المغاربة قرأوا روايات ودواوين شعرية وأبحاثا فكرية

TT

يقول الكاتب والناقد المغربي سعيد علوش إنه قرأ كتبا عديدة خلال هذا العام ولكنه يفضل الاشارة الى عملين روائيين هامين حصل صاحباهما على جوائز هامة خلال هذا العام وهما: رواية «عشيقة بريخت» لجون بيير أميت الحاصلة على جائزة الكونكور لهذا العام، والثانية رواية «العصر الحديدي» للكاتب الجنوب افريقي جون كويتزي الحاصل على جائزة نوبل للآداب لهذا العام.

ويرى سعيد علوش أن الرواية الأولى «عشيقة بريخت» تعيد الاعتبار للمسرحي بريخت وتعيد كتابة تاريخه وتظهر مواقفه وانتقاداته للمعسكر الشرقي الذي كان يرغب في استغلاله، لكن أفكار بريخت تجاوزت ذلك المعسكر بكثير. وعلى المستوى الابداعي فهي رواية جميلة تتميز بطريقة كتابتها، وهي على غرار الروايات السابقة الفائزة تعتمد على تجربة داخلية لأحد الرموز الثقافية.

أما رواية «العصر الحديدي» فإنها «رواية تنقل تجربة الصراع العنصري في جنوب افريقيا وكيفية تضامن البيض مع السود، ليس بطريقة مباشرة، بل عن طريق شخصية محورية هي المرأة الساردة التي تغامر بحياتها وتتعاطف مع السود. والجميل في الرواية هو أسلوبها الرائع الذي يعطي بعدا انسانيا لقضية العنصرية في جنوب افريقيا، حيث لا يغدو الصراع في الرواية صراعا بين البيض والسود بل هو صراع بين قيم الخير والشر».

ومن جهته يقول الكاتب والناقد المغربي ابراهيم الخطيب أن أهم ما قرأه خلال هذا العام هو كتاب «عشت لأروي» السيرة الذاتية لكابرييل غارسيا ماركيز في طبعته العربية الصادرة عن دار البلد بدمشق. ويضيف «ينفتح الكتاب على عبارة مثيرة «ليست الحياة ما عاشه المرء، لكن ما يتذكره وكيف يتذكره لكي يرويه». في هذه العبارة نستطيع تبين مستويات السرد في هذا الكتاب: الماضي كما عيش والماضي كما يتم تذكره، ثم الماضي كما يعاد خلقه من طرف من يرويه. والواقع أن الكاتب في تضاعيف هذه السيرة الذاتية يتأمل العلاقة بين ما حدث وبين ذكرياته عن ذلك الحدث. وفي بعض الأحيان يلاحظ أن الحنين يمحو الذكريات الجميلة، وهذا يعني أن هنالك ذكريات لا تتطابق تماما مع معيش الكاتب، بحيث يغدو ثقل الذاكرة كبيرا الى درجة الحيلولة بينه وبين تصوير الحاضر. إن الظن بأن ما يروى أكاذيب أو حقائق عيشت بطريقة أخرى لا يعتبر هاما إذا ما اعترفنا بموهبة الكاتب كروائي بارع. إن ماركيز لا ينفي صلاحية بناء ذكريات الماضي كما حدثت بالضبط، لكنه يعتقد أن ذلك من صميم عمل الصحافي وليس كاتب السيرة الذاتية. إنه من المعروف أن المذكرات ليست مصادر موثوقا بها بالكامل من طرف المؤرخين، وسيرة الكاتب الكولومبي التي بين أيدينا تؤكد هذه القاعدة. وفي هذا الصدد يمكن اعتبار أدبه كله مقاربة للمعيش من زاوية التخييل».

ويقول الباحث المغربي المتخصص في أدب الرحلات شعيب حليفي أن من أهم ما قرأه خلال هذا العام ثلاث اصدارات هي: أولا كتاب «الرحلة الأروبية للحجوي» التي حققها الباحث المغربي سعيد الفاضلي وصدرت هذا العام ضمن منشورات «ارتياد الآفاق» بأبو ظبي. وهذه الرحلة هي نص كتب عام 1919 ويقدم صورة في الرغبة عن التمدن والتحديث والتطلع الى التغيير. وهو يؤسس لفكرة النهضة بالمغرب والتي أجهضت فيما بعد. وهذا الكتاب دفعني لقراءة أطروحة هامة لآسية بنعدادة عن الحجوي. وثانيا رواية «لهو الأبالسة» للكاتبة المصرية سهير المصادقة الصادرة هذا العام عن دار ميريت للنشر. وصاحبة هذا النص كاتبة موهوبة، وروايتها هذه، التي هي ربما أول اصدار لها، ذات حس ابداعي تقدم فيها الكاتبة صورة الذات من زوايا متعددة. وفي القراءة تقدم لك دلالات تختلف مع كل قراءة جديدة، مما يكشف أن عالم الابداع الروائي ما زال بامكانه تقديم الشيء الكثير. وثالثا الترجمة الجديدة والطبعة الجديدة لـ«دون كيخوتي» لسرفانتيس الصادرة هذا العام عن المجلس الأعلى للثقافة بمصر. وما دفعني لقراءة هذا العمل مرة أخرى هو قدرة الكاتب على توليد حكايات، إذ أنه مع كل قراءة لا بد أن أعود لنصوص أخرى من التراث الكلاسيكي الانساني من بينها: «ألف ليلة وليلة» و«لا زاريو دي تورميس».

ويذكر الباحث المغربي عبد الرحمان طنكول رئيس «بيت الشعر في المغرب» أن لديه اهتمامات كثيرة ومتشعبة تصب في مختلف حقول المعرفة والابداع، وأن القراءة في هذا المجال تتم باللغتين العربية والفرنسية وأحيانا بالانجليزية. وأشار الى أن من بين الكتب التي قرأها هذا العام بشغف وتفاعل معها الكتاب الأخير للشاعر دومينيك دو فيلبان وزير الخارجية الفرنسي«FEUX ELOGE DES VOLEURS DE» الذي يمكن ترجمته بـ«مديح سارقي النار»، بالاضافة الى الكتاب الذي نشره «بيت الشعر في المغرب» بعنوان «استعجال الشعر»، وآخر كتاب صدر لمحمد خير الدين بعد موته وهو عبارة عن مذكرات بعنوان «LE DERNIER JOURNAL». ومن الأشياء الجميلة التي قرأتها هذا العام أيضا ديوان «N"ETRE» للشاعر المغربي محمد الواكيرة، وديوان «المستحمات» للشاعر المغربي حسن نجمي وديوان الشاعر المغربي محمد السرغيني «فاس أقصى درجات الاحتيال» الذي سبق وقرأته باللغة العربية. وهذا العام قرأت ترجمته الى الفرنسية، ثم الديوان الأخير للشاعر المغربي محمد بنطلحة. هذا بالاضافة الى بعض الأبحاث الفلسفية والأبية ككتاب «فلسفة ادمون جابيس» لمحمد الخطابي وادريس كثير، وكتاب «مسالك القراءة» لأحمد شراك.