د.كمال بشير : نحتاج إلى سلطة تنفيذية لصالح اللغة وأهلها

أمين عام مجمع اللغة العربية في القاهرة يتحدث عن دور المجامع في تشكيل لسان عربي موحد

TT

مجمع الخالدين أو مجمع اللغة العربية بالقاهرة هو، كما يقال، عمدة المجامع اللغوية ودرتها في الوطن العربي و«الحارس الامين على لغة الضاد وتراثها والمدافع عن كيانها وحماها».

هنا حوار سريع مع الدكتور كمال بشر امين عام مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وامين عام المجامع العربية، حول وظيفة المجمع، والموقف من «اللغة الوسطى»، وقضية التعريب:

* متى بدأت فكرة المجامع اللغوية عربياً؟

ـ قضية المجامع اللغوية قديمة، فثمة جهود لبعض العلماء السابقين، ففي أواخر القرن التاسع عشر يروي ان السيد البكري كون شبه جمعية اهلية في بيته للالتقاء بكبار المثقفين والمهتمين بشؤون اللغة العربية وقضاياها، للبحث في امور اللغة والعمل على تنميتها وحمايتها. وظلت هذه الجمعية تعمل لفترة طويلة ثم انتقل هذا النشاط الى دار الكتب والوثائق وكان امينها يومئذ احمد لطفي السيد، فأسس هو الآخر جمعية اهلية. والتقط الفكرة نادي دار العلوم في اوائل القرن العشرين، وكان نادي دار العلوم مكونا من شيوخ اللغة وكانت لهم مجلة ممتازة تحوي الكثير من نفائس اللغة والادب. ثم انتشرت الفكرة بين العامة والخاصة فصدر مرسوم ملكي عام 1932 بانشاء مجمع فؤاد الاول، ونص يومئذ على ان يؤلف المجمع من عشرين عضوا عاملا يختارون من غير تقيد بالجنسية من بين العلماء المرموقين والمعروفين بتبحرهم في اللغة العربية أو بأبحاثهم في فقه اللغة أو لهجاتها. ولكن المجمع بدأ نشاطه الفعلي عام 1934.

ولهذا المجمع قوانين ولوائح، فله رئيس ونائب وامين عام واعضاء مصريون وغير مصريين يصبحون أعضاء في هذا المجمع بالانتخاب وهو سري للغاية.

* وما هي شروط عضوية المجمع؟ وكيف تشكل لجانه؟ ـ لا بد ان يكون عضو المجمع مؤهلا، ومتخصصا عاليا ممتازا وعالما باللغة والثقافة الاسلامية، وان يكون له انتاج بارز في شؤون اللغة فضلا عن تخصصه. اما عن عدد اعضائه فيبلغون 40 عضوا من المصريين، وهناك اعضاء اخرون غيرهم بالاضافة الى اعضاء مراسلين ومنتسبين.

اما لجانه فقد بدأت قليلة اول الامر، وقد بلغت في السنوات الاخيرة 26 لجنة وهي لجان متشعبة فهناك لجان لغوية كلجنة الاصول ولجنة الالفاظ ولجنة اللهجات وهناك لجان علمية متعددة، وهذه اللجان متخصصة وتشترك جميعا في خدمة اللغة واهلها بالعمل على تقريب اللهجات والألسن والاتفاق على مستوى اللغة للتوحيد بين افكار العرب.

* الا ترى ان كثيرا من الناس يجهل طبيعة الدور الاساسي للمجمع؟

ـ يظن الكثير ان المجمع يبتكر اللغة، بينما الامر ليس كذلك فهو يرعاها ويرى ما فيها من قصور أو عيب ويحاول سد هذه الثغرة وله ان ينظر في الحياة العامة وان يرصد اللغة على ألسنة الناس ويحاول ان ينتقي المناسب منها تمشيا مع الواقع وحاجيات العصر. ونحن الآن بصدد توسيع دائرة المعرفة بالمجمع لربط الرجل العادي بدوائر الاختصاص على تأهيل الاعلاميين بما يتواءم مع طبيعة اعمالهم مع تقديم التثقيف اللغوي.

* كيف يتم التنسيق بين المجمع وبقية المجامع في تفعيل القرارات؟ وما موقفه من العولمة؟

ـ هناك اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية الذي يعمل على تبادل المعرفة، والانتاج وتعريف كل مجمع بما يجري في المجامع الاخرى، ولكن اللقاءات بين هذه المجامع قليلة نسبيا.

اما العولمة فلا مانع من التفاعل معها باعتبارها من العالمية، لأن العولمة هي امركة في الاساس وتعني سيطرة الاتجاه الاميركي سياسيا واقتصاديا. ونحن لدينا لجان متخصصة للبحث في السياسة والاقتصاد مع اللغة.

* هناك جهود واضحة من بعض الدول والمؤسسات في تعريب العلوم والتصدي لموجات التغريب واللافتات الاجنبية. كيف تراقبون ذلك؟

ـ قضية التعريب ذات اهتمام خاص من الثقات العرب تعمل على ان تستوعب ما يكتبه الآخرون ثم تعكف على اختيار المصطلحات والمسميات.

* وما هو دور المجمع في تقريب المفاهيم بين البلدان العربية؟ ـ المجمع هو المدافع عن اللغة، وعن جسمها وكيانها وخدمة اهلها ونشرها وهي قضية لها اهمية عظمى لتقريب الفكر العربي وذلك بتقريب اللهجات فيكون لسان العرب الموحد للفكر. واذا توحد الفكر والاتجاه توحدت الاتجاهات السياسية والفكرية والثقافية، واذا انفرط العقد لم يبق لنا الا الواسطة وهي اللغة التي تجمعنا على كلمة سواء.

* ما رأيك باللغة الوسطى، أي اللغة الإعلامية؟ وما هو موقفكم منها؟

ـ لغة الصحافة لا بأس بها وهي مقبولة الى حد كبير رغم ما يشوبها من أوجه النقص، ولكن ما زالت لغة الاذاعة والتلفاز بها خلط.

* إلى أين وصلت قضية التعريب؟ ألا تلاحظ أن هناك اضطراباً كبيراً في هذه القضية؟ ـ علينا ان نفكر عربيا كي ننتج عربيا، وهذا أمر يحتاج الى رسم وخطة قومية لها هيئة مستقلة، يتم تمويلها لوضع خطة منتظمة. ولسورية جهود رائدة وعظيمة في مجال التعريب على المستوى العلمي والاكاديمي.

اما عن اللافتات الاجنبية المنتشرة فهذه تمثل مشكلة كبيرة نحاول ان نتصدى لها بحزم وفق مقتضيات حياتنا وسلوكنا، ولكن ليست للمجمع سلطة تنفيذية مطلقة لاتخاذ ما تراه رادعا تجاه ما يخالف.

* هل يتم النتنسيق بين المجمع والجمعيات الاهلية المهتمة بشؤون اللغة، والحفاظ عليها؟

ـ نعم فقد تكونت بعض الجمعيات الاهلية بهدف الحفاظ على اللغة، وهو نشاط عظيم مخلص ذو اهداف صادقة، فهناك مثلا جمعية التعريب وجمعية لسان العرب، وجمعية حمات اللغة العربية والتي اتشرف برئاستها، وامينها هو طاهر ابو زيد الاعلامي البارز. وعلى المستوى العربي هناك جمعية حمات اللغة في الشارقة ويشرف عليها احد الامراء، وهذه لها سلطة تنفيذية.

* واخيرا ماذا تتمنى لهذا المجمع كي يؤدي وظيفته بصورة أكمل؟

ـ ارجو له المزيد من النشاط والتفعيل والاتصال بالجماهير وفتح الابواب لتبادل الرأي والمشورة. كما ارجو ان تكون له سلطة تنفيذية بصورة أو بأخرى حتى يكون لعملنا اثر ونتيجة لصالح اللغة والاسلام.