حلم وولفويتز الذي أصبح حقيقة

الخبير في مركز المعلومات الدفاعية في واشنطن: نحن نحتاج الى دبلوماسيين شجعان اكثر من حتجتنا الى جنود شجعان

TT

جون نيوهاوس كان صحافيا ومسؤولا في وزارة الخارجية الاميركية، وهو الآن خبير في مركز المعلومات الدفاعية في واشنطن، وهذا ثامن كتاب له في مجال السياسة الخارجية الاميركية، وهو عن سياسة الرئيس بوش الخارجية، وخاصة الحرب ضد الارهاب، وحرب العراق.

ونيوهاوس من الذين يقولون ان الرئيس بوش اضاع فرصة ذهبية لتحسين علاقة اميركا مع بقية دول العالم مباشرة بعد هجوم 11 سبتمبر، عندما كان كل العالم تقريبا يعطف عليها. ولكن الذي يحدث الآن هو العكس تقريبا، والرئيس بوش هو الذي يتحمل مسؤولية ذلك.

ويبدأ الكتاب بأبيات للشاعر الاميركي ييتز، ليوضح هذا التناقض: «عندما يمتلئ القلب بخيالات غير واقعية، تزداد قسوته».

وهذه مقتطفات من الكتاب، بتصرف:

«اول فرصة اضاعها بوش كانت استغلال هجوم 11 سبتمبر والضغط على اسرائيل والفلسطينيين، وتحقيق السلام في المنطقة. بعد اقل من شهر من الهجوم اعلن بوش تأييده لتأسيس دولة فلسطينية، واصبح اول رئيس اميركي يفعل ذلك.

لكن ارييل شارون، رئيس وزراء اسرائيل، وبعد يومين من مبادرة بوش، قال الآتي: «اميركا يجب الا ترضي العرب على حسابنا. اسرائيل لن تكون مثل تشيكوسلوفاكيا (اشارة الى ما حدث قبل ستين سنة عندما وافق الحلفاء الاوروبيون على مطامع هتلر في تشيكوسلوفاكيا)».

وكان هذا التصريح هو نهاية مبادرة بوش الشجاعة، وبدل ان يرد على شارون، ويواصل الضغط عليه، ركز على الضغط على الفلسطينيين، وتحاشى المتطرفين في حزب اللكيود…».

* الدبلوماسية المسلحة:

* «بعد تسعة ايام من هجوم 11 سبتمبر قسم بوش العالم الى «معنا» و«ضدنا»، وكانت هذه نهاية الدبلوماسية كما نعرفها. لم تقف عجلات الدبلوماسية، ولم يسحب السفراء والقناصلة، ولكن الدبلوماسية اصبحت مثل حاملة طائرات، تقلع طائراتها لتأديب الذي لا يقتنع.

ومثل نهاية الدبلوماسية التقليدية، انهى بوش سياسات الاحتواء والردع التي كنا نسير عليها منذ الحرب العالمية الثانية، واعلن سياسة «الضربة الوقائية» أي ان علينا ان نضرب الاعداء في دولهم قبل ان يصلوا الى دولتنا. ولكن هذه سياسة ليست جديدة، بل اعلنها قبل ذلك بعشر سنوات بول وولفويتز، نائب وزير الدفاع في سلسلة محاضرات وبحوث، والجديد هو انها اصبحت سياسة اميركية، رغم ان والده رفضها، عندما اقترحها وولفويتز، وكان وقتها مساعدا لوزير الدفاع…».

* الامن والدفاع:

* في نفس الوقت الذي تزيد فيه قوة قواتنا المسلحة، يقل احساسنا بالامن، وهذا يوضح ان قوتنا العسكرية ليس هي الحل المطلوب لمثل المشاكل التي نواجهها.

وفي نفس الوقت الذي نريد فيه حماية مصادر البترول بهذه القوات المسلحة، نرفض تخفيض استهلاك البترول. وفي نفس الوقت الذي نركز فيه على التخلص من اسلحة الدمار الشامل، نرفض تطبيق ذلك على اسرائيل. وفي نفس الوقت الذي نريد فيه كسب الروس لتخفيض الاسلحة النووية، نتساهل معهم حتى يتساهلوا معنا، ونقدر على الاستمرار في تجارب «حرب النجوم».

بالعكس، ادارة بوش تتحدث عن «جهاز اختراع الارض النووي»، بهدف الوصول الى مخابئ الارهابيين واسلحة الدمار الشامل. لكن الحقيقة هي ان العسكريين داخل البنتاغون يضحكون عندما يسألون عن هذا السلاح الجديد، وفي هذا قال واحد منهم: «اذا وجدت عسكريا يؤيد هذه الفكرة، سأشتري لك فنجان قهوة».

* التاريخ:

* «اصبح واضحا ان الرئيس بوش والذين يقدمون له النصائح لا يقرأون التاريخ، ناهيك عن ان يقرأوه، ويتعظوا من دروسه. انهم يعتقدون ان القوة والمال سيضمنان لنا العالم، لكن هذا لم يحدث من قبل، واذا حدث فلفترة قصيرة.

نحن نحتاج الى دبلوماسيين شجعان اكثر من حاجتنا الى جنود شجعان. دبلوماسيون يقولون لاسرائيل ان تقدم تنازلات لتحقيق السلام لها ولجيرانها، ولتقليل الارهاب والارهابيين. ويقولون لإيران ولكوريا الشمالية ان الوقت يمر سريعا اذا لم يتخلصا من اسلحتهما النووية.

اخطأ الرئيس بوش عندما ركز على العراق بدلا عن ايران، وذلك لأن خطر ايران على العراق، وعلى الدول العربية المجاورة اكبر من خطر العراق على ايران.

الرئيس بوش يريد خلق واقع جديد، بدلا عن معالجة الواقع الذي امامنا، واذا استمر على هذا الطريق، سيكون العالم اقل امنا، وبالتالي سنكون نحن أقل أمنا…».