الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي يحقق في اغتيال صحافي بباكستان

TT

يحاول الفيلسوف الفرنسي برنار هنري ليفي ان يكون في قلب الاحداث السياسية الكبيرة التي يعيشها العالم. لهذا السبب نحن نجده في جل الاماكن الساخنة، تلك التي تشهد حروبا اهلية او طائفية او دينية او غيرها. فهو في الجزائر محاولا تقصي الحقائق بشأن الصراع الدموي بين السلطة والجماعات الاصولية المتطرفة. وهو في البوسنة مدينا حرب ميلوشيفيتش ضد الاقلية العامة. وهو في رواندا وافغانستان والشيشان متتبعا ما يجري في هذه البلدان التي انهكتها الحروب. وفي كتابه الجديد الصادر حديثا تحت عنوان: «من قتل دانيال بيرل؟» هو يحقق في اغتيال الصحافي الامريكي المذكور الذي كان يعمل في الـ«وول ستريت جورنال» والذي سقط برصاص الاصوليين في باكستان. ويقول برنار هنري ليفي: «لقد دام التحقيق الذي قمت به بشأن هذه القضية سنة كاملة. واعتقد انني تعرفت على دانيال بيرل في العاصمة الاريترية أسمرة قبل بضعة اعوام. كان شابا امريكيا جد حميمي في علاقاته مع الآخرين، وكان لطيفاً ويعرف مهنته جيدا. ولم ادرك ان المعارك التي كان يخوضها هي ايضا معاركي الا في ما بعد. وقد بلغني نبأ اغتياله وانا في كابل في مكتب (الرئيس الافغاني) حميد كرزاي. وهناك احسست فجأة بتعاطف كبير مع ذلك القتيل المجهول. وفي الحين ادركت ان الامر لا يتعلق بخطف صحافي من قبل اصوليين اسلاميين فقدوا رشدهم وقرروا قتل رهينتهم وانما بقضية اعمق من ذلك بكثير. وهكذا قررت ان اقوم بتحقيق حول ذلك».

وقد اهتم برنار هنري ليفي كثيرا بشخصية عمر الشيخ، قاتل دانيال بيرل الذي ينتمي الى عائلة باكستانية مرفهة، وكان احد ابرز طلبة الجامعة الانجليزية المرموقة «لندن اسكول ايكونومك». وعنه يقول «عمر الشيخ مهم للغاية لانه يحمل في داخله تلك المشاعر وتلك الاحاسيس التي يتميز بها اسامة بن لادن وايضا محمد عطا قائد عمليات 11 سبتمبر (ايلول) 2001. والسؤال الذي اطرحه هو: لماذا يتحول هؤلاء الشبان المسلمون الذين احتكوا بالثقافة الغربية الى متزمتين وظلامين؟ هل لانهم الابناء الشرعيون للاسلام وللغرب، وللظلامية وللانوار في نفس الوقت؟ واذا ما كان الامر على هذه الصورة، واذا ما كان عمر الشيخ هو المجسد لذلك، فيا له من درس! ان دانيال بيرل يستعمل الوجه المضيء لامريكا التي احب. اما عمر الشيخ فانه الجانب الآخر للمرآة، الجانب المظلم والغامض للشر. قراءاته واذواقه واصدقاؤه وخياله وكل شيء فيه اوروبي. انه انجليزي من طراز دودي الفايد عشيق الليدي ديانا. لكنه يتحول في النهاية الى واحد من ابناء بن لادن المفضلين ويجبر زوجته على وضع البرقع».

ويقول برنار هنري ليفي انه تقفى آثار قاتل دانيال بيرل عمر الشيخ، واستجوب اصدقاءه ومعارفه واساتذته القدامى وقرأ يومياته وحاول مرات عديدة مقابلته غير انه لم يظفر بذلك. ومن خلال التحقيقات التي اجراها، اكتشف برنار هنري ليفي ان دانيال بيرل وعمر الشيخ قرآ في نفس الوقت تقريبا للمفكر الاميركي صموئيل هنتنغتون صاحب نظرية «صدام الحضارات».

وبالنسبة للاول كانت تلك النظرية من النظريات التي تجب محاربتها والتنديد بها. فاذا نحن لم نفعل ذلك جرت الانسانية برمتها الى ما لا تحمد عقباه. اما بالنسبة للثانية فقد كانت نظرية هنتنغتون الطريق نحو الحقيقة. ومثل بن لادن اصبح المفكر المذكور داعية لصراع الحضارات. ويقول برنار هنري ليفي انه توصل من خلال الابحاث التي اجراها الى ان المدارس الاسلامية في باكستان هي التي تفرخ الاصوليين ودعاة الارهاب. وتعتبر مدرسة «بينوري تاون» في كراتشي، اخطر هذه المدارس. ففيها درس زعماء حركة طالبان. وهي تحتوي على مستشفى وعلى قاعات خاصة بالتدريب العسكري. كما اكتشف ايضا ان بن لادن لم يضح بأمواله الطائلة في سبيل «قضية الاسلام المقدمة» كما يدعي، وانما ازداد غنى من خلال تبييض اموال في مناطق مختلفة من العالم. ويقول برنار هنري ليفي انه يمتلك حججا دامغة تؤكد هذا الامر. كما يقول ايضا ان السبب الاساسي الذي ادى الى اغتياله هو ان دانيال بيرل كان يتقصى آثار علماء ومهندسين باكستانيين اصوليين كانوا يسعون لمدّ بن لادن بأسلحة الدمار الشامل.