عراقيل تحول دون نمو المجتمع المدني المغربي

طبعة ثانية «المغرب العربي وقضايا الحداثة» لعبد الكبير الخطيبي

TT

صدر اخيرا للمفكر المغربي عبد الكبير الخطيبي كتاب «المغرب العربي وقضايا الحداثة»، في طبعة جديدة، جمع فيها مقالات تعكس في تنوع موضوعاتها ومقارباتها الرحابة الملفتة لأفق تفكير الخطيبي وتعدد أدواته المعرفية مما مكنه من الإحاطة بأبعاد اشكالية بناء الفضاء المغاربي كضرورة جيو سياسية واقتصادية وأيضا كموضوع للنقد الثقافي.

والهم المغاربي ليس جديدا على الخطيبي صاحب كتاب «المغرب العربي المتعدد»، وهو الذي اتخذ سنة 1977 بالعاصمة الفرنسية مبادرة تشكيل لجنة مصغرة من المثقفين المغاربيين أصدرت ضمن مجلة «الأزمنة المعاصرة» الشهيرة عددا خاصا عن المغرب العربي قارب مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية للمنظومة المغاربية.

ويؤطر الخطيبي في كتابه «المغرب العربي وقضايا الحداثة» الذي صدر ضمن منشورات عكاظ مساهمته في مقاربة المشروع المغاربي انطلاقا من جولة في مفهوم ووظيفة المثقف، المطالب بـ«تنبيه الفكر على ذكاء وحساسية عصره» و«ابراز نقط القوة والضعف عندنا» ليشدد على الأولوية التي ينبغي ايلاؤها لمشروع ثقافي مغاربي تستند اليه العملية الاندماجية الكلية.

ويقول الخطيبي في هذا الكتاب «.. فبدون قيم حضارية لن تكون هناك هوية وبدون هوية مرجعية ذاتية لن يكون هناك مشروع ولا تفتح على العالم في اختلافه وتنوعه».

تتجذر فكرة الاندماج المغاربي في النقاش العام كاطار وآلية لتمكين الشعوب المغاربية من الانخراط الايجابي في مسلسل العولمة ورفع تحديات الواقع الاقتصادي الجديد الذي يتحرك على ايقاع تقاطب تكتلات جهوية كبرى.

غير أن نجاح المشروع كرؤية جيوسياسية واقتصادية يحتم تجاوز عدد من العراقيل القائمة التي حدد الخطيبي أهمها على الخصوص في ضعف المجتمع المدني ونقص المهارة التقنية والعبء الديمقراطي، بالاضافة الى الصورة التي يكونها المغاربي عن نفسه.

وتتبدى أصالة مساهمة الخطيبي في النقاش المغاربي في تشديده على المدخل الثقافي لاضفاء طابع النجاعة على مسار الاندماج بالمنطقة التي يعتبرها مجموعة جيوسياسية منسجمة وهوية ثقافية متميزة. ويلح صاحب «الاسم العربي الجريح» في هذا الاطار على ضرورة الاشتغال على واجهتين رئيسيتين تتعلقان بالمسألة التعليمية ومكانة الدين في السياسة والمجتمع.

ويرى ان التنمية التعليمية عنصر شرطي لانجاح المشروع الذي لن يتحقق بدون اتقان المعرفة والتعليم. إذ بذلك فقط تكون الثقافة بناء حيا تدعمه المقاييس والمناهج والقدرات الفكرية. و«كل ثقافة وطنية قد تتراجع او تضمحل في غياب تعليم يكون في مستوى الحضارة المعاصرة والمستقبلية».

ويطرح الخطيبي على هذا المستوى عددا من القضايا بالغة الأهمية مثل علاقة التعليم بالتقنية وعلاقته بمسألة التعدد اللغوي. والى جانب الاشكالية المغاربية تضمن الكتاب تأملات في الوضع العربي الراهن ركزت بالخصوص على الهشاشة التي تطبع شخصية الانسان العربي الممزق في ذاكرة انكفائية يؤثتها الحنين الى ماض لا تسنده حقائق الحاضر. ان الأمر يتعلق حسب تعبير الخطيبي ب "ذاكرة تحاول أن تحيا في الكآبة ومن نفي الحاضر» .. «ذاكرة تحبس الانسان في حنين دائم الى زمن ميت... وهي من جهة ثانية تعيش الحاضر كما لو كان حلما وكابوسا».

شارك في ترجمة المواد المكونة للكتاب التي راجعها الشاعر المغربي محمد بنيس، الشاعر السوري أدونيس ومحمد بنيس والناقد فريد الزاهي، بالاضافة الى أميرة الزين والحبيب السالمي وعز الدين الكتاني الادريسي.

* المغرب العربي وقضايا الحداثة

* المؤلف: عبد الكبير الخطيبي