شعوب الارض لها الحق في الحرية والكرامة والعدالة والتطبيب الصحي.. الخ.

ولكن الذي حصل هو ان المرحلة الاستعمارية انحرفت عن هذه المبادئ أو حرفتها لكي تخدم مصلحة الشعوب الأوروبية فقط، بل حتى داخل الشعوب الاوروبية كانت تخدم بالدرجة الأولى مصلحة طبقة قائدة: هي الطبقة البورجوازية التي تسيطر على الصناعة والتكنولوجيا ووسائل الإنتاج، وبالتالي فينبغي تصحيح مسيرة التنوير لا التخلي عنها بحجة انها انحرفت في لحظة ما من لحظات التاريخ. الحداثة بحاجة إلى أن تعود الى منطلقاتها الأولى والنزعة الإنسانية والأخلاقية العالية التي شكلتها. وبالتالي فالنقد الذي يوجهه المؤلف للحضارة الغربية لا ينبغي ان يُفهم منه أنه دعوة للتراجع عن هذه الحضارة أو العودة إلى الوراء! فهذا آخر ما يفكر فيه. وهو يعترف في نهاية كتابه بأن الحضارة الناتجة عن التنوير الفلسفي الأوروبي، هي أعظم حضارة ظهرت في التاريخ لأنها تجاوزت لأول مرة النزعات العرقية والمذهبية والطائفية، كما انها اعترفت بحقوق كونية للناس أجمعين، هذا في حين ان الحضارات السابقة كانت قائمة على العصبية القومية أو الدينية بشكل عام ولم تكن تشمل الا أبناء قومها أو دينها أو طائفتها. كانت محصورة بفكر ضيق سابق على الحداثة، فكر ما قبل الحداثة.

اما الحضارة الأوروبية الحديثة، فقد نصّت على مبادئ كونية لحقوق الإنسان والمواطن، وأدت إلى تشكيل دولة الحق والقانون، وأمَّنت الحريات الأساسية: كالحريات الدينية والسياسية والاقتصادية، وكذلك حرية التعبير والنشر والتنقل.. إلخ، كل هذا من مكتسبات الحضارة الحديثة. وكل هذا تنعم به المجتمعات الأوروبية ـ الأميركية فقط حتى الآن، لذلك فإن المؤلف يدعو إلى تعميم هذه الحقوق والامتيازات لكي تنعم بها جميع شعوب الأرض. وهذا هو رهان القرن الحادي والعشرين: فإما أن ينتشر التنوير لكي يشمل البشرية العربية، والإسلامية، والصينية، والهندية، والافريقية، والآسيوية.. واما ان يظل محصوراً بالشعوب الأوروبية وشعوب أميركا الشمالية وربما اليابان ايضا.

وحسناً فعل جاك شيراك، إذ دعا في قمة «ايفيان» الأخيرة بعض ممثلي العالم الآخر: كالأمير عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس مبارك، والرئيس بوتفليقة، وزعماء الهند والصين والبرازيل والسنغال.. ولم يكتف بدعوة زعماء الغرب الكبار فقط. وهذه هي أول مرة يخرج فيها الغرب عن عرقيته المركزية وعنجهيته لكي ينتبه إلى وجود الآخرين وضرورة الحوار بين الشمال والجنوب، أو بين العالم المتحضر والعالم السائر على طريق الحضارة والتنوير والعقلانية. فالعولمة بدون تضامن إنساني، أو محتوى أخلاقي، مصيرها الفشل الذريع.

* «خيانة التنوير: تحريات حول الهلع المعاصر»

La Trahison des Lumieres. emquete Sur le desarroi Contemporain

* المؤلف: جان كلود غيبو Jean - Claude Guillebaud

* الناشر: سوي ـ باريس Seuil - Paris