أيها العرب كفوا عن الدعوة إلى الديمقراطية فلو تحققت لفاز المتطرفون بالانتخابات

فريد زكريا يطرح سؤالا مخيفا في كتابه الجديد: لماذا تبدو الأنظمة العربية الحالية أكثر تقدمية واستنارة من الشعوب التي تحكمها

TT

* من سمات الكتب الهامة انك عندما تقرأها تشعر وكأن آفاقك اتسعت ووعيك نضج اكثر. انك تشعر بأنك فهمت العالم بشكل اقوى وافضل واوضح مما كنت تفهمه قبل قراءتها. ومن بين هذه الكتب التي اتيح لي ان اطلع عليها في الآونة الاخيرة كتاب فريد زكريا بدون ادنى شك. والباحث المذكور هو من مسلمي الهند، ولكنه هاجر الى اميركا بشكل مبكر ونجح فيها الى درجة انه اصبح احد كبار مثقفيها ومنظريها اليوم. وهذا دليل على ان المسلمين يمكن ان يصبحوا علماء كبارا اذا ما اتيح لمواهبهم الجو الحر والمناسب لكي تتفتح وتنضج. وكان في السابق رئيس تحرير المجلة الاميركية الشهيرة «شؤون خارجية»، قبل ان يصبح مؤخرا احد كتّاب مجلة «نيوزويك»، حيث يشرف على طبعتها الدولية.

* السؤال الأساسي الذي يطرحه فريد زكريا على مدار كتابه هو التالي: هل المزيد من الديمقراطية يؤدي بشكل اوتوماتيكي الى المزيد من الحرية؟

الجواب العفوي الذي يتبادر الى أذهاننا فورا هو بالطبع: نعم. فالديمقراطية هي الحل السحري لجميع المشاكل. ويكفي ان نتوصل اليها لكي تنقشع كل همومنا ومصائبنا دفعة واحدة. ولكن المؤلف يبرهن عن طريق الأمثلة العملية المحسوسة على ان الامور ليست بهذه البساطة.

فالديمقراطية لا تعني الحرية بالضرورة. وهناك فرق بين النظام الديمقراطي والنظام الليبرالي الدستوري. بالطبع فإن افضل نظام سياسي هو ذلك الذي يجمع بين الجانبين: اي بين الانتخابات الحرة من جهة، وبين ضمان الحريات الاساسية للانسان من جهة اخرى. ولكن هذا النوع من الانظمة المتقدمة والديمقراطية بالفعل لم تتوصل اليها بعد الا دول اوروبا الغربية واميركا الشمالية. ولم تتوصل اليه إلا بعد الحرب العالمية الثانية: اي منذ خمسين سنة فقط. اما قبل ذلك فكانت دولا ليبرالية دستورية ولكن غير ديمقراطية.

لماذا؟ لأنه في عام 1830 مثلا كان حق التصويت في اعرق ديمقراطية في العالم، اي انجلترا، محصورا بـ (%2) فقط من عدد السكان او من عليَّة القوم. ولكن انجلترا كانت آنذاك قد اصبحت نظاما دستوريا ليبراليا، اي يضمن الحريات الاساسية للفرد من خلال دولة الحق والقانون. فقد كان يضمن للانسان الانجليزي حق الملكية، وحرية التديّن او عدم التدين، وحق التعبير عن الرأي السياسي، وحق الاجتماع او التجمع، والمساواة امام القانون والمحكمة بين جميع المواطنين بغض النظر عن اصلهم وفصلهم او مذاهبهم واديانهم.

ولكن على الرغم من ذلك فلا يمكن القول بأن انجلترا كانت دولة ديمقراطية آنذاك لأن اثنين بالمائة فقط من سكانها كان لهم الحق في انتخاب النواب. ولكن بعد ذلك بمائة سنة او اكثر قليلا اعطي حق التصويت لجميع المواطنين الانجليز البالغين بدون اي استثناء سواء أكانوا رجالا أم نساء، أغنياء أم فقراء، أرباب عمل أم عمالا، الخ.. وبالتالي فانجلترا لم تصبح ديمقراطية ليبرالية، اي كاملة، إلا بعد عام (1940). وقل الأمر ذاته عن فرنسا التي كانت النساء فيها محرومات من حق التصويت حتى جاء الجنرال ديغول وأعطاه لهن عام (1945).

ثم يسرد المؤلف على مدار صفحات مقنعة ومضيئة ملحمة الحرية والديمقراطية وكيف توصلت اليهما الشعوب المتقدمة بعد مائة وخمسين سنة من النضال والعراك والنمو الاقتصادي المضطرد ودفع الثمن الباهظ ايضا.

ولكي يوضح الفرق بين الديمقراطية والحرية وكيف ان الاولى لا تقود بشكل اتوماتيكي الى الثانية، فإنه يضرب الأمثلة التالية:

بعد تأسيس الجمهورية في اميركا وجد الآباء المؤسسون أنفسهم امام معضلة محيرة: وهي ان اغلبية سكان الولايات الجنوبية يؤيدون استعباد السود او نظام الرق. ربما انهم كانوا مفعمين بمبادئ التنوير والنزعة الانسانية، فإنهم اشمأزوا من هذه الظاهرة ولم يستطيعوا قبولها بسهولة. ولكنهم عرفوا انهم اذا ما نظموا انتخابات نزيهة ـ اي ديمقراطية ـ في هذه الولايات فإن السكان سوف ينتخبون أغلبية عنصرية في مجلس الشيوخ! فما العمل؟ هل الديمقراطية هي الحل هنا؟ بالطبع لا. لأننا لا نستطيع ان نساوم على حقوق الانسان وكرامة الانسان. وكان ان لجأت الولايات الشمالية الى اعلان الحرب على الولايات الجنوبية كحل وحيد لمشكلة العنصرية. وكانت الحرب الاهلية الرهيبة التي ترويها لنا كتب التاريخ والافلام السينمائية، وقد دفع ابراهام لنكولين نفسه ثمنا لها اذ اغتالوه بعد انتهاء الحرب مباشرة. ولكن دمه لم يذهب رخيصا لأنه ساهم في تحرير السود في نهاية المطاف.

هكذا نلاحظ ان الانتخابات الديمقراطية لم تكن هي الحل الوحيد او الامثل لمشكلة اميركا آنذاك.

نضرب على ذلك مثلا آخر من التاريخ المعاصر للدلالة على ان الديمقراطية ليست هي الحل الاتوماتيكي على عكس ما يزعم السطحيون او الديماغوجيون العرب.

في عام (1990) صرح الديبلوماسي الاميركي ريتشارد هولبروك الذي كان مكلفا بحل مشكلة يوغوسلافيا والتفاوض مع ميلوزوفيتش بما يلي:

لو نظمنا انتخابات حرة ونزيهة في كل انحاء يوغوسلافيا لانتخب الشعب نوابا عنصريين وفاشيين وانفصاليين وطائفيين بدون ادنى شك! بل، لماذا لا نضرب أمثلة من تاريخنا نحن اقصد من العالم العربي والاسلامي؟ ما الذي حصل عندما نظمت انتخابات حرة في الجزائر عام 1991؟ لقد انتصرت الاصولية المتطرفة ممثلة بجبهة الانقاذ الشهيرة.. وعندئذ قامت الدنيا ولم تقعد لأن الجيش اوقف العملية الانتخابية وصادرها. وراح الديماغوجيون العرب من أشباه المثقفين يصرخون ويولولون لأنه لم يتح للاصوليين العتاة ان يستلموا السلطة! ولم يخطر على بالهم ان يطرحوا هذا السؤال: ما الذي كان سيحصل لو استلموها؟ وهل يمكن وضع مصير الجزائر بين أيديهم؟ هل يمكن السماح بتطبيق وصفات القرون الوسطى والعودة بالبلد الى الوراء سنوات عديدة؟

ما الحل، ما العمل امام هذه المعضلة المحيّرة؟ الحل هو تثقيف الشعب، تعليمه، تنويره، رفع مستواه المعيشي لكي يصبح ناضجا للديمقراطية او الممارسة الديمقراطية يوما ما.

وهذا الكلام لا ينطبق فقط على الجزائر، وانما على معظم المجتمعات العربية والاسلامية ان لم يكن كلها. لو اجريت انتخابات حرة الآن هناك لوصلت أغلبية أصولية الى السلطة ولحكمت البلاد بالحديد والنار. وبالتالي فالانظمة السائدة حاليا، وهنا تكمن الفاجعة، هي اكثر استنارة وتسامحا وتقدما من معارضاتها الاصولية التي تتأهب للوثوب على السلطة في اي لحظة.

ولكن هذا الكلام ينطبق ايضا على تاريخ اوروبا قبل ان تترسخ فيها الديمقراطية الحرة بشكل كامل قبل نصف قرن. فالواقع ان النظام الليبرالي الدستوري الديمقراطي كان دائما مهددا من قبل قوى اليمين المتطرف وقوى الشيوعيين او اليسار المتطرف. يضرب المؤلف على ذلك مثلا ما حصل في النمسا او فيينا تحديدا عام (1895)، اي في نهاية القرن التاسع عشر. فعلى الرغم من ان فيينا كانت منارة للفكر والفن والحرية في ذلك الزمان الا ان سكانها انتخبوا كعمدة لهم شخصا عنصريا. وقد رفض الامبراطور فرانسوا جوزيف الثاني التصديق على قرار الشعب! ومنع هذا الرجل من الوصول الى السلطة او تطبيق برنامجه الانتخابي. وأيدته الكنيسة الكاثوليكية في ذلك. وصفق له مثقفو فيينا آنذاك بمن فيهم شخص يدعى سيغموند فرويد. نقول ذلك على الرغم من ان المثقفين كانوا تقليديا مضادين للامبراطور والكنيسة الكاثوليكية ويتهمونهما بالرجعية. ولكن في مثل هذه الحالة اتفقوا مع هاتين المؤسستين العريقتين في النمسا على مواجهة الافكار المتطرفة والعنصرية المضادة للمثل العليا لفلسفة التنوير التي تشكل اساس الحضارة الاوروبية.

هل يعني ذلك ان المثقفين المستنيرين كانوا ضد الشعب ومع السلطة والنظام؟ بالطبع لا. لأن الشعب ليس مقدسا اولا، ولأنه قد يغرر به ويخدع ثانيا. ثم ينبغي ان نفرق بين النزعة الشعبية الطيبة التي تمشي في اتجاه التقدم عادة، وبين النزعات الشعبويّة التي تضرب على وتر الغرائز العنصرية والطائفية والتي تعتبر تشويها للشعب. وكثيرا ما تتغلب هذه الحركات الشعبوية في اوقات الازمات الاقتصادية او الاجتماعية او النفسية الكبرى. في مثل هذه الظروف العصيبة التي تهتز فيها النفسية الجماعية يصبح المجال مفتوحا لظهور قادة ديماغوجيين او فاشيين بالمعنى الحرفي للكلمة. وعندئذ يسطون على السلطة ويقودون الشعب الى التهلكة.

وكيف وصل هتلر الى السلطة عام 1932؟ البعض يعتقد انه وصل عن طريق انقلاب مقنع او انتخابات مزورة. ولكن هذا غير صحيح على الاطلاق! هتلر وصل الى السلطة عن طريق انتخابات ديمقراطية حرة. ولماذا اوصله الشعب الالماني الى قمة السلطة؟ لأن المانيا كانت مهانة مذلولة بعد ان فرضوا عليها معاهدة «فرساي» الجائرة على اثر هزيمتها في الحرب العالمية الاولى. ولأنها كانت تعاني من ازمة اقتصادية خانقة ودرجة بطالة مرتفعة وقلق من المستقبل، بل وهلع حقيقي. في تلك اللحظة بالذات ظهر هتلر على مسرح التاريخ لكي يعطي لالمانيا ثقة بنفسها، لكي يعيد اليها هيبتها، لكي ينتقم لكرامتها الجريحة. واستطاع ان يقنع اعدادا متزايدة من الشعب الالماني بأنه سوف يبعث الأمة من رقادها، سوف ينفخ فيها الحياة ويجددها. فساروا وراءه. هذا كل ما في الامر، لا اكثر ولا اقل. وكانت النتيجة الكارثية المعروفة.

ولكنه بعد ان وصل الى السلطة منع تعددية الاحزاب وخنق الارواح والنفوس. وبالتالي فتنطبق عليه تلك العبارة الشهيرة لأحد قادة الثورة الفرنسية:

لا حرية لأعداء الحرية! وهو نفس الشعار الذي ردده بعض المثقفين المستنيرين العرب على اثر انتصار الاصوليين في الجزائر واقطار اخرى من العالم العربي والاسلامي. فالديمقراطية ينبغي ان تكون للمؤمنين بها؟ حقا لا لمن يستخدمونها كمطية لتحقيق مآربهم ثم مصادرتها والقضاء عليها بعدئذ. ولذلك فلا ينبغي ان تخدعنا الشعارات «الديمقراطية» التي يرفعها الاصوليون حاليا بعد ان عجزوا عن الوصول الى السلطة عن طريق العنف. فهي عبارة عن غشاء واق او قناع خادع ليس إلا. لكي تعرف فيما اذا كانوا ديمقراطيين بالفعل أم لا ينبغي ان تطرح عليهم الأسئلة التالية: هل بعد وصولهم الى السلطة يقبلون بتعددية الاحزاب والافكار وحرية الصحافة؟ هل سيطبقون على المسيحي العربي قانون «أهل الذمة» أم قانون حقوق الانسان الذي صوتت عليه الامم المتحدة منذ عام 1948؟ هل سيعتبرونه مواطنا أم نصف مواطن؟ هل سيقبلون بتفسير آخر للاسلام والقرآن غير تفسيرهم؟ أم انهم سوف يفرضون فهمهم المتزمت والقمعي على كل المجتمع؟ هل سيساوون بين جميع المواطنين امام القانون أم انهم سيقسمونهم الى مؤمنين وكفار طبقا للمعايير اللاهوتية القديمة؟

والواقع اني أعلّق آمالا كبيرة على التيار الديمقراطي الاسلامي الذي يقبل بالتفاوض مع فكر التنوير والحداثة وتطوير الفقه والتشريع. واكبر دليل عليه جمال البنا، ومحمد طالبي، وعبد المجيد الشرفي، وعبدو الفيلالي الانصاري وطارق رمضان، الخ.. ولكن المشكلة هي ان هذا التيار الديني التنويري لا يزال اقلية داخل الحركة الاسلامية ككل. وذلك على عكس ما هو حاصل في الساحة الاوروبية، حيث ان الاحزاب الديمقراطية المسيحية اكبر بكثير من الاحزاب المتزمتة او الاصولية. فالحزب الديمقراطي المسيحي في المانيا تنويري بالكامل ولا يطبق الشريعة المسيحية على المجتمع وانما يطبق قانون حقوق الانسان والمواطن والتشريعات الحديثة.

لم يتح لي المجال للتوقف عند اهم فصول الكتاب بالنسبة لنا وعنوانه: «الاستثناء الاسلامي». فالسؤال الذي يطرحه المؤلف هنا هو التالي: لماذا انتشرت الديمقراطية والحرية في شتى انحاء العالم طيلة العشرين سنة الماضية ما عدا في العالم العربي؟

فبحسب الاحصائيات التي اجراها احد مراكز البحوث عام (2002) فإن %75 من بلدان العالم هي حرة الآن او نصف حرة. ولكن فقط %28 من دول الشرق الاوسط يمكن نعتها بذلك. وهذه النسبة في حالة تناقص مستمر منذ عشرين سنة. وحتى افريقيا السوداء متقدمة على العالم العربي. وذلك لأن %60 من دولها توصف الآن بأنها حرة او ديمقراطية، او شبه حرة وديمقراطية. ولكن السؤال المخيف اكثر هو التالي: لماذا تبدو الانظمة الحالية على الرغم من نواقصها اكثر تقدمية واستنارة من الشعوب التي تحكمها؟ فالعلة ليست فقط في الانظمة، وانما ايضا في الشعوب او بالاحرى في المعارضات التي تتنطح لقلب الانظمة والحلول عليها. وهي معارضات متزمتة، اصولية، في معظمها.

لتوضيح فكره أكثر يروي المؤلف النادرة التالية:

في الآونة الاخيرة دخل ديبلوماسي اميركي مخضرم على الرئيس مبارك في احد قصوره الفخمة بضواحي القاهرة لمقابلته. وتشعب الحديث بين الرجلين حتى وصل الى المسألة الشائكة التي تخص حقوق الانسان والمعارضين السياسيين. وسمح الديبلوماسي لنفسه بأن يطلب من الرئيس مبارك بعض التسامح فيما يخص حرية الصحافة وسجن المثقفين والمعارضين الاصوليين. وعندئذ انقبض وجه الرئيس وقال له بعد ان تكهرب الجو الى حد ما:

اذا ما فعلت ما تطلبه مني فإن المتزمتين الاصوليين سوف يأخذون السلطة غدا. فهل هذا ما تريدونه؟

وهذا ما حصل لياسر عرفات مع بيل كلينتون. فعندما حشره هذا الاخير في الزاوية وضغط عليه لكي يوقع على اتفاق كامب دافيد رد عليه قائلا: اذا ما أطعت أوامرك فإن حماس سوف تكون غدا في السلطة.

ونفس الشيء ينطبق على البلدان الاخرى. فلو جرت انتخابات حرة الآن في الاردن لانتصر اتباع بن لادن على اتباع الملك الليبرالي التحرري عبد الله الثاني. فهل الديمقراطية هي الحل في مثل هذه الحالة؟ أليست سابقة لأوانها؟ الا يفضل ان ننتظر حتى يتطور الشعب ويستنير لكي نطبقها؟ ثم يضرب المؤلف عدة امثلة على انظمة ديمقراطية غير ليبرالية، او غير حرة، كالنظام الروسي او الهندي او سواهما.

ويقال بأن الامير بندر بن سلطان حذر المسؤولين في الادارة الاميركية قائلا: اذا ما مارستم ضغوطا اكثر مما يجب على الحكم عندنا فإن ما سيحل محله ليس الديمقراطية على طريقة توماس جيفرسون! وانما الحكم الظلامي الثيوقراطي على طريقة الطالبان.. فتحملوا مسؤوليتكم اذن واعرفوا ماذا تريدون.

ويمكن ان نقول الشيء ذاته عن الكويت. فعندما شجع الاميركان الامير على اعطاء حق التصويت للنساء الكويتيات، فإن البرلمان المشكل من اغلبية اصولية هو الذي رفض ذلك وليس الأمير. وقل الأمر ذاته عن مبادرة الامير عبد الله بخصوص منح حق قيادة السيارات للسعوديات. فإنه على الرغم من هيبته الكبيرة واحترام الناس له، اضطر للتراجع تحت ضغط المحافظين الدينيين الذين هيّجوا الرأي العام ضد القرار وألبَّوه عليه..

والامثلة على ذلك عديدة. فملك المغرب محمد السادس متقدم على شعبه، او قل على اغلبية شعبه ممن يتبعون الاصوليين المضادين لحقوق المرأة. وقل الامر ذاته عن الشيخ حمد بن خليف آل ثاني أمير قطر. فقد اتخذ عدة قرارات «ثورية» من حيث الانفتاح على العصر ونشر الحرية والديمقراطية في بلاده. ويرى بعض المراقبين بأنه متقدم على شعبه بسنوات عديدة. ولكن أليست سمة القائد ان يكون متقدما على الشعب؟

ثم يختتم المؤلف كتابه قائلا: بأن الحرية مهددة من قبل «الديمقراطية»: اي من قبل كل اولئك الاصوليين والديماغوجيين، والشعبويين، والمتطرفين الذين اصبحوا يصلون سدة السلطة في مناطق مختلفة من العالم عن طريق صناديق الاقتراع! وينبغي ان ننتبه الى هذه النقطة اذا ما أردنا المحافظة على دولة الحق والقانون التي تؤمّن الحريات الاساسية للانسان.