طلبت من فدوى طوقان الكتابة عن إبراهيم طوقان فرفضت

TT

أنا أعرف نابلس بدءاً من عام 1922، ولم تكن مدينة أو قرية في فلسطين محافظة كما كانت عليه نابلس، حيث لا يمكن أن يجتمع رجل أو امرأة من غير المحارم. إلى حد ان فدوى لما كانت ما تزال في الثانية أو الثالثة عشرة من عمرها، وهي ذاهبة إلى المدرسة استوقفها ولد أعجب بها وناولها زهرة. وقد رآها أحد إخوتها فحلف يميناً ان لن تخرج من البيت إلى المدرسة ثانية وإلا قتلها. وفعلاً لم تعد فدوى إلى المدرسة أبدا. ولو لم يكن أخوها إبراهيم قد تعهدها لما تفتقت حيويتها عن شعر أو نثر. وأود ان أشير أيضا إلى ان فدوى لما بدأت تنظم الشعر كانت الحركة الحداثية قد أخذت تنتشر في العالم العربي، وهذه المرأة كتبت عن القيد ليس باعتباره شيئاً من الحاضر بل من المستقبل أيضاً، ورغم أنها لم تدافع عن المرأة إلا ان كلامها عن النساء فيه شيء من التعظيم، ولذلك بالامكان اعتباره دفاعاً ومساندة.

وتعود علاقتي بفدوى إلى الأربعينات، فقد كنت أصدر والراحل علي شعث سلسلة «الثقافة الشعبية» وخطر لي ـ وقد كنت صديقاً للأخوين إبراهيم واحمد وابن عمهما قدري ـ ان أطلب من فدوى الكتابة عن أخيها إبراهيم الذي كان قد توفي من فترة قصيرة. وأوصلت هذا الطلب عبر أخيها أحمد الذي كان موظفاً كبيراً في إدارة المعارف بالقدس لصعوبة اللقاء بين النساء والرجال حينها. لكن فدوى رفضت لسببين: أولاً لأنها لا تملك قدرة الكتابة عن أخيها ثانياً لأنها خافت وقوعها في المغالاة وتعرضها للنقد من الناس. ولكنني كنت مصراً وطلبت رغم صعوبة اللقاء ترتيب موعد معها لإقناعها، واستطعت ذلك. وفعلاً صدر ذاك الكتاب الصغير عن إبراهيم طوقان ضمن السلسلة في الأربعينات. وقد التقيت فدوى بعد ذلك لأنني كنت صديقاً لأخيها احمد ثم انقطعت الصلة وعدنا وتلاقينا منذ عشر سنوات في عمان، حيث وجدتها مليئة بالنشاط. وما أود ان أقوله ان فدوى ما كانت لتكتب أو تقرض لولا إبراهيم طوقان. وما قلته عنها هنا ليس فيه الكثير مما يفيد لكنها طرائف والطرائف جزء من حياة الناس.