المصرية عفاف السيد: جدتي الملكة «تي» أطلقت قوتي الكامنة في الكتابة

TT

«لا مخلص الا الارادة لان الارادة مبدعة» هكذا تكلم الفيلسوف الالماني فريدريك نيتشه، فكانت جملته مفتاحا حقيقيا لكل الاغلال العنيفة في النفس، فحين كان التخبط في عتمة مضللة للفكر والادراك. تلمست ذلك الكتاب «هكذا تكلم زرادشت» بورقه الاصفر، كانت رهبة تهدد روحي فكانت الجمل تتابع في عقلي تزيح التباسات احتمالية، وكان لكلمة «الارادة مبدعة» فعل الطاقة التي انبثقت بلا تقديم.

«اكتب بدمك فتعلم حينئذ ان الدم روح» وكتبت بدمي، فكانت روحي في الاوراق، واصدرت ثلاثة كتب في عام واحد.

روايتي الاولى «السيقان الرفيعة للكذب» عن دار قباء، شعرت معها أنني حرة لأول مرة وانا اطير في فراديس اللغة واكسر الاقفال الصدئة بل وأهدم الجدران التي ضللت إدراكي.

في مجموعتي القصصية الثانية «بروفات» الصادرة عن سلسلة اصوات ادبية ـ بعد مجموعة اولى «قدر من العشق» صدرت عن هيئة الكتاب كتبت نفسي بانسانيتها البسيطة كما هي بكل ما هو كائن وما تحتمل من شر كما تحتمل من حنين.

وكتبت مجموعتي القصصية الثالثة «سراديب» الصادرة عن مركز الحضارة العربية، فكانت النزعة الابيقورية تتسيد معارفي وتتداخل بوعي ودربة بالمنهج الغنوصي من ناحية وفلسفة نيتشه التي وضعتني في حيز الوضوح الجارح.

قرأت اين عربي والحلاج والتوحيدي والسهروردي والبسطامي واخوان الصفا برسائلهم والكندي وابن عطاء الله السكندري وابن الفارض، ثم هيجل وكانط وديكارت وكيركجارد وفرنسيس ييكون وجون مليتون وجون ديوي وجاستون باسشلار وسارتر وكامي ومعهم كانت روحي تشف في توقها ونزوعها للمعرفة.

وكانت مجموعتي «سعادات صغيرة» التي خرجت فيها متلصصة أتلمس وجودا أعرفه ثم كانت الخبيئة التي لقيتها بالصدفة في مكتبتي ففتحت لي ابوابا لعوالم في الادراك والانتماء والعشق والامان انه كتاب نصوص مقدسة ونصوص دنيوية لمؤلفه كلير لالويت.

قرأت ايضا كتاب «فجر الضمير» وموسوعة سلم حسن وكتب احمد قدري والديانة المصرية القديمة وقرأت عن المرأة وما كتبته الكاتبات الفرعونيات وقرأت عن عاداتهم وعلومهم وفلسفاتهم وفنونهم ثم ذهبت اليهم أهلي الرائعين، وفي ظلالهم العبقة اصدرت مجموعتي الخامسة «باب الخسارة» التي استلهمت فيها قوتي الكامنة في جذوري الفرعونية، فكنت نفسي.

وقد ازاحت متون هرمس ـ مثلث العظمة كل الحجب عن عقلي وقلبي فصرت انا «أنا»، ثم كانت متون الاهرام ونصوص التوابيت وكتاب الموتى، انها مفردات حضارتي العظيمة وتاريخ اهلي وفنونهم وعقائدهم النقية، انها فلسفاتهم وعلومهم ونظرياتهم المعرفية الباقية بقاء الوجود.

وانا اكتب الآن روايتي «رتوش بسيطة» كان علي مواصلة البحث الحقيقي في التراث الشعبي ومحاولة تأصيل عاداتنا وتقاليدنا المصرية وثقافتنا الشعبية والعودة بها الى جذورها الفرعونية، فكانت كتب «المصريون المحدثون» والادب الشعبي والعدودة والعادات والتقاليد في جنوب مصر والاغاني والحكايات الشعبية والامثال.

وانا اكتب الآن بحمية العودة بأهلي أو العودة اليهم، ترشدني جدتي الملكة «تي» إلى حقول «إيارو» حيث الوجود بالفعل.